|
|
كلية البابا شنودة الثالث الإكليريكية بشبرا الخيمة |
|
الكتب المقررة على الكلية الإكليريكية |
ترتيب حسب السنة الدراسية
ترتيب حسب المادة
تنظيم الأسرة من وجهه نظر إلهية
قد يتسائل البعض عن رأى المسيحية في تنظيم الاسرة ، وهل هذا تدخل في ارادة الله ؟ أو معارضة للطبيعة الانسانية ؟ أو عدم ايمان بأن الله قادر أن يرعى مواليدنا مهما كان عددهم ؟ وهل هو مجرد مجاملة للدولة ؟ وهل يعنى ذلك التناقص المستمر في عددنا كمسيحيين مما قد يهددنا بالانقراض !؟ وهل في التناسل بلا حدود نوع من تجربة الله ؟ وما هو الموقف من الآية ( ما يزرعه الانسان اياه يحصد ) . أذن أن كنت لا تريد اولاد " فلتمتنع عن العلاقة الزوجية " ( وماذا عن أونان الذى كان يفسد في الارض حتى لا تحبل امراته ( تك38 : 6 – 10 ) فأماته الرب ، هل لانه منع الحمل أم لانه رفض أن يقيم نسلا لاخيه . انها تساؤلات كثيرة حول قضية يومية وهامة . - أن تنظيم الآسرة يقصد به ان تنظيم الاسرة انجابها للاطفال حسب ظروفها الاقتصادية والاجتماعية وحسب قدرتها على القيام بمسئوليتها نحو رعاية ابنائها روحيا واقتصاديا واجتماعيا حتى يتم تربية هؤلاء الاطفال تربية صالحة أن وعى الاسرة بمسؤليتها تجاه ابنائها امر ضرورى ، وهذا هو جوهر قضية تنظيم الاسرة بالكنيسة . أن وجود الضرورة التى تجعل الاسرة غير قادرة على التربية المتكاملة للابناء هو سبب هام لقبول مبدأ تنظيم الاسرة ، ومن أهم الآسباب التى تجعل مبدأ تنظيم الاسرة مقبولا هو الانفجار السكانى الذى يهدد مستقبل بلادنا يجعلنا ككنيسة وطنية تخلص لبلدها ووطنها ان تتصدى لهذه المشكلة التى تهدد بنسف كل مشروعاتنا واقتصادنا القومى ، ولهذه الضرورة العامة نحن ككنيسة نوافق على تنظيم الاسرة من جهة المبدأ .
أهداف الزواج المسيحى : -1 – من اهداف الزواج المسيحى " الانجاب " ولكن ليس الانجاب هو الهدف الوحيد للزواج فالزواج المسيحى يستمر حتى لو لم ترزق الاسرة بابناء فالعقم ليس سببا من أسباب الطلاق في المسيحية . 2 – اتحاد الحب الروحى : وهو الهدف الاول من الزواج ( ان يصير الاثنان واحدا ) ( مت19 : 5 ) وهذه الوحدة هى بفعل الروح القدس العامل في سر الزيجة المقدس ( ما جمعه الله لا يفرقة انسان ) . ( مت19 : 6 ) والزواج شركة حب روحانى مقدس يتسامى فوق التقلب والشهوة الحسية التى تزيل بمرور الوقت . 3 – التعاون في الحياة : قال الرب ( ليس جيدا ان يكون آدم وحده فاصنع له معينا نظيره ) ( تك2 : 18 ) وكعالم بأعماق الطبيعة الانسانية أراد الله ان يشعر ىدم بحاجته الى آخر و كذا خلق له " حواء من نفس كيانه ، من جسده " لتقوم بدورها معه في الحياة في شركة تعاون مؤسسة على الحب الروحانى . 4 – خلاص النفس : لاشك ان هذا من اسمى اهداف الزواج المسيحى ، فالمهم أن يخلص الانسان في النهاية ، والزواج المقدس يساعد الانسان في ضبط مسار حياته الروحية فتشبع غرائزة بطريقة مقدسة : الجنس ، والابوة ، والامومة . وهكذا يساعد الزواج في الحماية من الغواية والخطيئة . 5 – استمرار النوع الانسانى : لاشك ان ثمرة الزواج انجاب الاطفال ، وهو هدف مقدس ومبارك حيث يستمر من خلاله النوع الانسانى وتتعاقب اجيال البشر وفي هذه الاجيال البشرية تقدم الاسرة المسيحية ابنائها القديسين والقديسات وبذلك تزداد قائمة هؤلاء القديسين والقديسات في السماء ويسعدون بفاديهم ومخلصهم . غير انه بخلاف النقاط التى اوضحنا فيها اهداف الزواج المسيحى نضع النقاط التاليه الهامة لنلقى الضوء على جوانب اخرى لهذا الموضوع : + النسل بركة من الله فالله بارك نوحا وبنيه وقال ( اثمروا واكثروا واملأوا الأرض ) ( تك9 : 1 ) والله ابرك ابراهيم قائلاً ( فاجعلك أمة عظيمة واباركك واعظم اسمك ) تك12 : 2 ووعده ( ان يكون نسله كتراب الأرض وكنجوم السماء ) تك14 : 16 ، تك15 : 5 وأيضاً قال له ( واجعلك أبا لجمهور كثير ) تك17 : 5 ( والبنون هم ميراث من الرب ) ( مز127 : 3 ) ولكن ليس اى نسل هو بركة من الله فالله الذى بارك ابراهيم بركات النسل ووضع لذلك شروطا ( اما انت فتحفظ عهدى انت ونسلك من بعدك في اجيالهم ) . ( تك17 ) . + من نسل اسحق اختار الله يعقوب ، النسل الصالح والابناء الخائفون الله هم الميراث وهم البركة التى تنالها الاسرة من الله . ولكننا نرى ان اسرة عالى الكاهن لم تنل بركة بسبب ابنائه الاشرار " 2صم 2 : 27 – 35 " . + تنظيم الاسرة لايتعارض مع الطبيعة : فالله وضع تنظيما طبيعيا للنسل في الانسان . فالمرأة تتوقف عن القدرة على الانجاب عند سن معين ، كما ان فترة الخصوبة في المرأة فترة محددة يمكن للمرأة فيها الانجاب وفى باقى الاوقات لا يمكنها الانجاب . + تنظيم الاسرة لا يتعارض ارادة الله : مما سبق نرى ان الله وضع مبدأ تنظيم النسل كأمر طبيعى والانسان بمعرفته لهذه الحقائق العلمية استطاع ان يستخدمها كوسيلة طبيعية لتنظيم الاسرة وبنفس القياس استخدم الانسان الاكتشافات العلمية من الادويه والاجهزة الطبية والعمليات الجراحية التى تؤدى الى اطالة متوسط عمر الانسان لا يتعارض مع ارادة الله + يذكر البعض قصة " اونان بن يهوذا " تك38 : 6 – 10 كدليل على رفض مبدأ تنظيم الاسرة ولكن الواضح من القصة ان " اونان " ( كان يرفض ان يكون نسلا لاخيه ) تك38 : 9 الله امات " اونان " لسبب رفضه السير حسب الشريعة التى اعطاها الله لبنى اسرائيل في ذلك الوقت . + الكنيسة توافق على تنظيم الاسرة من جهة المبدأ طالما توجد ضرورة لذلك وبشرط ان تكون وسيلة تنظيم الاسرة : - 1 – لا تسبب ضرراً يهدد صحة الام . 2 – لا تسبب قتل للجنين " اجهاض " . 3 – ان لا يتم تنظيم الاسرة ببتر أو اجراء جراحة يقصد بها بتر او نزع عضو من اعضاء جسم الانسان دون وجود ضرورة حتمية لذلك . + ان الضمير المسيحي يرفض ان نعيش حياة اعتمادية على الدولة ان نسهم بدورنا في الانتاج ، الانسال المعقول نحن لا نجامل ، الحكم ولكننا نخاطب الضمير المسيحى والضمر الانسانى في ان يتصدى الميع لهذه المشكلة كواجب حتمى حبا فى وطننا وذلك لارتباطنا المصيرى بهذه الارض . + ان نشر الوعى الصحى والتربوى وكذا الاهتمام بنشر الثقافة ومحو الاميه مسئولية هامة يجب ان يسهم كل قطاعات المجتمع وكذا الافراد لان الفقر وانخفاض مستوى المعيشة الثقافى عوامل خطيرة تسهم في زيادة النسل بصورة رهيبة وهذه الزيادة بدورها يهدد الاقتصاد القومى . + ان الضرورات الخاصة مثل وجود المرأة المعاصرة العاملة خارج المنزل في عملها الذى يستغرق منها اكثر من نصف اليوم ، وكذلك جهد التربية المطلوب للابناء ، سواء التربية الروحية الايمانية ، أو التربية السلوكية ، وكذا الجهد المطلوب لتنظيم حياة ابناء المدرسية والتعلمية والاجتماعية والصحية ، وكذا الجهد الاقتصادى للاسرة التى يشقى فيها عائلها في معظم الاحيان في عملية مع عمل الزوجة لتسديد احتياجات الحياة اليومية ، ومصروفات المدارس والتعليم ، ومصروفات الغذاء والملبس ، كل هذه الضرورات تجعلنا نقبل ككنيسة فكرة تنظيم الاسرة من حيث المبدأ كما ذكرنا . + ما دام الطب يحاول علاج " العقم والعقر " لدى الرجل والمرأة ولا يعتبر ذلك ضد ارادة الله فلماذا نعتبر تنظيم الاسرة ضد ارادة الله . وسائل تنظيم الآسرة : ** هناك وسائل كثيرة لتنظيم الاسرة نورد بعضا منها تاركين التفاصيل العمليةو لأهل التخصص : - كيف يحدث الحمل : - * يفرز المبيضان بويضة كل شهر بالتبادل . * تلتقط الاهداب الموضوعة عند قمع " قناة فالوب " البويضة " ويبدأ تكوين " الخلية الأولى للجنين " . * تتدغم البويضة المخصبة " النواه الأولى للجنين " فى بطانة الرحم لتكون جنينا بعد ذلك . * تبدأ المشيمة في افراز الهرمونات التى كان المبيض يفرزها قبلا وذلك يمنع التبويض " الاباضة " مما يتسبب في توقف الدورة الشهرية اثناء الحمل . * اذا لم يحدث اخصاب البويضة في " قناة فالوب " تسير نحو الرحم ثم تندفع الى الخارج مع بطانة الرحم التى تضعف وتتقشر وتنزل مع بعض الدماء " الدورة الشهرية " والسبب ان عدم الاخصاب ينتج عن انخفاض هرمون " البروجستيرون " المسئول عن تثبيت بطانة الرحم تحسباً للاخصاب والحمل . * يبدأ المبيض الاخر في العمل لتنمو بويضة جديدة يفرز منها هرمون " الاستروجين " الذى يبدأ في تكوين بطانة " البروجستيرون " الذى يثبت بطانة الرحم انتظارا للاخصاب ، فاذا لم يحدث اخصاب تقل نسبة " البروجستيرون " فتضعف بطانة الرحم وتنزل مع البويضة غير المخصبة وبعض الدماء … وهكذا . أولاً : وسائل منع الحمل للسيدات :-( أ ) الوسائل التقليدية " غير المضمونة " : - 1 – الجمع المقطوع " اى عدم وصول السائل المنوى الى الرحم " . 2 – الرضاعة تقلل احتمالات الحمل ولكنها غير مضمونة . 3 – فترة الامان : في الفترة ما بين دورتين شهريتين توجد ثمانية ايام خصبة تكون بها البويضة قابلة للتلقيح حيث يمكن ان يتباعد الزوجان ولا يحدث حمل فتكون فترة الامان كما يللى :
ولكن تكمن المشكلة في حدوث خطأ في الحساب . ( ب ) الوسائل الحديثة " المضمونة بدرجة جيدة " :- 1 – الاقراص : وهى توقف اشارات المخ لافراز الهرمونات التى تحت المبيض على الاباضة فلا يفرز المبيض بويضات . ولكن يجب اخذ الاقراص تحت اشراف طبى حتى لا تحدث اعراض جانبية او اضرار قد تحدث . 2 – اللولب : وهو عدة انواع يختار منها الطبيب النوع المناسب لكل سيدة على حده . وهو له مميزات كثيرة إذ أنه لا يحتوى على هرمونات ولا يؤثر على الرضاعة . ولكن الطبيب المتدين ينصح بالآضافة لاستخدام اللولب استخدام وسيلة اخرة مثل : * فترة الامان . * وسيلة موضعية أخرى 3 – الحقن : وهى عبارة عن هرمون " البروجستيرون " بتركيز معين تتصرف بمعدل ثابت يوميا بالجسم لمدة ثلاث شهور وهى اقل ضررا من الاقراص ولكن يجب ان يكون ذلك ايضا تحت الاشراف الطبى . 4 – الوسائل الكيمائية : من مراهم او وسائل موضعية للسيدات تقتل الحيوانات المنوية . 5 – ربط قناتى فالوب : بموافقة الزوجين خصوصا بعد اجراء اكثر من قيصرية او الاكتفاء بعدد معين من الاولاد . ثانيا : وسائل منع الحمل للرجال : 1 – الواقى الذكرى 2 – هرمونات تمنع تكوين الحيوانات المنوية * ملحوظة هامة : + تمنع الكنيسة نهائيل " الاجهاض " لانه قتل للجنين ولان هذا يخالف وصية الكتاب المقدس القائلة ( لاتقتل ) وايضاً : تحرم الكنيسة الاجهاض حتى ولو لعلاج مشكلة " مثل حمل الفتيات اللائى يغرر بهن فلا يمكن علاج مشكلة بخطأ . * طفل الانابيب ** فكرة طفل الانابيب : ان فكرة طفل الانابيب تعتمد على اخذ البويضة من الزوجة بعد اجراء فحوص طبية تؤكد سلامة جسمها ومبيضها ومعرفة موعد التبويض وفحص الدم وملاحظة درجة حرارة الجسم عند خروجها من المبيض بواطة " مسبار " خاص يدخله الطبيب في جوف البطن تحت التخدير الكلى عند موعد خروج البويضة من المبيض فيلتقطها ثم يدعها في طبق ، يدعى طبق " بيترى " وليس في انبوب كما هو شائع وفى هذا الطبق سائل فسيولوجى مناسب لبقاء البويضة ونموها . ثم يؤخذ السائل المنوى من الزوج بعد 4 : 6 ساعات ويوضع في الطبق مع البويضة ، وحين يتم تلقيح البويضة بأحد الحيوانات المنوية " وذلك يتم مشاهدته بالميكروسكوب " تترك هذه البويضة الملقحة لتقسم انقساماتها المتتالية ثم تتحول الى ما يسمى بالكرة الجرثومية ، ثم توضع هذه الكرة في جدار الرحم حيث تتغرز فيه وتنمو نمو الحمل الطبيعى حتى الولادة . والمدة التى يتلقى فيها البويضة في الطبق لا تعدو يومين او ثلاثة ، وفى حوالى 90 % من الحالات يلفظ الرحم الجنين أذ ينقبض بشدة حينما يت زرع البويضة المخضبة " الكرة الجرثومية " الجنين الصغير " داخله الامر الذى يستدعى المهارة والدقة ، كما ان نجاح غرس الجنين في الرحم لا يمنع اجهاضة في الثلاثة اشهر الاولى في 22% من الحالات ، ويزداد احتمال الاجهاض بزيادة عمر المرأة . اسباب اللجوء لفكرة اطفال الانابيب : * يلجأ الاطباء لاخصاب البويضة عن طريق الفكرة السابقة للاسباب التالية : 1 – انسداد قناة فالوب وهى القناة التى تربط الرحم بالمبيض وتنتهى باهداب لانه فى الاوضاع الطبيعة يلتقى الحيوان المنوى بالبويضة في منتصف قناة فالوب ويلقحها ثم تتجه البويضة الملقحة بعد انقسامها الى الرحم وتتفرز فيه " كما سبق شرحه " يوم الولادة . أن انسداد قناة فالوب يمنع تلاقى الحيونات المنوية القادم من تجاه الرحم مع البويضة القادمة من المبيض ، ولذا كل ما يفعله الطبيب ان يمنع هذا العائق ، وهو ان يجمع الحيوانات المنوية مع البويضة في طبق خارجى ثم يزرع الجنين مرة اخرى . 2 – قلة الحيوانات المنوية : بحيث لا تزيد عن مليون او ربما أقل مع فشل محاولات التلقيح الصناعى الداخلى . 3 – افرازات عنق الرحم العادية للحيوانات المنوية مما يسبب هلاكها وقد ينتج في هذه الحالات التلقيح الاصطناعى الداخلى فأذا فشل نلجأ الى التلقيح الاصطناعى الخارجى " طفل الانابيب " 4- انتباذ بطانة الرحم : حيث تظل الانابيب مفتوحة لكن عملها قد يتعطل وتكون نسبة النجاح 20% حينما نلجأ لفكرة الانبوب . 5 – حالات العقم غير معروفة السبب : فرغم كل الفحوصات في المراكز المتقدمة تظل بعض الحالات للعقم غير معروفة السبب ونسبة نجاح طفل الانابيب هنا ممكنة . + طفل الانابيب من وجهة نظر كنيسة :-الموضوع بسيط وهو ان الاطباء يزيلون عائق تكوين خلية مخصبة " زيجوت " ولكن بالشروط التالية : 1 – حيوانات منوية من الزوج وبويضة من الزوجة وليس احدهمت من مصدر أخر . 2 – لا يحدث قتل للجنين مهما كان صغير وهنا لا يرفض الدين " الكنيسة " هذا العمل الطيب الذى يزيل كثير من المشاكل الاسرية وكذا يحفظ الترابط الاسرى . 3 – لا تعارض الكنيسة اى علاج طبيعى يقره الاطباء للعقم طالما ان علاج العقم هذا لا يحدث اختلاط انساب أو هناك اى قتل للجنين الصغير . * ملاحظة هامة : - ( 1 ) تفشل حوالى 90% من محاولات طفل الانابيب للاسباب التالية : + عدم المعرفة المحددة لموعد التبويض للمرأة . + اعطاء المرأة عقاقير طبية تجعل المبيض ان يفرز عددا من البويضات في الشهر الواحد وبدلا من بويضة واحدة مع دراسة كاملة لموعد التبويض لادخال المرأة المستشفى في وقت مناسب . + عملية ادخال النظار في تجويف البطن عملية فنية دقيقة لالتقاط البويضات وتحيطها صعوبات كثيرة . ( 2 ) بعد ان يتم شفط البويضات توضع في محلول فسيولوجى مناسب لنموها وتركيب هذا المحلول يحتاج الى مهارة عالية . ( 3 ) مراقبة عملية التلقيح حتى الوصول الى الكرة الجرثومية ، ويتطلب هذا أيضاً دقة الملاحظة والمتابعة الفنية . ( 4 ) عملية اعادة غرز البويضات في الرحم وعادة توضع اكثر من بويضة ملقحة لاحتمال لفظ الرحم الاجنة الصغيرة وهنا ايضاً يكمن خطر ما وهو نجاح اكثر من بويضة ملقحة في الافراز في بكانه الرحم ومن ثم نحصل على عدة توائم ويكمن الخطر هنا على صحة الام والاجنة معا . ( 5 ) قد يترك الطبيب عدد من البويضات بحيث اذا فشلت المحاولة الاولى يضع بويضات ملقحة اخرى دون اللجوء الى عملية شفط البويضات والتجهيزات السابقة والبويضة الملقحة جنين صغير وتركه للموت يكون شبيه بالاجهاض . * ان اهم مشكلتين يجب الاحتياط منهما في نظر الكنيسة هما : -1 – ان تكون الحيوانات المنوية من الزوج والبويضة من الزوجة 2 – ان لا يتم التخلص من الاجنة الصغيرة لان الخلية الاولى من الجنين تحمل كل ملامح الطفل المنتظر . * انحرافات محتملة *1 – ان تكون الحيوانات المنوية ليست من الزوج انما من شخص آخر وكذا البويضة . 2 – ان يتم تلقيح امرأة متبرعة اصطناعيا بسائل الزوج وبعد خمسة ايام يغسل الطبيب الرحم ثم يعثر على البويضة الملقحة فيزرعها في رحم الزوجة العقيمة . 3 – ان يتم حقن السائل المنوي للزوج في امرأة أخرى تحمل وتلد ثم تتنازل عن الطفل للزوج الذى يدفع ثمنا لهذا وكثيراً ما تحدث مشاكل قضائية . 4 – ان تتم العمليات السابقة للزوج ولكن بسائل لرجل غريب وليس الزوج لانه عقيم 5 – احيانا تكون البويضة من امراة غير الزوجة " والحيوان المنوى من الزوج والرحم يستأجر من امرأة ثالثة ويكون لهذا الطفل ثلاث امهات . 6 – قد يكون الزوج عقيما فتؤخذ الحيوانات المنوية من رجل آخر ويكون لهذا الطفل ابوين . * وبهذا يقودنا التلقيح الصناعى الى انحرافات كثيرة منها :-1 – ان تتحول ارحام النساء الى وسيلة تجارة مستخدمين المنى المحفوظ لسائل رجل واحد ويمكن تلقيح مائن امراة . 2 – اختلاط الانساب اذ تكون صاحبة الرحم المستعار ام او اخت الزوجة فتكون ام الطفل هى خالته او جدته . 3 – اختلاط الانساب حيث لا تعرف اصل او مصدر الحيوان المنوى او البويضة . 4 – طفل مولود من زوج ميت " ابن المرحوم " حيث استخدم سائل منوى محفوظ " لرجل مات " لتلقيح زوجته الحية . 5 – حمل طبيعى للام المستعارة : فبعد ان اتفق الزوجان على استئجار رحم امراة أخرى مقابل 8000 دولار حملت المرأة حملا طبيعيا من زوجها وثبت ان الطفل فعلا هو منها وزوجها وليس من البويضة المزروعة ولما ولد الطفل وحدث النزاع سلمت المرأة الطفل للزوجين الاولين محتفظة بالنقود . 6 – وجود بنوك لتجارة المنى لتختار اى امراة ما تريد من الصفات الوراثية من هذا المنى او ذاك . 7 – شركات تاجير الارحام لزراعة الاجنة فيها ، وماذا عن الامومة وعن سيرطة المادة على النزعة الانسانية ؟ 8 – تلقيح المحارم : اذا استخدم منى الزوج لتلقيح نساء محرمات عليه شرعا كشقيقتة او خالته . 9 – تلقيح غير المتزوجات بهذا يمكن ان المراة عن رجل وتلد طفلها مستخدمة بنوك المنى . 10 – اختيار جنس الجنين اذ تطلب المراة من لرجل يحمل صفات الرجولة او الانوثة لتحصل على جنين ذكر او انثى كما تريد وفي هذا احتمال للتدخل في التوازن الطبيعى بين الذكور والاناث . 11 – احتمالات الاصابة بالايدز او الآمراض الوراثية اذا كان المنى يحمل هذه الامراض . * اذن ترفض الكنيسة " الدين " :-1 – استخدام منى من مانح غير الزوج . 2 – استخدام بويضة من مانحة غير الزوجة 3 – استعارة رحم فيه خلط للانساب . 4 – استعارة رحم فيه خلط للانساب . 4 – استخدام جنين مجمد بعد موت الزوجين . * المقبول من الكنيسة " الدين " : -1 – المنى من الزوج والبويضة من الزوجة مع قيام حياة الزوجين . 2 – ان لايحدث قتل للاجنة الاختياطية " والاطمئنان على هذه النقطة صعب للغاية " لكن المبدا قائم أذا كان الاطمئنان ممكناً . * زراعة الاعضاء * مع التطور العلمى الحديث يواجه الانسان متغيرات اجتماعية عديدة تؤثر على حياته وتضعهامام عدة تساؤلات لا يستطيع في كثير من الاحيان ان يجيب عنها بمفرده وعندما تمس هذه التساؤلات ضميره فانه يحتاج الى رأى الدين حتى يتخذ الموقف الذى يستريح له ضميره . اننى سوف اجتهد ان اقدم رايا كنسيا في بعض القضايا الاجتماعية المعاصرة بدون الادعاء اننى اقدم راى الكنيسة ويسعدنى تلقى تعليقات وتساؤلات القراء الاعزاء ، وسوف ابدأ بقضية زراعة الاعضاء . يتكون جسم الانسان من مجموعة من الاعضاء بعض هذه الاعضاء تعتبر اعضاء حيوية اى لا يمكن ان تقوم حياة الانسان بدون هذه الاعضاء مثل " الكبد ، والمخ ، والقلب ، والرئتين ، والكليتين ، والبنكرياس " فالانسان بدون عينين ولكنه لا يستطيع ان يحيا بدون الكبد وتوجد بعض الامراض تؤدى الى الفشل الوظيفى لعضو او اكثر من الاعضاء الحيوية في الانسان ، مما يؤدى الى وفاته . مع التقدم العلمى في مجال الجراحة والتخدير وعلم المناعة وغيرها امكن للعقل البشرى ان يتغلب على مشكلة الفشل الوظيفى للكثير من الاعضاء الحيوية عن طريق نقل عضو حيوى سليم من انسان مريض بالفشل الوظيفى لهذا العضو الحيوى . صرنا نسمع عن زراعة القلب والكبد وغيرها وقد امكن بذلك انقاذ حياة الكثيرين الذين كانوا في عداد الموتى لكن في الوقت الذى فتحت فيه زراعة الاعضاء ابواب الامل امام الكثيرين فانها احدثت العديد من التساؤلت من بينها : 1 – هل التدخل لانقاذ حياة الانسان هو تدخل ضد اردة الله ؟ يقول قداسة البابا شنودة الثالث " انقاذ حياة الانسان امر لا يتعارض مع الدين واستخدام العلم من اجل حياة الانسان لا يتعارض مع الدين كذلك . فالعلم نفسه هبه من الله ، والعقل البشرى هبه من الله ويمكن استخدامه للخير وليس للشر " . فالتقدم العلمى في هذا المجال هو ثمرة للعقل الذى وهبه الله للانسان ، والله اعطى الانسان العقل ليستخدمه لخيره ولحياته . كما انه ليس فقط زراعة الاعضاء التى تنتقذ حياة الكثيرين بل ان اكتشاف بعض الادوية " المضادات الحيوية كمثال " انقذ حياة الملايين من المصابين بأمراض كان يعتبر المصابون بها فيما قبل في عداد الموتى ، يضاف الى ذلك ان زراعة الاعضاء لا تضمن حياة للمريض بعد زرع العضو فالامر في النهاية هو حسب ارادة الله . 2 – هل يجوز لانسان ان يبيع احد اعضائه ؟ اعطى الله لجسد الانسان كرامة خاصة " الستم تعلمون ان اعضائكم هى اعضاء المسيح " ( 1كو12 : 15 ) " ام لستم تعلمون ان جسدكم هو هيكل للروح القدس الذى فيكم الذى لكم من الله " ( 1كو12 : 19 ) ، فأعضاء الانسان ليست للبيع والشراء فهى ملك الله ، لكن يدعونا ان نحب بعضنا بعضا وان تكون محبتنا محبة عملية " لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق " ( 1يو3 : 18 ) ، وقمة المحبة هى بزل الذات من اجل الآخرين " ليس لاحد حب اعظم من هذا ان يضع احد نفسه لاجل احبائه " ( يو15 : 13 ) ، فان كان لايجوز للانسان ان يبيع عضوا من اعضائه للحصول على مبلغ من المال فان تبرع انسان بعضو من اعضائه لانقاذ حياة مريض هو عمل نبيل . + يقول قداسة البابا شنودة الثالث : " فان كان الحب يمكن ان يصل الى البذل والبذل يمكن ان يرتفع الى مستوى بذل الذات فالذى يبذل نفسه من اجل الآخرين ما اسهل ان يبذل عضوا من اعضاء جسده من اجل الاخرين " 3 – هل يجوز لمسيحى ان يتبرع بعضو من اعضائه لشخص غير مسيحى ؟ التبرع بالاعضاء هو عمل محبة يرتفع الى مستوى البذل ، والمحبة المسيحية عميقة لا تعرف حدودا ولا يعوقها اختلاف في الدين او العقيدة او الوطن . فالمحبة المسيحية التى تدفع الانسان للتبرع بعضو من اعضائه تنظر الى احتياج المريض بدون النظر الى عقيدته او دينه .
4 – هل نقل عضو من ميت هو امر ضد كرامة الانسان ؟ + يقول قداسة البابا شنودة الثالث : اعضاء الانسان بعد الموت كلها يأكلها الدود وتتحول الى تراب ، فمن الخير ان ينتفع انسان بعضو من اعضاء شخص انتقل من عالمنا الحاضر ليحيا بهذا العضو بدلا من ان ياكله الدود ويتحول الى تراب " ان وجود هدف نبيل من نقل عضو من الميت يجعل الامر كرامة للميت وليس العكس . يضاف الى ذلك انه حاليا يتم تشريح جسد الميت تعليمية " . في كلية الطب " او لاغراض قضائية " فى حالة الشك في وجود سبب جنائى للوفاة " بدون ان يعتبر هذا التصرف ضد كرامة الميت . وتجدر الاشارة الى اهمية التاكد من موت الشخص قبل نقل العضو ، ولقد اتفق الطب على ان علامة موت الانسان هو موت المخ ، وهذا امر يوافق عليه الدين . كما يجب تشجيع الناس على ان يوصوا باستخدام اعضائهم بعد الوفاة لانقاذ حياة المرضى ونظرا لانه في بعض الاحيان يكون من الصعب على الانسان ان يفكر في الموت ويوصى باعضائه فان بعض الدول اعتبرت ان كل ميت متبرع باعضائه ما لم يوصى بعكس ذلك ويسمى ذلك " التبرع الاعتبارى " وهذا يساعد على انشاء بنوك الاعضاء . 5 – كيف يمكن ان يستفيد الفقراء من زراعة الاعضاء ؟ زراعة الاعضاء مثل الكثير من ثمار التقدم العلمى الحديث امر مكلف جداً مما يجعل العديد من فئات المجتمع تتدرج تحت بند الفقراء بالنسبة للتكلفة العالية لهذه الجراحات في العديد من الدول المتقدمة تغطى مظلة التامين الصحى هذه العمليات ، اما فى بلادنا فالامر يحتاج الى انشاء صندوق خاص لتغطية تكلفة هذه العمليات " ولو جزئيا " بالنسبة للفقراء كما ان انشاء بنوك للاعضاء يمكن من القضاء على ظاهرة تجارة الاعضاء التى تساعد على زيادة تكلفة العمليات . فى مصر تجربة ناجحة في مجال زراعة قرنية العين التى بدأت في الخمسينات من هذا القرن ، فلقد تم وضع تشريع ينظم الحصول على قرنية العين من المتوفين حديثا مما مكن من انشاء بنك لقرنية العين . ولقد ساعد انشاء هذا البنك على تقديم قرنية العين باسعار في متناول العديد كما يقوم البنك بتزويد المستشفيات الجامعية بقرنيات مجان لعلاج المرضى الفقراء . * موت المخ * ان سألت مجموعة من الاشخاص العاديين ما هى علامة وفاة الانسان ؟ لا تفقت اجابتهم . اما اذا اسألت نفس السؤال لمجموعة من الاطباء و العلماء ورجال القانون في بلد متقدم مثل امريكا لاحتاجوا الى عقد ندوة وقد يتفقون او لا يتفقون في النهاية . ان التقدم العلمى جعل الراى الشائع الذى يحدد وفاة الانسان بتوقف التنفس ونبضات القلب امرا يخالف الواقع العلمى و العلمى ، ومن اشهر الامثلة العملية : - مثل المريض في غرفة الانعاش الذى يوضع على الاجهزة الطبية التى تجعل القلب ينبض والتنفس مستمرا مما يجعل الانسان حسب الراى الشائع لتحديد الوفاة ضمن الاحياء ، بينما من الناحية الطبية والعملية هو انسان ميت ، اذ بمجرد نزع هذه الاجهزة يتوقف القلب فورا عن النبض كما ان استمراروضع المريض على الاجهزة الطيبية لا يؤثر على تقدم حالة المريض . - التقدم العلمى جعل تحديد وفاة الانسان امرا اكثر تعقيدا من مجرد توقف نبضات القلب وحركة التنفس ، فنزع الاجهزة الطبية عن المريض فى غرفة الانعاش لابد ان يسبقه اعلان اكيد لوفاة المريض والا نكون امام جريمة قتل . لذلك يتجه العالم حاليا لتحديد وفاة الانسان بموت المخ .
ما معنى موت المخ ، وما هى علاماته ؟المقصود بموت المخ هو توقف المخ تماما عن العمل نتيجة تدمير خلاياه تدميرا كاملا فقد يتوقف المخ عن العمل لفترة مؤقته مثل حالات الغيبوبو ، او تتوقف بعض وظائفه ولكن هذا لا يعنى موت المخ ، لقد وضع الاطباء علامات اكلينيكية يمكن بها اعلان موت المخ ، ومن اشهر هذه العلامات ما وضعته كلية الطب بجامعة هارفارد الامريكية التى تسمى معايير هافرارد لتحديد وفاة المخ ، وهى تشمل ان يعلن الكشف الطبى على المريض الآتى : 1 – عدم الاحساس او الادراك . 2 – عدم الاستجابة للمؤثرات . 3 – عدم وجود اى حركات تلقائية ، ومنها التنفس التلقائى . 4 – عدم وجود اى فعل انعكاسى . 5 – ان تكون هذه العلامات مستمرة لمدة لا تقل عن 24 ساعة . 6 - ان يتم تأكيد نتائج الكشف الاكلينيكى برسم المخ الذى يظهر باستمرار عدم وجود ايه وظائف للمخ خلال فترة 24ساعة . لقد وجدت هذه المعايير قبولا فى الاوساط الطبية واعتبر وجودها دليلا قاطعا على توقف المخ تماما ونهائيا عن العمل بسبب تدمير خلاياه ، واعتبر الاطباء انها سبب قاطع لاعلان وفاة المريض . * لا يفوتنا ان نذكر ان هناك فرقا بين موت المخ " بمعنى توقف جميع وظائفه " وفقدان العقل فالانسان الذى يفقد عقله هو كائن حى فقد بعض وظائف المخ ولكن ليس كلها فهو لا يزال يدرك ، ويحس ، ويتحرك ، ويتنفس ... الخ . * الوضع القانونى :-يحدد القانون المصرى القائم الوفاه بتوقف نبضات القلب نهائيا وكذلك العديد من بلاد العالم ففى امريكا مثلا تحدد الوفاه في قوانين اغلب الولايات الامريكية بتوقف نبضات القلب والتنفس نهائيا ، ولقد قامت مؤخرا ثمانية عشر ولاية بتغيير قوانينها ليكون تحديد الوفاه اما بتوقف نبضا القلب والتنفس نهائيا ، او توقف وظائف المخ توقفا تاما . ان قصر تحديد الوفاه بتوقف نبضات القلب يوجد وضعا قانونيا لا يواكب التقدم العلمى ويجعل نزع الاجهزة الطبية عن المريض الذى توقف قلبه عن العمل جريمة قتل من الناحية القانونية لذلك يطالب الاطباء بتغيير القانون ليواكب التقدم العلمى في الوقت نفسه فان تحديد الوفاه بموت المخ سوف يفتح المجال امام الاستفادة بنقل الاعضاء من المتوفيين حديثا ، وهناك فارق زمنى بين توقف المخ تماما عن العمل " الوفاه " وتحلل الاعضاء والخلايا . * الوضع الدينى : -الموت حسب المفهوم الدينى هو انفصال الروح " النفس " عن الجسد الله خلق الانسان من تراب واعطاه نسمه حياة وعندما يستعيد الله نسمة الحياة يعود التراب الى التراب ( وجبل الرب الاله ىدم ترابا من الارض ونفخ في انفه نسمة الحياة فصار آدم نفسا حية ) تك2 : 7 " نفخ الله فى آدم نسمة حياة ، بث فيه مظاهر الحياة فصار آدم نفسا حية " من ادراك واحساس ، وحركة ، وتنفس ، ووظائف لجميع اجهزته . والموت معناه انه يعود الى تراب " لانك تراب والى التراب تعود " ( تك3 : 11 ) اى تتوقف مظاهر الحياة باستعادة الله لنسمة الحياة التى اعطاها الله للانسان . لذلك فانه ان كان من الصعب تحديد لحظة دخول او خروج نسمة الحياة للانسان . لان نسمة الحياة او الروح امر غير مرئى ولكن يمكن تحديدها بالمظاهر المترتبة على ذلك . فتوقف مظاهر الحياة هو دليل على انفصال الروح عن الجسد ومظاهر الحياة فى الانسان تعتمد على المخ ووظائفه ، فجسم الانسان الحى ليس فقط مجموعة من الاجهزة تعمل ولكن اجهزته تعمل بتوافق وتنسيق كما ان عملها ينبع من كيان الانسان ذاته . والذى يعطى لاجهزة الجسم ان تعمل وتعمل بتناسق هو المخ ، حقا ان بعض اجهزة الجسم قد تستمر في العمل بعد توقف المخ مثل القلب او بعض العضلات ولكن عملها ينبع من كيان الانسان ذاته ، والذى يعطى لاجهزة الجسم ان تعمل وتعمل بتناسق هو المخ ، حقا ان بعض اجهزة قد تستمر في العمل بعد توقف المخ مثل القلب او بعض العضلات ولكن عملها يستمر لفترة محدودة جدا وبدون تنسيق بينها فمثالا قد يحدث لانسان قطعت راسه ان يستمر قلبه في النبض وعضلاته في الحركة ولكان يعتبر هذا الانسان ميتا عند لحظة قطع راسه وليس بعد ذلك . لذلك يعتبر البعض الموت " موت المخ " وتوقف وظائفه هو قطع للراس من الناحية الفسيولوجية . 1 – ان اعتبار توقف المخ تماما عند آادء وضائفة نتيجة تدمير خلاياه كلها علامات موت الانسان هو امر مقبول دينيا لعدة اسباب . 2 – ان توقف المخ تماما عن اداء وضائفة يصاحبه توقف جميع مظاهر الحياة بالنسبة للانسان وتوقف مظاهر الحياة " معناه " ان نسمة الحياة ( الروح ) التى اعطاها الله للانسان قد فارقته فلم يعد بعد نفسا حية . 3 – استمرار بعض ما يبدو انه مظاهر للحياة بعد موت المخ مثل حركة العضلات او نبض القلب هو امر متوقف لفترة زمنية محدودة جدا لا تغير شيئا من جهة حياة الانسان . 4 – استمرار نبض القلب او حركة التنفس بعد موت المخ نتيجة وضع الانسان على اجهزة طبية هو عملية صناعية لا اثر لها على حياة الانسان بل تلقى عبئا نفسيا وماليا على اهل المتوفى وهى عملية تشابه مع الفارق بالطبع عملية التحنيط التى تحفظ الجثة من التحلل والفساد الذى هو نتيجة طبيعية للموت وقد تظل الجثة محتفظة بشكل الكائن الحى لعدة مئات او الاف من السنوات دون ان يغير ذلك شيئاً من جهة الحياة . ان اعتبار علامة موت الانسان هو توقف المخ عن العمل تماما يساعد فى الحلات التالية : 1 – حالات المرضى الذين هم في غيبوبة وتم وضعهم على اجهزة العناية المركزة واجهزة رسم المخ والتنفس الصناعى لعدة ايام او اسابيع دون تقدم يذكر في هذه الحالة يواجه الاطباء اهل المريض صعوبة اتخاذ قرار رفع الاجهزة عن المريض اننا نقول بضمير مستريح انه طالما ثبت بالدليل القاطع ان المخ قد توقف نهائيا عن العمل فانه يجب رفع هذه الاجهزة عن المريض الذى فارقته الروح . 2 – حالات نقل الاعضاء من المتوفين حديثا فاعتبار علامة موت الانسان هى موت المخ يفتح المجال للاستفادة من نقل اعضاء المتوفين حديثا قبل تحلل هذه الاعضاء . الشخصية من منظور علمى مسيحىمكونات الشخصية الانسانية : اولاً الانسان : المكونات الاساسية للطبيعة الانسانية هى : 1 – الروح : العنصر الذى به يتجاوز الانسان محدوديته ليسير غور اللامحدود ، فالانسان هو الكائن الوحيد الذى يتجاوز ذاته وما يراه وما يعرفه وما يمس به الى عالم الميتافيزيقيا اى " الماورائيات " ماذا وراء المادة والكون والزمن والطبيعة والموت ، انه العنصر الذى من خلاله يعرف الانسان الله ، يكون له اتصال بالحقائق الايمانية وتطلع الى السماء والخلود ، والانسان منذ فجر الخليقة كائن متدين حتى اذا ما اخطأ في معرفة من هو الله ؟ فتصوره قوة كالنار او مصدر حياة فقط كالشمس او غير ذلك من التصورات الوثنية القديمة الا انه في النهاية دائما يسأل عن غير المحدود اساس الكون مصدر الحياة ، معنى الوجود . ماذا وراء الموت ؟ 2 – العقل : وهو عنصر التفكير والاستيعاب والادراك والتعبير والاكتشاف والاختراع ، انه ليس كعقل وزنه لانه عطية الله للانسان ومن خلاله يتامل ويستنتج ومن خلاله يقترب من الالوهة واللامحدودية بالقطع هو محدود يستطيع ان يدرك اللامحدود ولكنه يستيطع ان يستنير بروح الله ليدرك الكثير من حقائق الايمان لأن ( وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها احد ، ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن الا الآب ) مز32 : 13 العقل يبدأ والايمان يكمل دون مصادمة ودون استغناء الواحد عن الآخر ( بالآيمان نفهم ان العالمين اتقنت بكلمة الله ) عب3 : 11 هو كالعين المجردة المحدودة التى تحتاج الى تلسكوب لترى ما هو بعيد وفوق طاقاتها فلا العين تستغنى عن التلسكوب ، ولا التلسكوب يستغنى عن العين . 3 – النفس : وهى عنصر الغرائز ( الوافع النفسية ) الاساسية جدا لاستمرار النوع الانسانى كالجنس والطعام والخوف والاستطلاع ... الخ . وعنصر الحاجات النفسية المختلفة كالحاجة الى الحب والامن والتقدير والانتماء ، وعنصر الافعال المنعكسة بدءا من الرضاعة الى كل فعل منعكس أخر اساسى لحفظ الانسان وعنصر الدوافع العاملة كالاستهواء والتقليد وعناصر أخرى كتسبة " غير تلك الموروثة " مثل العواطف والعادات والاتجاهات ، ولا شك ان للنفس دور هام في تحديد ملامح الشخصية بما فيها من امور طبيعية يمكن ان تفيد وان تضر وبما لابد منه من تسام بدوافع معينة وما لابد من ضبطه من عواطف او التخلص منه كالعادات الضارة او اكتسابه كالعادات البنائه او فصحه كالاتجاهات بل ما يحدث في النفس من متاعب بسبب مصادمات الحياة المختلفة وما بعتريها من قلق واكتئاب وحيرة وخوف وتأزم . وما هو طبيعى وما يمكن ان يكون مرضيا يحتاج الى تدخل الاطباء . 4 – الجسد : فالجسد الانسانى بصحته او امراضه المختلفة له دخل في تحديد ملامح الشخصية العاهات الجسمية واثرها على مراحل العمر ، مستوى الجمال ، نوع التعزية ، طول القامة وامور اخرى كثيرة يمكن ان يكون لها عائد على الشخصية وعلى اجتهاده في تغير ملامح معينة كلون البشرة ، وما يتعرض له الجسد من حوادث وامراض مختلفة تؤثر في قدرة الحركة والانتاج والتأثير ... ألخ . ثانيا البيئة : - لاشك ان للبيئة اثرها الخطير في تحديد ملامح الشخصية ففرق لبن طفل تربى في بيت مسيحى حقيقى واخر مسيحى بالاسم ، وفرق بين طفل نسأ في بيئة زراعية وآخر في بيئة صناعية ريفية او حضرية حى شعبى او حى اكثر تحضرا اسرة متعلمة او جاهلة مدرسة جيدة في تربيتها وأخرى رديئة او مهملة العاب طفوليه مختلفة ، وسائل اعلام مختلفة مستوى الالفاظ السفر داخل وخارج القطر . اذن فالتربية المقصودة كلاهما له اثر جبار في تحديد ملامح الشخصية وهذا لا يعنى ان الغنى والتحضر دائما امران جيدان او ان الفقر او الحى الشعبى امران سلبيان فهناك معايير وقيم وملامح مختلفة في كل بيئة المهم ان كل هذا يترك بصماته على الشخصية الانسانية . البيئة اذن هى : 1 – المنزل – الاسرة – الحى . 2 – المدرسة والحضانة . 3 – الكنيسة ومدى التواجد فيها والتأثر بها . 4 – المجتمع والوطن 5 – العالم على اتساعه من خلال الرحلات ووسائل الاتصال ان التفاعل بين مكونات الانسان نفسه ومكونات البية هذا التفاعل هو الذى ينتج لنا نوع الشخصية ويحدد ملامحها ولكن هذه الانواع يمكن تحديد ما هو سلبى فيها واكتساب ما هو ايجابى وذلك من خلال التربية الشاملة المنزل والمدرسة والكنيسة والمجتمع اذا احسنا قيادتها حتى تصل الى انسان سوى عموما وشخصية متكاملة ومثمرة وناجحة هذا ما نسميه بناء الانسان المصرى احوج واخطر قضية مثار على الساحة حاليا . سمات الشخصية المتكاملة يهتم الشباب بان تكون له الشخصية المتكاملة . وهذه من سمات الانسان المسيحى كقول يوحنا الحبيب الى تلميذه " فى كل شئ اروم ان تكون ناجحا وصحيحا كما ان نفسك ناجحة " 3يو" وهناك ثلاث سمات رئيسية للشخصية المتكاملة هى : 1 – التناسق 2 – التكامل 3 – الاشعاع 1 – التناسق : بمعنى ان يكون هناك تناسق دائم بين عناصرها الداخلية وعلاقتها الاجتماعية فالانسان ليس مجرد روح او جسد او نفس او علاقات ولكنه هذه جميعا ، والخطر يكمن في ان نعطى اهتماما كاملا لاحد هذه العناصر على حساب العناصر الاخرى فمن يهتم بجسده بجسده فقط من خلال الرياضة ربما ينسى ان يثقف عقله او ان يدخل في شركة روحية مع الله او ان تكون له علاقات اجتماعية سليمة ، او نفس غير متوترة ، او طالبة النصر والتفوق . الانسان المسيحى يهتم بان يكون ناجحا في كل شئ في حياته الروحية من خلال شركته مع المسيح صلواته وتناوله وقراءاته الروحية واهتمامه بالخلاص والتوبة والنمو الروحى وخدمة الاخرين . كذلك يهتم المسيحى بان يثقف عقله فلا يظن ان الزلة الفكرية عن المجتمع من عالم غير عالمهم والرب لم يشأ ان تأخذنا من العالم بل يحفظنا من الشرير ، كذلك النفس التى تحتاج الى ترويج وضبط غرائز واشباع حاجات مختلفة كالحاجة والانتماء والجسد الذى يهم الرب ان تكون صحته جيدة بالغذاء والراحة والرياضة ( الجسد للرب والرب للجسد ) 1كو13 : 6 اما العلاقات الاجتماعية فهى علامة على سلامة البناء النفسى والروحى للانسان حيث يقدم للمجتمع شهادة حية عن مسيحه الساكن فيه ( فليضئ نوركم هكذا قادم الناس لكى يروا اعمالكم الحسنة ويمجدوا اباكم الذى في السموات ) مت16 : 5 لذلك فالشاب المسيحى المنغلق على نفسه او حتى على اصدقائه دون ان يكون له رسالة في مجتمعة وطاقة حب ينشرها بين مواطنية ، هو بالضرورة غير متكامل الشخصية ويمكن ان يفشل اجتماعيا وروحيا والرب يسوع هو طريقنا الوحيد الى تكوين هذه الشخصية المتناسقة التى فيها تشبع الروح بالكلمة والصلاة والاسرار ويستنير الذهن بالقراءة والثقافة والعلوم وتستريح الذهن بالقراءة والصقافة والعلوم وتستريح النفس بالنعمة والصفاء والسلام الداخلى وتنجح العلاقات حيث ينشر رائحته الزكية من خلال اولاده . 2 – التكامل : الانسان المسيحى لا يحيا في جزيرة معزولة بل الانسان عموما هو مخلوق اجتماعى ومنذ البداية خلقه الله ذاكرا وانثى ثم اولادا ، اى اسرة مجتمعة بالمحبة وحين كون الرب الكنيسة المقدسة دعاها جسده المقدس حيث يقوم الرب فيها بدور الرأس والمؤمنون بدور الاعضاء . + المسيح هو الرأس : - المسيح هو مركز القيادة والتفكير واصدار القرارات والرب في حياة كل مؤمن كالرأس في حياة كل عضو في الجسم فالعضو لا يتحرك من تلقاء نفسه حتى لو تعرض كالرأس في حياة كل عضو في الجسم فالعضو لا يتحرك من تلقاء نفسه حتى لو تعرض للأذى بل هناك شبكة من الاعصاب الحساسة " الصلاة " تربط العضو بالرأس تتحرك الاعضاء من خلالها حركة بناءه تفيد الجسد كله فهل الرب يسوع هو رأس حياتك يعنى انه قائد افكارك ومشاعرك وتصرفاتك ومسيرتك كلها ؟ هل تلجأ اليه في كل مشكلة او ضيقة او نقطة هل ( خبأت كلامك في قلبى لكى لا أخطأ اليك ) مز11 : 18 + المؤمنون هم الاعضاء : - بمعنى ان كل مؤمن وظيفة محدودة تختلف عن وظيفة غيره ولكنه تتكامل معها ( فالأن اعضاء كثير ولكن جسد واحد ) 1كو20 : 12 ومن المستحيل ان نتصور جسدا اختزل عدداعضائه الى عضو واحد متشابه ومتكرر ، لو كان كل الجسد عينا فاين السمع ؟ لو كان الكل سمعا فاين الشم ؟)1كو17 : 12 لذلك فالمسيحى يتكامل ويتعاون مع اخوته في الكنيسة " جسد المسيح " ولا يحيا معزولا عنها وعنهم هذا هو فكر المسيحى والكنيسة جسد بناء كرمة تتعدد الاعضاء ان ننجح فيه هو ان نتعود على التفكير الجماعى والعمل الجماعى والتكامل مع بعض فالمواهب تختلف ولكن الروح واحد يجعلها تتكامل معا لبنيان الجسد . ان عملاق الكرازة الرسول بولس مع انه جاء بعد صعود المسيح وبعد اختيار التلاميذ والرسل مع انه تسلم ارساليته من المسيح شخصيا ومع انه خدم 14سنة بنجاح جبار ( لكنه احتاج ان يعرض انجيلة على اعمدة الكنيسة ويأخذ منهم يمين الشركة ) غل2 : 2 –9 . فيعطينا الرب ان نعمل معا ونتكامل معا لمجد المسيح وامتداد ملكوته ، ثمن خلال حياة الشركة خلال حياة الشركة في الجسد الواحد . 3 – الاشعاع : ( فليضئ نوركم كذا قدام الناس لكى يروا اعمالكم الحسنة ويمجدوا اباكم الذى في السموات ) مت16 : 5 ( هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد ) يو16 : 3 ( لاننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون ) 2كو15 : 3 ( انتم رسالتنا مكتوبة في قلوبنا معروفة ومقروءة جميع الناس ظاهرين انكم رسالة المسيح ) 2كو وهكذا يكشف لنا الانجيل عن دور المؤمن في العالم . + سفير : اذا نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا نطلب عن المسيح : تصالحوا مع الله 2كو20 : 5 المسيحى سفير للسيد المسيح بمعنى انه يحمل صفات وملامح الرب يسوع تماما كما يحمل السفير ملامح وصفات الدولة التى يمثلها ، وكما ان السفير يحرص على تقديم صورة طيبة لوطنه امام الوطن المضيف ، كذلك يشهد المسيحى لمسيحه امام العالم ، كما ان السفير غريب عن البلد الذى يحيا فيه كذلك المسيحى غريب عن العالم ويتطلع الى السماء انه المفروض انسان سمائى يمثل السمائيين فها انا كذلك ؟ مجرد سؤال . + نور : - المسيح نور يشع على العالم لسبب بسيط ان الرب يسوع يسكن فيه والرب هو النور الحقيقى الآتى الى العالم شمس الرب والشفاء اجنحتها ) ملا2 : 4 لذلك فلابد من ان يمتص المؤمن مزيدا من النور الالهى كل يوم من خلال الالتصاق بالرب كما نلصق الصليب الفوسفورى بالمصباح ومن خلال الانجيل ( سراج لرجلى كلامك ونور لسبيلى ) ومن خلال الاسرار المقدسة حيث يثبت الرب فينا وهكذا يصير المؤمن نور العالم ( انتم نور العالم ولا يمكن ان تخفى مدينة موضوعة فوق الجبل ) مت14 : 5 يشع حولة نور الكلمة واشراق المسيح . فهل انا النور ؟ + ملح : - الملح ابيض علامة النقاء ، ويذوب علامة الحب والاختفاء يعطى ملوحة وحياة علامة الخدمة والعطاء ، ويحفظ الطعام من الفساد علامة الديمومة في حياة ابدية فاذا فسد الملح بالخطيئة واببعد عن المسيح فبماذا يملح ؟ نعم لا يصلح للأرض ولا مزبلة بل يطرح خارجا وتدوسه الناس وهذا مصير كل مؤمن بالمسيح يرفض مواصلة الجهاد والسعى ويرتد الى الاركان الضعيفة بالفعل لا يصلح لشى ويداس بالناس وترى هل انا سفير ، وهل نور ، وهل ملح ؟ ان لم نكن كذلك فالرب مستعد ان يغيرنا ويعمل فينا لنصير نافعين في خدمة الكنيسة والمجتمع . الشخصية المتكاملة ( أ ) البعد الروحى : ما هى الروح ؟ هى العنصر الذى وضعه الله في الانسان من خلاله يتصل الانسان بالله وبالايمانيات وعالم الروح فاذا كان الانسان يشترك مع النبات في الجسد ومع الحيوان فى الجسد والنفس الا انه يتميز بعد ذلك بالعقل والروح لذلك يقول البعض عن الانسان انه حيوان الجسد والنفس الا انه يتميز بعد ذلك بالعقل والروح لذلك يقول البعض عن الانسان انه حيوان عاقل ومتدين ومنذ فجر التاريخ والانسان متدين حتى وان ضل الطريق الصحيح الا ان احشائه تؤكد لهو وجود الخالق والخير والثواب والعقاب والخلود وما شبه ذلك من عالم " الماورائيات اى ماذا وراء المادة وماذا وراء الموت وماذا وراء الزمن ونماذا وراء الطبيعة المحسوسة ؟ استلم آدم معرفة الله من الله مباشرة ثم تعاقبت الاجيال بعد السقوط وتشتت البشر بعد بلبة الالسنة وبدأنا نسمع عن عبادات كثيرة كعبادة الشمس والقمر والنجوم والعجل والبقر والتماثيل ولكن هذه جميعا كانت مجرد تعبيرات عن قوة الخير والعدل والسلطان وقد اختار الله في القديم بنى اسرائيل لي1ضع فيهم بعض اسرار الشريعة والفهم والايمان ومع ذلك كثيرا ما ضلوا وعبدوا الاوثان التى تعبدت لها الامم في مختلف حقب الزمان ولنا ان نفخر كمصريين باخناتون العظيم الذى نادى اله واحد وقدم له العبادة والسجود وتحدث عن بعض صفاته الالهية وكيف انه جل اسمه روح بسيط خالد خالق يرعى الكون بحبه ويشرق عليه بشمسه ويضمه اليه بحنانه الفائق ومع ان الروح هى عنصر الايمان في الانسان الا انها ما انفصلت قط عن العقل عنصر التفكير لهذا رأينا في الفلسفة اليونانية وفى الحاضرارات الشرقية القديمة عقولا استنارت بالروح القدس واستشرقت من بعيد افاق الالوهة الفائقة للعقل والمعرفة حتى استحق الفلاسفة ان يسمهيم القديس اكليمنضس الاسكندرانى انبياء الوثنية . ان الروح ايها القارئ الحبيب هى العنصر الذى يوصلنا الى الله ويوحدنا به فاحذر ان يضمن هذا العنصر في حياتك حينما تهمل خلاص نفسك او حتما تجعل المادة او الغرائز تتحكم فيك فانت مخلوق الهى فوق المادة والتراب واتجاهك نحو الخلود والابدية ، فانتبه خشية ان يضمن هذا العنصر في حياتك بسبب الاهمال الروحى . + وسائل اشباع الروح : 1 – الصلاة : هى الحبل السرى " بكسر السين " الذى من خلاله نتصل بالله سرا بلا رقيب وهى ايضا الحبل السرى الذى من خلاله ننال الغذاء الروحى من السماء لحظة بلحظة كالجنين في بطن امه ، والصلاة تفتح عالم الله علينا كما تفتح عالمنا على حبة وفعله الالهى لذلك فهى الفرصة الاساسية التى فيها يشكلنا الله ويبنينا ويقدسنا ويشبعنا " الصلة هى رفع العقل الى الله الآب يوحنا الدمشقى الصلاه سلاح عظيم كنز لا يفرغ ، غنى لا يسقط ابدا " القديس يوحنا ذهبى الفم " حينما تصلى ، الا نتحدث مع الله ؟ اى امتياز هذا " ذهبى الفم " صلاة البار مفتاح السماء " القديس اغسطينوس " 2 – الكتاب المقدس : " بدون القراءة في الكتب الالهية لا يمكن للذهن ان يدنو من الله " مار اسحق السريانى ( في ناموسه يلهج نهارا وليلا ) مز1 : 2 " والهذيذ في الشريعة لا يعنى قراءة كلماتها او تلاوتها بل يتسع الى تتميم احامها بالتقوى الاسقف ايلارى " ليكن لك محبة بلا شبع لتلاوة المزامير لانها غذاء الروح " مار اسحق السريانى ( في ناموسه يلهج نهارا وليلا ) مز1 : 2 " والهذيذ في الشريعة لا يعنى قراءة كلماتها او تلاوتها بل يتسع الى تتميم احكامها بالتقوى الاسقف ايلارى " ليكن لك محبة بلا شبع لتلاوة المزامير لانها غذاء الروح " مار اسحق السريانى ( ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله ) مت4 : 4 ( وجدت كلامك فاكلته فكان كلامك لى للفرح ولبهجة قلب ) ار15 : 16 الكتاب المقدس هو بالحقيقة مائدة دسمة فيها تشبع ارواحنا وتستنير اذهاننا ونتقدس حواسنا تستريح نفوسنا فقراءة الكتاب بانتظام وحرارة جلسة يومية مشبعة عند اقدام المسيح ، فاذ كان السيد المسيح هو الكلمة الزاتية فالكتاب هو الكلمة المكتوبة لخلاصنا انه ببساطة السيد المسيح متكلما . 3 – الافخارستيا : لقد اعطانا الرب جسده ودمه ذبيحة يومية على مائدته المقدسة ( لكى كل من يأكل منه يحيا الى الابد انه خبز الحياة النازل من السماء واهبا حياه للعالم ومأكل ومشرب حق من يأكلنى يحيا بى ويثبت في وانا فيه ) يو6 : 48 – 57 ومن هنا تدعونا الكنيسة الى الاعتداء اليومى من هذا السر المبارك الذى من خلاله تتحد : أ – بالسيد المسيح ب – بالقديسين ج – بأخوتنا المؤمنين د – ونصلى من اجل العالم كله 4- القراءات الروحية : القراءة في الكتب الروحية اساسية للشبع الروحى لذلك اوصى الآباء القديسون اولادهم بها : + اتعب نفسك في قراءة الكتب فهى تخلصك من النجاسة " الانبا انطونيوس " + كن مداوما لذكر سير القديسين كيما تاكلك غيرة اعمالهم " القديس موسى الاسود + كتبى هى شكل " سيرة " الذين كانوا قبلى اما ان اردت القراءة ففى كلام الله اقرأ " الانبا انطونيوس " + لهذا : اوصى الآباء بان نكرم القراءة كما نكرم الصلة حيث انهما تكملان احداهما الاخرى ونحن نشكر الله مناجل فيض الكتب والمجلات والنبذات الروحية التى اعطاها لنا في هذه الايام 5 – الاجتماعات الروحية : يوصينا الرسول بولس ان لا نترك اجتماعاتنا بل ان نحرص على الحضور لما فى ذلك من بركة روحية وتعليمية هامة ( غير تاركين اجتماعاتنا كما لقوم عادة ) عب10 : 25 ( حينما تجتمعون معا ليس هو لأكل عشاء الرب ) 1كو11 : 20 يقصد الاغابى التى تسبق الالهى اى العشاء معا في السماء قبل تسبيح نصف الليل . ( متى اجتمعتم فكل واحد منكم له مزمور له تعليم " الاجتماعات التعليمية " ) 1كو14 : 26 والاجتماعات الروحية تحقق اهدافا كثيرة فهى مثلا : 1 – تعطى التعاليم الاساسية للخلاص ( هلك شعبى من عدم المعرفة ) هو4 : 6 2 – تشبع نفوسنا روحيا بكلمة الله 3 – تحمينا من انحرافات الفكر وحيل الشيطان 4 – ترد على ايه مطاعن في ايماننا المسيحى القويم 5 – تقدم التعليم باسلوب يتناسب مع المرحلة الزمنية في العمر " كالاطفال ، والفتيان ، والثانوى ، والجامعة ، والخريجين ، والعائلات " او مع البيئة التى يواجهها المؤمن " البيئة الريفية او الحضرية او الصناعية " كما يتناسب مع ظروف العصر " كالضغوط الايمانية والاخلاقية والاجتماعية والاقتصادية الحضرية او الصناعية " كما يتناسب مع ظروف العصر " كالضغوط الايمانية والاخلاقية والاجتماعية والاقتصادية الحضرية او الصناعية " كما يتناسب مع ظروف العصر " كالضغوط الايمانية والاخلاقية والاجتماعية والاقتصادية " 6 – الخدمة الكنسية : الانسان المسيحى عضو وليس فردا مستقلا بذاته اى انه متصل ببقية الاعضاء في بقية الجسد الواحد " جسد المسيح " الكنيسة المقدسة . وكل عضو تميزه وظيفته التى لا يستغنى عنها الجسد كله ، ولا يستغنى عنها اى عضو آخر . هنا كان لابد للمؤمن ان يكون كنسيا بمعنى انه يحس باخوته في المسيح من يخدمهم ويقدم اليهم العمل الذى اسنده اليه الرب ، هذا العضو يصلى وذلك يعلم بالكلمة والثالث يقدم خدمات محبة والربع اعمال تدبير . وهكذا يتميز الجميع دون ان يختلفوا او ينقسموا . ( 2 ) البعد العقلى : 1 – العقل هبه الله : لا شك ان العقل العنصر الثانى فى الشخصية الانسانية بعد الروح ، هو هبه اساسية من الله للانسان ومنذ طفولتنا ونحن نعرف ان الانسان حيوان عاقل وان كنا نتضايق من تعيير حيوان لكن الحقيقة العلمية هى اننا نتفق مع الحيوان في ان يكون لنا غزيزة وجسد مادى محسوس ، أما الانسان فيتميز عن الحيوان بان له عقلا يفكر وروحا تتصل بالله وان كنا تحدثنا سابقاً عن الروح التى بها نتصل بالله ونخوض في امور الايمان والسماء والخلود ، وعن الوسائل التى بها تشبع ارواحنا كالصلاة والانجيل والتناول والاجتماعات الروحية والقراءات الروحية والخدمة الكنسية ، فنحن الان نبدأ حديثنا عن العنصر الثانى في الانسان وهو العقل . والعقل جوهر اساسى في الشخصية الانسانية ويستحيل ان تكون شخصية الانسان متكاملة مل لم يكن عقله ناضجاً مفكرا ، واذا فقد عقله فقد اهليته ولم يعد مسئولا عن افعاله ومن حق السلطة ان تحجر عليه او تحجزه . وأن كان الله خلق الله على صورته ومثاله فعل الانسان ان يهتم بهذه العناصر التى تسهم في ان يتحقق قصد الله من خلقه الانسان . + الانسان صورة الله : خلق الله الانسان على صورته ومثالة فما معنى ذلك ؟ بالفعل اعد الرب الكون قبل ان يخلق الانسان ، خلق السديم والارض والشمس والقمر والنجوم والنباتات والاسماك والحيوانات، ثم خلق الانسان ليكون تاجا لكل هذه الخليقة وكاهنا يعبر عن تمجيدها للخالق المهندس الاعظم للكون ومانح الحياة للجميع ، واتسم الانسان منذ خلقته ببصمات رئيسية فيها يتضح انه مخلوق على صورة الله ومثاله ، ومن هذه السمات ما يلى : 1 – البر : خلق الله الانسان بارا لم يعرف الخطيئة والعصيان وكان مشمول بتقديس الهى خاص ، وكان مشروع لذة الله بمعنى ان الله كان يتشمى مع آدم في الجنة في شركة حب وسعادة الانسان وفقد هذه البرارة الالهية والقتل والانانية ولم يكن هذا دون سماح من الله فهو الذى سمح بكل ذلك ، وعظيم حكمته لكى يتمتع آدم بالحرية ويختار الحياة مع الله بكامل ارادته . 2 – الحكمة : سمة ثانية في الانسان فالله ذات وحكمة وحياة الآب والابن القدس واجب الوجود لانهائى الحكمة مصدر الحياة في الكون ، والانسان مخلوق على صورة الله فيه ذات وحكمى وحياه ، والحكمة كائنة في العقل الانسانى وكانت حكمة الانسان الهية قبل السقوطوعقله مستنيرا ولكنه حين تخلى عن الله واراد ان يصير كالله عارفا الخير والشر وتصور انه يستطيع ان يستقل عن القدير اظلم عقله وفقد حكمته وعرف الشر والخطية وفسدت طبيعته . وسقط الانسان وفقد هذه البرارة الالهية والقتل والانانية ولم يكن هذا دون سماح من الله فهو الذى سمح بكل ذلك ، وعظيم حكمته لكى يتمتع آدم بالحرية ويختار الحياة مع الله بكامل ارادته . 2 – الحكمة : سمة ثانية في الانسان فالله ذات وحكمة وحياة الآب والابن والروح القدس واجب الوجود لا نهائى الحكمة مصدر الحياة في الكون ، والانسان مخلوق على صورة الله فيه ذات وحكمة وحياة ، والحكمة كائنة في العقل الانسانى وكانت حكمة الانسان الهية قبل السقوط وعقله مستنيرا ولكنه حين تخلى عن الله واراد ان يصير كالله عارفا الخير والشر وتصور انه يستطيع ان يستقل عن القدير اظلم عقله وفقد حكمته وعرف الشر والخطيئة فسدت طبيعته . 3 – الخلود : كذلك فالانسان مخلوق ليحيا مع الله الى الابد وكان ياكل من شجرة الحياة لكنه حينما سقط في الخطيئة طرده مؤقتا لحين فدائه وبعد ان فداه بدمه الطاهر عن الانسان الى الله الى الحياة والخلود وسوف ياكل من شجرة الحياة الى الابد . 4 – الحرية : فالله حر ليس لكائن آخر سلطان عليه وخلق الانسان حرا ، والانسان فقد حريته بتجربته بينما استعبد نفسه للشيطان وقد رفض الله ان يستعبد الانسان خاصة وتركه حرا ليختار طريقه بنفسه ، هذه بعض المات الالهية التى خلقنا عليها . 1 – العقل .. والسقوط : الخطيئة بدأت من العقل مجرد فكرة ، ومن هنا يستحيل ان نفصل العقل عن الروح ، أو أن تفتت الكيان الانسانى ، ومع ان الدافع الاساسى يكمن في الاعماق " اعماق الروح " الا ان الفكر هو حلقة الاتصال بين ما يعرض على الانسان من الخارج وما يشتهيه في الداخل .. ببساطة عرضت الحية فكرة الى حواء تجاوبت الفكرة مع اعماق حواء قبلت الفكرة وتغيرت نظرتها للامور ، وواقفت حية في ادعائها ان الله يريد ان يحرم الانسان من المعرفة لكى لا يصير مثله ، والفكر يغير الحواس نظرت الى الشجرة فوجدتها شيئاً والاعماق هى التى دنست الحواس تاكلت واعطت زوجها فسقط كلاهما . + ازرع فكرة : هناك مثل صينى جميل يحتاج الى تأمل ... ازرع فكرة تحصد عملا .... ازرع عملا تحصد عادة ازرع عادة تحصد خلقا .... ازرع خلقا تحصد مصير حقيقة فالخطيئة او القداسة او اى منهما كمجرد فكرة معروضة على عقل الانسان فالانسان ينفعل بالفكرة ويوافق عليها ويحولها الى عادات ، الانسان تتكون شخصيته ويتحدد مصيرة قديما قالوا " الشخصية هى مجموعة عادات تمشى على قدمين " ومن هنا يكون للعقل دور اساسى في تكوين فكما يفكر الانسان ليعمل ، وكما يكرر العمل يتكون لديه عادات ، ومن مجمل هذه العادات يتحدد مصير الانسان وتتحدد ملامح شخصيته . 2 – العقل .. والخلاص : من هنا كانت اهمية العقل في خلاص الانسان فلعل كلمة " تاب " رجع الى نفسه وقارن بين حالته في كورة الخنازير ووضعه الاول في بيت ابيه . ان الرسول بولس يرى ان البدائية الاساسية لطريق الخلاص تكمن في تجديد الذهن – " الميطانيا " حيث هذه الكلمة اليونانيى تعنى تيير العقل والفكر . " ميطا " يساوى تغيير " لغوس " يساوى عقل والانسان التائب هو الانسان الذى تجدد ذهنه بالروح القدس حيث توقف قليلا في صحوة ويقظة وسأل نفسه الى اين انا سائر ؟ وفى اى طريق اسلك ؟ هل افكر بطريقة حكيمة في مصيرى الابدى ؟ وهل بدأت حياتى في المسيح الرب ؟ راضى عن حياتى ؟ ماذا انتفع لو ربحت العالم كله وخسرت نفسى وماذا اعطى فداء عن نفسى ؟ ان العالم كله بكل ملاهية وملذاته لا يساوى لحظة واحدة عند قدمى المسيح وفى حضرة محيته لذلك يطلب منا الرب ان نكون حلماء ونفتدى الوقت لان الايام شريرة ويوصينا الحكيم قائلاً ( الذكى يبصر الشر فيتوارى والحمقى يعبرون فيعاقبون ) ام22 : 3 كما يوصينا الرسول قائلاً ( انما نهاية كل شئ قد اقتربت فتعلقوا واصحوا للصلوات ) 1بط4 : 7 . ليت عقولنا تستنير بالروح فتختار الطريق السليم والنهاية السعيدة . 3 – العقل .. والنعمة : النعمة هى عمل الله في الانسان ، والعقل هو قناه اساسية من على الشخصية الانسانسة . وبالعكس فالعقل المستنير بروح الله له دور هام في تكوين الانسان المتكامل المتفاعل ، الشاهد للمسيح الوارث للمكلوت . * ما هى النعمة : النعمة ببساطة هى فعل الروح القدس في الكيان الانسانى ، تصور انسانا بدون الله ؟ ستجد انه كائن محدود في قدراته وامكانياته وطاقاته وتطلعاته وانجازاته ، فهو مجرد كم محدود ونوع محدود وطاقة محدودة . * الانسان هو المحدود : لكن في اعماق الانسان عطش غير محدود ، الانسان في اعماقه يكمن عطش لانهائى وجوع لانهائى ورغبات لا نهائية وطموح لا نهائى ، لا يشبع ابدا مهما اخذ من أمور هذا الزمان المحدودة ، قد يشرب من مياة الخطية المالحة ولا يرتوى مهما اعترف منها ، وقد يستغرق في جمع المال ولا تشبع نفسه اطلاقا ، وقد يسبح في بحار الفكر باحثا عن الحقيقة فلا يصل الا الى النذر اليسير . الانسان كائن عجيب دائما يتجاوز ذاته ويسبح في بحار الازلية السحيقة والابدية التى لا تنتهى والسموات الشاسعة والفكر العميق يسأل نفسه دائما : من أنا ، كيف اتيت ، ولماذا واين احيا الآن ؟ والى متى ؟ وما هو مصيرى النهائى ومصير من حولى ؟ ما هو الموت ؟ لماذا يقهر طموح الانسان ؟ وماذا بعد الموت ؟ ماذا وراء المادة ؟ والزمن ؟ اسئلة لا تنتهى كانت سبب وجود الفلسفة " فيلوسوفيا " ومحاولة البحث عن الحقيقة العظمى . وهناك في اعماق الانسان نجد بصمة الهية تشير الى الله خالق الكون ومعطى الحياة فنحن مخلوقين على صورته وقد ترك بصماته المقدسة على كياننا الداخلى ومن هنا نبدأ بان يسأل الله النور والمعرفة والحكمة الالهية فنتعرف على الكائن اللانهائى اصل الوجود الذى منه حياتنا وفيه رجاؤنا وعنده خلاصنا واذ نطلب الله يأتى الينا ويدخل حياتنا وعندنا يصنع منزلا - النعمة هى ببساطة سكنى الله في الانسان ، الله الاب والابن والروح القدس ، ان الله الخلود والنور والحياة ، الله الازلى والكائن الخالد . طوبى لمن عنده الحكمة الالهية ، طوبى لمن دخلت نعمة الله الى حياته فتغيرت حياته فكرا ووجدانا وسلوكا . فصار مسيحيا بالفكر له فكر المسيح ، وبالوجدان له قلب المسيح ، وبالسلوك له سلوكيات المسيح . هذه هى المسيحية " الله ساكن في انسان . 4 – العقل .. والاستنارة : الاستنارة في المفهوم الانجسلى والكنسى ان يشرق نور الله في ذهن الانسان فيستطيع ان يمتلك موهبة الافراز والتمييز ويكون لديه العقل الحكيم الذى يقتاده الروح القدس فتكون قراراته واختياراته سليمة . والاستنارة فيها عناصر كثيرة يجب ان تتوافر للانسان حتى يتمتع بها واهمها : -
( 1 ) المعمودية : التى فيها يستنير فيها الانسان بسبب تجديد لروح القدس لحياته حينما يولد من الماء والروح لهذا تحرص الكنيسة على ان تقدم لنا انجيل المولود اعمى في احد التناصير لتذكرنا ان من اهم اعمال روح الله في حياتنا انه يفتح بصيرتنا الداخلية لنرى ما لا يراه الناس + نرى انفسنا على حقيقتها . + نرى الله كمخلص محب . + نرى الطريق فنسير فيه باطمئنان . + نرى الحقيقة فلا يخدعنا زيف هذا العالم . وحينما يتعرف الانسان اراديا على عمل الله وتسمن فيه حكمة القدير يصير قائلا " كنت اعمى والآن ابصر " اذ يزيل الرب عنه غشوة الحيات وزيف العدو وخداعات العالم فيسكب النور الالهى في قلب الانسان وذهنه ويكون بالحقيقة اسنانا حكيما . ( 2 ) الكلمة : فكلمات الانجيل خير نور للطريق وسراج للحياة : + ( سراج لرجلى كلامك ونور لسبيلى ) مز118 : 105 + ( الوصية مصباح والشريعة نور ) ام6 : 23 + انا هو نور العالم من 4 يتبعنى ولا يمشى في الظلمة بل يكون له نور وحياة ) يو28 : 12 لذلك فالمسيح الحقيقى لا يكف عن قراءة الكلمة يحتضنها في قلبه حبا ، وفى ذهنه مبادئ وفى سلوكه دستورا . ومن خلال قراءة الكلمة يستنير الذهن ويعرف الانسان اين يضع قدميه . ( 3 ) القراءة : فهى وسيلة هامة لشرح الكلمة فالقراءات الروحيه مجرد شرح وتفسير وايضاح لكلمة الله ، وحيث يحرك للقلب والارادة ليسير الانسان في الطريق دون ان يتعرض لمذالق خطرة او حيل العدو او مصائد الخطية . القراءة تنير العقل وتعرف الانسان بكل ما قد يتعرض له من حروب روحية خطيرة قد تفقده خلاصة ، ومن خلال القراءات الروحية يضف الانسان الى نفسه خبرات آخرين غيره ، فتقدم ويصير فطنا . ( 4 ) الارشاد الروحى : فالانسان حين يفكر بمفرده يجد نفسه احيانا حبيس شهوات نفسية او خداعات شيطانية تبدو كملائكة نور وهكذا يحتاج ان يعرض افكاره على ابيه الروحى حتى لا يسقط في خداع شيطانية تبدو كملائكة نور وهكذا يحتاج ان يعرض افكاره على ابيه الروحى حتى لا يسقط في خداع او غرور او مسلك خاص ، وكم من مجاهد ضاع كل جهاده كقش وخشب امام نار دينونة الله لانه سلك بدون ارشاد وبوحى من ذاته وبالعكس كم من انسان بسيط استنارت عينة بنور الكلمة واسترشد في كل خطوة من خطوات حياته فسلك في الطريق المستقيمة ولم تفترسه الضباع . 5 – العقل .. والايمان : يتصور البعض ان العقل ضد الايمان والايمان ضد العقل وان هناك صراعا دائما بينهما لكن الحقيقة ان هذا فهم ناقص للموضوع بسبب بسيط ان الله هو الذى خلق العقل ليستنير ويفهم . لهذا يقول معلمنا بولس الرسول : ( بالايمان تفهم ان العالمين اتقنت بكلمة الله ) عب11 : 3 . اى ان قضية نشأة الوجود واصل الحياة ، والنسمة الاولى تجد شرحها وتفهمها تماما حيثما تؤمن بالله ، الواجب الموجود اصل كل شئ .
* الايمان تلسكوب العقل : - معروف ان العقل محدود لان الانسان نفسه محدود بينما امور الايمان غير محدود لأن الله لا نهائى وغير محدود ومن هنا يستحيل على العقل ان يدارك الله بمفرده فهيهات ان يستوعب المحدود وغير المحدود . وهناك تشبيه بسيط جدا لهذا الموضوع : فالعين المجردة لا تستطيع ان ترى الكواكب والاقمار البعيدة الا في صور باهتة غير محدودة على الاكثر ولكننا حيثما نضع على العين المجردة تلسكوبا متطورا نرى هذه الاجرام البعيدة بوضوح مذهل وتفاصيل دقيقة هلى العين استطاعت الرؤية بدون تلسكوب .؟ كلا . وهل التلسكوب استطاع الرؤية بدون العين ؟ كلا . هما اذن يتكاملان . كذلك العقل المحدود لا يدرك من امور الالوهية الا النذر اليسير ولكننا حينما نستعين بنور الايمان وعمل روح الله يستنير العقل فيفهم ويستريح ويقتنع ويخشع امام غير المحدود محب البشر . * الصلاة تنير الذهن : - ولاشك ان هذه الحقيقة تسبب ببساطة على حياتنا اليومية ، فنحن لا نستطيع ان نعتد على حكمتنا البشرية وعقلنا المحدود بصفة فريدة ونهائية فالعقل البشرى مهما كان مقتدرا وذكيا وحكيما لا يستطيع ان يعرف اعماق الامور ولا مستقبلها امران في غاية الخطورة لهذا اوصانا الكتاب قائلاً (اتكل على الرب بكل قلبك وعلى فمك لا تعتمد ) ام3 : 5 ( لا تكن حكيما في عينى نفسك ) ام3 : 7 . والضمان الوحيد لصحة قدراتنا واختياراتنا هو الصلاة المخلصة التى يعلن فيها الانسان قصورة ، وضعفه ، وحاجته للنور الالهى ، وختم البركة السمائى ، تصور معى " شابا " يفكر في اختيار شريكة الحياة ، من اداره ان تفكيره سليم ، واختياره مناسب ؟ هل يستطيع ان يعرف اعمق مستقبلها ؟ مستحيل !! لذلك فعليه ان يتشبث بفكرة واختياره بل يترك كل شئ لله محب الانسان والقادر على كشف اعماق الامور ومستقبلها ، لذلك فمن دخل الى الحياة المسيحية الحقيقية لا يتمسك اطلاقا بمشيئتة الذاتية او رؤيته للأمور ، بل انه يسعى مخلصا لاكتشاف مشيئة الله ليصنعها بكل فرح وتسليم انه يعرف ان ( مشيئة الله مختارة افضل من الذهب ) وانها ( صالحة ومرضية وكاملة ) رو12 : 2 . حسن ان تفكر وتحلل الامور وتتعمق ذهنيا في كل شئ ولكن اياك ان تركز الى عقلك فقط ، او تتكل على ذهنك بمفرده ، ان نور الايمان يكشف لك الطريق بصورة افضل واضمن بما لا يقاس لذلك علينا ان نصلى كثيرا ليعرفنا الرب بمشئيه وحينئذ نناديه قائلين ( شريعة قلبك مختارة عبدك يحفظها وفي حفظها ثواب عظيم ) مز18 : 11 . اياك والتشبث بالرأى فهو اكثر طريق الى السقوط . 6 – العقل .. والعلم : القرن العشرين فيه نصف عدد العلماء منذ خلقه الانسان في هذا القرن اكثر مما استهلكها منذ بداية تاريخه ، عصر العلم الذى تتغير اسماؤه بسرعة رهيبة فبمجرد ان اطلق عليه عصر الذرة ، تعددت اسمائه بسرعة فاصبحنا نسمع عن عصر الفضاء والتفاعلات والليزر والكمبيوتر والاقمار والاشعاعات ، ويتصور البعض ان هذا التقدم العلمى المذهل يتعارض مع الاديان ، ولكن انجازات العقل الانسانى تجعلنا نحترم هذا العقل !! لكن الحقيقة ان انجازات العلم الحديث تدعم ثقتنا في الايمان وتملأ قلوبنا يقينا فى الرب ( المذخر فيه جميع كنور الحكمة والعلم ) كو2 : 3 . العقل هبة الله : اتفقنا سابقا على ذلك وهذه حقيقة اكيدة ، فالعقل عطية الله للانسان ، خلقه لنا كى نفهم ونتدبر ان نسلك بالحكمة بل ان غايات العقل الانسانى هو ان بعرف الله ، وهو قادر على ذلك بالايمان ، حيثما تستنير بصيرة الانسان الداخلية بالروح القدس لندرك ما لا يدرك الا بالمؤمنون من الامور التى لا ترى ويتيقن منها حسب قول الكتاب : ( الايمان هو الثقة بما يرجى والايقان بامور لا ترى ) عب11 : 10 . والخلد وحيثما يتامل مصنوعات الله المذهلة او جسد الانسان الملئ بالاسرار وابعاد الكون الشاسع ، يسجد فى خشوع عند قدمى الرب مقدما العبادة والتسبيح . الانسان يكتشف القوانين : -ان كل ما يفعله الانسان هو اكتشاف القوانين الالهية التى يسير عليها العالم ، فمثلا حينما ادرك الانسان وجود قوة الجاذبية الارضية لا يعنى ذلك ان هذ القوة لم تكن موجوده قبلا . وحينما اكتشف الطاقة الكهربائية لم يكن يخترع . وحينما اكتشف التلسكوب رأى ما كان موجودا اصلا ولكن عينه المحدودة لم تكن لتستطيع ذلك ، بل حتى اراد الانسان ان يضع قدميه على القمر سار في خشوع شديد حسب قوانين الكون التى وضعها مهندس الكون الاعظم ، فانطلق الصاروخ بسرعة معينة ليفلت من الجاذبية الارضية واخذ الانسان معه الاوكسجين لانعدام الهواء هناك . وقدر جاذبية القمر ومعنى انعدام الوزن . امور كثيرة جدا سلك الانسان حسبها فاستطاع ان يتعرف على المزيد من اعمال الله وعجائبة في كونه . الطفل والمحيط : -سأل الناس العالم العظيم نيوتن " ماذا كان شعورك وانت تكتشف قوانين الطبيعة " فأجاب قائلاً " كنت كطفل صغير يلهو على شاطئ محيط شاسع " وهذه حقيقة فالعلوم كلها تتضافر لكى تدرك بعصا من اسرار الكون وقوانين ال الاعظم . وفى كل يوم ندرك جديدا من المعارف والاكتشافات والنظريات فتتعرف على طاقات كامنة مذخرة . ونصل الى اختراعات جديدة مدهشة كلها نمجد الله ولا تنقص من دور الايمان . الانسان ذلك المجهول : -واذا كان الكون مجهولا لا شاسعا فالانسان كون بذاته ، اعماق النفس عالم شاسع . واعماق الفكر الانسانى فلسفات ودراسات ، واعماق الجسد دراسات تشريحيه وهستولوجية وكيميائية مذهلة ، فكم بالحرى اعماق الروح !! ان روح الانسان هى سراج الانسان ومن خلاله يتعرف العقل على الله ويصل الى المعرفة الحقيقيىة المخلصة ( هذه هى الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقى وحدك ، ويسوع المسيح الذى ارسلته ) يو17 : 3 فهل تعرفت ايها الحبيب بكل كيانك وفكرك وقلبك واختيارك بالرب يسوع المسيح ؟ هل اصبح رفيق حياتك ونور طريقك ومخلص نفسك ؟ امسيح هو الطريق فاحذر ان تفقد الطريق . 7 – العقل .. والثقافة : -من المهم ان يكون الانسان مثقفا ، فالثقافة الانسانية جزء هام في تكوين الشخصية المتكاملة ، ومن غير المقبول ان يكون الانسان روحانيا فيفقد اتصاله بالعالم والمتجتمع والفكر الانسانى ، هذا تعطيل لقدرته على الشهادة للمسيح ، الانسان ليس روحا تصلى فحسب ولكنه ايضا عقل يفكر ويدرك ويقرأ وينتقد ويبحث عن الله في كل مكان وفي كل انسان وفي كل فكر ، يفرز ويفتش ويستعمق التراث الانسانى في القديم والفكر المعاصر الحديث والنشاط البشرى اليومى ليتلامس مع الحق ، مع الله ، وكذلك ليرفض الزيف والشر والباطل . الثقافة وتمجيد الله : -ان كانت الطيور والتماسيح والاشجار تمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه ، فكم بالحرى الانسان وذهن الانسان ؟ لذلك فالقراءة المجتمهدة في العلوم المختلفة تدخل بنا الى ابعاد جديدة وتريه في الانسان ولذلك ايضا يجدر بالشاب المسيحى ان يتعرف على الكثير من المعارف والدراسات والحبحوث في ميادين كثيرة ومتعددة ومن خلالها يتعرف على ثراء الانسان الداخلى ، تاج الخليقة وكاهن الكون ، كما يتعرف على ما فعلته الخطيئة في الانسان حينما اسقطته عن عرشه وافتدته اتزانه الروحى ونقائه الالهى ، وافسدت كيانه الداخلى فانحرف العقل وتلوثت الروح واضطربت النفس وسقط الجسد صريع الكوارث والميكروبات وحيوانات الارض ، وكمجرد امثلىة للقراءات المختلفة الممكنة ودمى ما تستفيد منها روحيا نورد من هذه القائمة : ( 1 ) علم النفس : - بفروعه المتنوعة كيف يغوص بنا في اعماق النفس الانسانى فنتعرف على الدوافع والحاجات النفسية والافعال المنعكسة وكيفية تكوين العقد النفسية ، وما نكتسبه من عوطاف نحو الاشخاص والاشياء والقيم والعادات التى تتكون لدينا يوما فيوما ويكون لها اثرها البناء او الضار ، وكذلك الاتجاهات التى نكتسبها اثناء مسيرتنا في الحياة والتفاعل مع البيئة من الاسرة الى المدرسة والكنيسة والجتمع والاعلام . ( 2 ) الاجتماع والتربية : - فالانسان كائن اجتماعى ، والدراسات الاجتماعية تفسر لنا ابعاد السلوك الانسانى الفردى والاسرى والقبلى والوطنى ، وكذلك تحتاج الى الدراسات ، فالانسان يحمل منذ طفولته بذور رجولته وشخصيته والفهم التربوى السليم يعطينا ادراكا للمواقف التى تعير بها النفس الانسانية من المهد الى نهاية العمر ، ومن خلال هذه الدراسات نتعرف على مراحل نضوج الشخصية من الثقة الى الاستقلال الى الانجاز فالايمان وتحقيق الذات والصداقة الوثيقة والتماسك . ( 3 ) الفلسفة : وهى سباحة العقل الانسنى وهو يحاول ان يتعرف على ذاته ومصدره وغايته وعلى الماورانيات " ما وراء المادة والطبيعة والزمن والموت " وفى هذه السباحة يقوم الانسان ويهبط يحسن الرؤيا ويفشل ، ليبقى الوحى الالهى والنور السمائى مصدرا اساسيا للمعرفة الروحية وسيرا اغوار الكون ، والوصول الى المعرفة الحقيقية الى الله . ( 4 ) الأدب والفن : - وهى اعداد لا تحصى من العلوم والابداعات التى تعبر عن وجدان نحو الله ، ونحو السماء ونحو المعرفة ، ونحو اخيه الانسان ، تغيرات متنوعة يستحيل حصرها ويستحيل الاستغناء عنها ، الشعر والتسبيح والرسل والموسيقى ... الخ . ( 5 ) حركة الحياة : - فالانسان المسيحى يجب ان يقرأ الثقافات المعاصرة ، ويتعرف على تاريخ البشر ويعى دروس الماضى ، ويتطلع الى مرحلة افضل ، ويقصص تيارات الفكر المسيحى . ان القراءات الكثيرة هى اثراء للذهن والروح وارتفاع فوق الحس والمادة ، ويبقى الكتاب المقدس في النهاية المصدر الوحيد للنور الالهى المضمون الذى يضمن لنا سلامة الرؤيا وامكانية الوصول الى الله والحياة فيه الى الابد . الدين عند الطفل - لا يظهر الدين فجاة في حياة الانسان ولكنه يظهر تدريجيا وهو يتطور معه مندمجا في التطور الكامل لسيكولوجيه الانسان في مراحل تطوره والدين لا نجد له وظيفة عند الانسان قبل سن الثالثة او الرابعة من العمر الا من خلال عدد محود من الكلمات يرددها دون فهم لمعناها " كالله والملاك والنار والسماء وربنا والمسيح ويسوع " هو لا يفهم معنى هذه الاسماء ولكنه يرددها سمعا من الذين حوله ، وقد يحدث ان يهدد الآباء اطفالهم بأن الطفل الذى يشتم او يبكى " يروح النار " او ان ربنا " يزعل " من الاطفال التى تشتم ، او ان الملاك يحب الصغار او ان الله او المسيح يحب الاطفال " الحلوين " ويحب ايضاً الاطفال " الصغيرين وهكذا نجد ان الطفل لا يفهم من الدين شيئاً سوى الخوف من التهديد او الحب لمن يحب الاطفال الصغار او ان المسيح سيحضر لعبة للطفل اذا سمع كلام الكبار . ويبدأ الدين بعد هذا السن للدخول فى غمار العواطف والانفعالات ولكنها انفعالات في شكل دينى ، فيبدأ الانسان في معرفة الحب الدينى والبهجة الدينية والرهبة الدينية وكلها عواطف وانفعالات ولكنها تتركز حول موضوع الدين . والطفل في مرحلة الطفولة ايا كانت لا يصل الى العقيدة بالاستدلال المنطقى او فحص الوقائع التى ترد اليه عن طريق الحس ولكنه يمتص الافكار الدينية من الوالدين او من المحيطين به بصفة عامة او من البيئة التى يعيش فيها بصفة خاصة والفكر الدينى والمشاعر الدينية عند الكبار ما هى الا امتداد للأفكار الدينية في مراحل الطفولة والاسس الوجدانية والمشاعر والعواطف في هذه المراحل كما ان الدين في الكبر يخفى ورائه الحياة اللاشعورية برمتها والعقد النفسية والدوافع والحاجات والافكار السابقة والجزور الولى للحياة الطفلية وما اكتنفها من خبرات شعورية والتقمصات بكافى انواعها السليمة والمشوهة وغيرها . فالدين اذن هو مجموعة ديناميكية من حياة الانسان ما لم يدخل عامل قوى جدا يؤثر في حياته ويغيرها من حياة شريرة الى حياة اخرى صالحة يعيش فيها اثر لمسة قوية من الخالق القدوس ومثال ذلك ما حدث مع الرسول متى الرسولى وبولس الرسول ، وذكا العشار ... وغيرهم . ( 1 ) الدين في سنى المهد : لا يكون للدين اى وجود في مرحلة المهد اى خلال السنين الاولين فلا تجد للطفل دوافع دينية ولكننا نلمس اثر التنشئة الدينة في حياته ، فلا تجد للطفل دوافع دينية ولكننا نلمس اثر التنشئة في حياته فالمناخ الروحى وكذا الاستنشاق الدينى له فاعليه كبرى في حياة الطفل عندما يكبر ، فالطفل الذى يتقدم والده للأسرار المقدسة هو طفل يعيش فى جو روحى ينعكس على حياته الروحية المستقبلية والطفل الذى يتناول هذا السن كثيرا هو طفل معجون في حياة روحية لا يقدره الا عند كبره ولكنه يتأثر بها وينشا معها والرضيع الذى يرضع اللبن في جو مقدس يصبح طفلا مباركا ممزوجا بحياة خاصة روحية مقدسة لا يعرف قيمتها وهو صغير ولكنه يقدر ثمنها حينما يصبح راشدا ومما هو معروف ان الطفل الذى ينشا في جو ساخن من الحياة العائلية المملؤة بالمنازعات هو طفل ملئ بالصراعات النفسية والقلق النفسى رغم انه لا يعرف شيئاً عن هذه الصراعات والام الحامل التى تقضى وقتها في جو صاخب يكون الوليد عصبيا متأثرا بهذا الجو الصاخب .. وهكذا فان المناخ الذى يعيش فيه الطفل في صغره له الاثر الاكبر في حياته .
( 2 ) الدين عند الطفل فى مرحلة الحضانة ( من 3 : 5 ) سنوات : - ان اكتساب الخبرة الروحية عند الطفل في هذه المرحلة هو حب الاستطلاع الذى يبدا في الاسئلة التى تنهال منه الى الوالدين او المحيطين به ، فهو يسال دائماً عن ميلاد الاطفال واين يذهب الشخص الميت " عند رؤياه الجنازة في الطريق " ومن اين يأتى اخاه واخته .. وهكذا من الاسئلة التى غالبا ما تكون الاجابة هى " الله " او المسيح ثم تصبح الاسئلة بعد ذلك تدور عن الله : اين هو ؟ هو جاء من فين ؟ هو ربنا شكله ايه ؟ وهو اكبر ولا بابا ؟ هو آعد فين ؟ هو شكله ايه ؟ .. ثم من جهة اخرى يذهب الطفل مع والديه الى دور البعادة ويتعلم منهم ان يحترم الكنيسة ويلتزم الصمت وعدم الجرى ، وكذلك يتعلم منهم ان يصلى صباحاً ومساءاً .. قائلين له " بلا نصلى لربنا " وذلك حتى يتعلم المبادئ الدينية ثم يهددون الطفل بان الذى يشتم او يبكى " بروح النار " او لاربنا " يوديه النار " لذلك كانت شخصية الله او المسيح او ربنا هى مثال لاسئلة الطفل عن وجوده ومكانه وشكله .. الخ الا ان اجابة الوالدين هى غالبا اجابة غير شافية ولا يستريح بال الطفل الا بعد ان يجد الاجابة التى يستريح لها عقله ، وحيث يكثر اسئلة في هذا المجال فانه يضطر في اغلب الاوقات ان يسكت لانه غير مقتنع بها والسبب في هذا ان الطفل لم ينضج عنده التفكير المنطقى او فحص الوقائع بل ان تفكيره هو تفكير على مستوى حسى فيمتص تفكيره وخياله الذى يعيش فيه من الواقع الملموس الذى يراه او يسمعه وحيث ان شخصية الله لا يمكن ان يراها او يسمعها او يتعامل معها مباشرة لهذا كان من الصعب ان يصل تفكيره الى هذا المستوى المجرد وهو فى هذا السن . وتهديدات الوالدين للطفل بعذاب النار لهو خطا كبير حيث ان هذا يولد للطفل الشعور نحو الله خاه في الكبر يعتقد الشخص ان جميع المصاعب او المصائب اذا انهالت عليه فان الله يدبرها له ومن المعروف ان التربية السلبية هى دائما خطا ومن المفضل ان تكون ايجابية حيث نقول للطفل ان المسيح يحب الاطفال وخاصة حفظهم للاناشيد التى لميلاد المسيح له المجد والطفل المفروض عليه وان الله صاحب هذه الكنيسة ومن الممكن ان يعرف الطفل الصلاة في هذا السن على انها حديث الى السيد المسيح له المجد وهو حديث تحوطه الرهبة وغموض العينين وعدم التحدث مع الغير اثناء الصلاة وهذه كلها يستمدها من التربية الدينية من الوالدين او من مدرسة الحضانة او من المحيطين به بصفة عامة . ولا يزيد الدين عند الطفل في هذه المرحلة عما اسلفناه . ( 3 ) الدين عند الطفل في مرحلة الطفولة المتاخرة " من 6 سنوات : نهاية العشر سنوات : - فى هذه المرحلة يكون النمو العقلى اكثر نضوجا من المرحلة السابقة ويكون التفكير المنطقى والتفكير المجرد ينموان تدريجيا ، الا ان البعد شاسعا بين التفكير في سن الخمس سنوات وبين التفكير في سن العشر سنوات . فى بداية هذه المرحلة وهى التى تسمى الطفولة الهادئة يطكون الطفل قد امتص معايير السلطة الوالدية ويكون قد ارتضى احامها وتعلم الخضوع للمعايير والمثل ويكون قد تعلم اخضاع ميوله ورغباته لحكم الواقع ومن ثم يكون ارتضى بصحتها نوعا ما ، وفى هذه الفترة خاصة في بدايتها ينهال الطفل بائسلة عن الله وعن وجوده وسكله وهل له عينان ؟ كما يريد معرفة شكل السماء وشكل النار ويستمع الطفل جيدا عن الحديث عن الموتى حينما يتلاقون مع الله .. كذلك يستمتع الطفل بالحديث عن الملائكة واجنحتها وخاصة اذا لبس ملاكا فانه يتقمص شخصية الملاك ويقارن بين شخصية الملاك " المتخيل بالطائر الذى يطير في السماء ، وان الملاك اللون الابيض وعلى الشيطان اللون الاسود " وان الطفل لو شتم او ضرب احد فانه يسمع كلام الشيطتن ، فى هذه المرحلة يتعلم الطفل انه يحب الله اكثر مما يحب والديه وانه لبد ان يسمع كلامه وان الله هو الذى يعطى النقود الى والدية وهو الذى يشفى المريض وهو يقبل كذلك فكرة الخلق والميلاد والموت ووجود الله في كل مكان ، فعملية التلقين في هذه الفترة هى السبب المباشر لمعرفة الدين عند الطفل ولا سيما انه كما قلنا انها عملية خضوع للمعايير والمثل وهى قبول للواقع ووسيلة من وسائل التكيف للحياة الاجتماعية وقبول فكرة الله ما هى الا امتداد للسلطة الوالدية وان اله كذلك هو فكرة مكبرة للوالد يعاقب والله يعاقب ولكن بصورة اكبر لانه هو ايضاً اكبر من والده فالخوف من السلطة الالهية هو امتداد للخوف من السلطة الوالدية وظهور الانا الاعلى او الضمير في بداية هذه المرحلة هى التى تساعد الطفل على تقبل المعايير والمثل الدينية ونمثل الان الصفات العامة لسيكولوجية الدين في مرحلة الطفولة الهادئة : ( أ ) الواقعية : REALITY يمتاز الطفل حتى سن الثامنة من عمره بذاكرة بصرية قوية لذلك كان الجزء الاكبر في تفكيره قائما على عناصر حسية بصرية فالتفكير اذن كما قلنا هو تفكير في مستوى حسى وهو يستعين في عملة التفكير باستعادة الصور الحسية لموضوع التفكير اى هو تخيل يسمى التخيل الاسترجاعى ، اى هو تفكير قاصر على استرجاع صور الواقع وهذا التخيل يختلف عن انواع التخيل الاخرى هى التخيل التركيبى او الابداعى ، والطفل في هذه الفترة يميز بين الوهم والواقع او بين الخيال والحقيقة ، وذلك ان مبدا الواقع قد بدا في الدخول في حياته فهو يضفى على موضوعات الدين التى سبق ذكرها مجودا واقعيا مشخصا ، فشخصية الله والملائكة والشياطين والجنة والنار كلها يتمثلها بخياله اولا وقبل كل شئ وهو يتمثلها على مستوى حسى وان وصف الله او ربنا لا يخلع عليه الطابع الروحى فليست لصفات الله معان واضحة في ذهنه ولكنها الفاظ استقاها من الكبار والصور الحسية عن الله او الملائكة وغيرها يركبها الطفل في خيالة من عنصر يستقاها من الواقع التجريبى فقد يتصور الله مثلا كما يتصور " بابا نويل " او يتصوره رجلا كبير الحجم جدا واقف او جالس ينظر الى الناس جميعا ويتصور الكلائكة انها بيضاء باجنحة كما يتصور الشياطين انها كائنات سواداء بشعة لها اجنحة سوداء ايضا وتنبعث من عيونهم شررا تعلوا رؤسهم قرون فتاكة ، هذا السمتوى الحسى في التفكير الدينى يتفق مع مستوى النمو العقلى للطفل حيث ان قدرته على التفكير المجرد لن تظهر بد ، مقدرته على التخيل الابداعى تجعله يستمد عناصر تصوراته الدينية من خبرته الواقعية ويؤلف بينهما مبدعا تلك التصورات ويلونها بانفعالاته الخاصة ، اى انه يعكس صفات ابيه وموقفه عن ابيه على الله ... الخ . ( ب ) الشكلية : FORMELITY الدين في هذه المرحلة من العمر يأخذ الطابع الشكلى اذا ليس للطفل عمق في الدين او شعور عميق وجدانى بقدر ما هو طابع طقس اذ ان ادين هو عادة الصلاة وعادة الذهاب الى الكنيسة او دور العبادة بصفة عامة او اضاءة الشموع او الصوم مع بقية الاسرة اسوه بهم والذهاب الى مدارس الاحد وتعلم السجود ، كل هذا يأخذ الطابع باداء الطقوس ، فادا كل الطقوس الكنسية وممارسة الاسرار هى كلها ممارسات يؤديها دون ان يفهم معناها يكتسبها بالتلقين من الكبار . ( ج ) النفعية : ان الصلاة بالنسبة للطفل في هذه المرحلة من العمر هو اداء نفعى محضفهو يصلى من اجل الحصول على لعبة او النجاح في الامتحان او ينقذه الله منضرب ابيه او عقابة له ، او لانقاذه من الاحلام المزعجة كالعفاريت والكلاب . والعيج عند الطفل ليس احتفالا بميلاد المسيح او قيامته ..... الخ ولكنه فرحة لبس الملابس الجديدة وفرقعة البمب واخذ العدية والتنعم بالحلوى والفطائر والشيكولاته وما شاكل ذلك فالدين اذن هو وضيفة لتحقيق المنافع والسعادة عند الطفل ولتحقيق الامن والطمانينة والشعور بالذنب في هذه المرحلة ما هو الا الارض الخصبة التى ينمو عليها عناصر الدين ومكوناته ويجب الاهتمام بتنقية الشعور بالذنب او الضمير حيث يصبح هو راس مال الدين يتم النمو الوجدانى ويصبح الدين هو العبادة الحقيقية والصلة الفعلية بين الفرد وخالقه وهذا الامر شبيه بتعلق الطفل بوالديه وهذا التعلق هو يتعلق بهم لانه لا يتسطيع الاستغناء عنهم وحينما يتم النمو الوجدانى فان هذا التعلق يصبح حبا حقيقياً حيث يقدم الى والديه العطف والحنان والخوف عليهم وحمايتهم في شيخوختهم . الركن الاجتماعى : ان الطقوس الدينة تروق الطقل لانها ترضى نزعته الطبيعية الى حب التجمع والاختلاط بالناس فالكنيسة وجميع دور العبادة تروق الطفل لانه يجد فيها تجمع والمشاركة ويحب مدارس الاحد لانه يجد فيها الصور الدينية والجوائز والهدايا وفيها يتعلم الالحان مع غيره من الاقران ومن جهة اخرى نجد ان الطفل تتحقق له مكانته والمكانة لا تتحقق الا وسط مجموعة من الافراد لذلك كان الركن الاجتماعى عاملا قويا يحقق اجتماعية الطفل فالدين بالنسبة للطفل وظيفة تحقق هذا الركن الاجتماعى . ثانيا : الدين في سن المراهقة : منذ بلوغ الفرد سن المراهقة يحدث نمو جسمى على نحو مفاجئ ويكون هذا النمو نهاية الامطاف بحيث لا تنتهى فترة للمراهقة الا ويكون الجيم قد اكتمل نهائيا ويتماشى مع النمو الجسمى هذا النمو الوجدانى ويتبع ذلك النمو الاجتماعى واذا تحدثنا عن النمو العقلى والوجدانى فانهما ينموان باركان كثيرة وعلى اى حال فاننا الان بصدد النمو في المشاعر الدينية وكيف تبدو ، والدين في هذا السن يعتبر انه مركب وجدانى يحتوى على كثير من الانفعالات وقد تكون هذه الانفعالات متعارضة مرة ومتجانسة مرة اخرى وهو يعتبر كذلك مجموعة من العواطف والانفعالات فنجد الحب الدينى والخوف الدينى والرهبة الدينية والبهجة الدينية وكثير مما شاكل ذلك . ونذكر الان بعض العوامل التى تدخل في سن المراهقة وتشكل الدين وسيكولوجية وتشكله جزء كبير من حياة المراهق . بعض العوامل التى تدخل في تشكيل سيكولوجيه الدين لدى المراهق : ( النمو العقلى – التقلب الانفعالى – الغريزة الجنسية – التمرد – الشك في الذات الالهى ) 1 – النمو العقلى : بكافة اركانه يسبب التفتح الذنهى الذى يريد معرفة كل شئ ومن اهم الموضوعات التى يرغب في معرفتها والغور فيها . الموضوعات الميتافيزيقية اى ما وراء الطبيعة التى يرغب في معرفتها ، وكذلك الامور اللاهوتية فتزاوده الاسئلة متى خلق العالم ؟ ومن الذى خلقه ؟ وكيف خلقه ؟ ومن الذى خلق الله ؟ وما صحة الكتاب المقدس ؟ .. الخ وهو يبدأ في قراءة الكتب التى تجيب على هذه الاسئلة ويحاول حضور المحاضرات الثقافية التى تكون كافيه لمعرفة ما غمض عليه ومن هنا تاتى مشكلة فاذا قرأ او سمع معلومات تتناقض مع ما جاء في الكتاب المقدس او فى الكتب الدينية بصفة عامة فان ذلك ربما يحدث تتناقض مع ما جاء في الكتاب المقدس او فى الكتب الدينية بصفة عامة فان ذلك ربما يحدث معه الشك في الوجود الالهى وقد يدفعه هذا الى مزيد من القراءة حتى ترد على الشك الذى ساوره وعلى هذا فان التفتح الذهنى هو السبيل الى الغوص في المضمار اللاهوتى والميتافيزيقى فى هذا السن وظاهرة النقد الدينى ما هى الا نتيجة التفتح الذهنى الناجم عن النمو العقلى فيحاول المراهق دراسة الدين لينتقضه وهذا النقد ما هو الا نوع من التمرد على السلطة الالهية كذلك نجده يحاول دراسة الآيات التى تبدو متناقضة ، يحاول دراستها حتى يحاول تهدئه شكوك الآخرين وفى الحقيقة هى محاولة للتهدئه واقناع شكوكة هو .
2 – التقلب الانفعالى : - من المعروف انه في سن المراهقة نجد ان المراهق او المراهقة في حالة تقلب مزاجى مستمر فهو متذبذب بين الثورة والهدوء والتذمر والرضى والفرح والحزن ، الحماس واللامبالاه والتهور والجبن ، المثالية والواقعيه الغيرية والانانية والغضب والاستسلام والتدين الزائد والشك والطموح الزائد والياس ، الاندماج في منظمات ثورية او دينية مثل : ( مدارس الاحد – اجتماعات الشباب – المنظمات المنحرفة ) واعزلة عن الناس وعن المجتمع وحب المتمع " المجتمع الكنسى " والثورة ضده . وهكذا نجد ان حياة المراهق يشوبها التقلب المستمر والمشاعر الدينية . ما هى الا نوعا من هذه الانفعالات لابد ان يصيبها التغير كما يصيب غيرها فتاره يكثر الصوم والصلام وقراءة الكتاب المقدس والكتب الروحية وسائر الكتب الدينية وتفحص شخصية القديسين والتشبه بهم حتى انه يفكر في الرهبنة والعزوف عن الزواج ، وتاره ارخى يمر بفترة الفتور الروحى يختصرالصلاة والصوم وهبوط في المستوى الروحى ليحل محلة التفكير الجنسى واحلام اليقظة في الآمال والطموح نحو مستقبل عظيم ونحو زوجة مثالية الجمال والخلق والثروة والجاه والمنسب ... الخ . وعلى هذا فالمراهق او المراهقة في حالة تقلب انفعالى او مزاجى مستمر بين حماس روحى وصلة بالله وبين ضعف وفتور قد يصل الى الالحاد بعض الاحيان . 3 – الغريزة الجنسية : ان هذا الدافع الجنسى له الاثر الاكبر في حياة المراهق او المراهقة الدينية فعنف الغريزة والصراع والتوتر الناشئين عن اللذة الجنسية والشعور بالذنب يعطيه ذلك الاندفاع الدينى هربا من التورط في لذة ينجم عنها مشاعر الاثم والندم ، هذا الانفاع الدينى يعتبر ميكانيزما يدرا عنه اللذة الجنسية والشعور بالذنب ، ويقد يأخذ المراهق او المراهق حلا وسطا بين التورط الجنسى وبين التعفف الكامل وذلك بمزاولة العادة السرية التى ينشأ عنها بالتالى شعورا بالذنب احساسا بالدنس وعدم الطهارة ، فاذا كان الصراع الجنسى وعدم الطهارة ، فاذا كان الصراع الجنسى قوى وادى الامر الى مزاولة العادة السرية بشكل سافر ادى هذا الى ظهور الهوس الدينى الذى يتبدى في شكل التدين الذى يفوق الرهبنة والاكثار من الصوم والصلاة بشكل يفوق العادة وهذا الهوس الدينى يعتبر ميكانيزما بغية شر التورط الجنسى ويعالج به مشاعر الذنب القوية والشعور بالذنب االناجم عن التورط والادمان في العادة السرية ينجم عنه حالة الاكتئاب الشديد كما يظهر ايضا على المراهق او المراهقة حالة الحوار التى تتبدى في كثرة غسل الايدى واطالة وقت الاستحمام وهذا الميكانيزم يجعل " اللاشعوريا " يقوم بعملية التطهير وازالة الدنس وغسل النجاسة بكثرة الغسيل . وهكذا نجد ان الدافع الجنسى القوى يدفع المراهق او المراهقة الى التعلق بالدين في هذه الفترة من العمر اكثر من غيرها في فترات حياته ، وعنف الغريزة قد يدفع المراهق الى الهرب من وجه الله ليتورط في اللذة الجنسية فيلجأ الى الالحاد الذى يكون بمثابة ميكانيزما يطمر به الشعور بالذنب والام الضمير ويساعده في هذا النمو العقلى والتفتح الذهنى الذى يجعله يعلل المعجزات السماوية والخلق والحياة الاخرى بتعليلات اخرى طبيعية ليهرب من عذاب الضمير وعنئذ يعد الطريق للتورط الجنسى ممهدا ليسير فيه . ولقد حاول كثير من الكتاب والمتثرين بالتحليل النفسى ارجاع اليقظة الدينية في سن المراهقة الى النضج الجنسى واضعين في الاعتبار ان الدين هو اعلاء الغريزة وتحول الطاقة الجنسية الى اهداف مثالية وان ظهور الميول الجنسية في فترة المراهقة بعد فترة الكمون الطويلة تهز المراهق هزا عنيفا لانها تستنير المكبوت من الرغبات المحظورة ومن ثمة تزيد الشعور بالذنب ومن ناحية اخرى تزيد المراهق خوفا من ان تتحقق هذه الرغبات فيحاول جاهدا مقاومتها فيجد في الدين خير وسيلة دفاعية ضد الميول الجنسية وهى وسيلة تخفف من مشاعر الذنب الاليمة خاصة ما يجده في سرى الاعتراف والتناول ، ولما كانت الثقافة الشخصية تضع اهمية كبرى لسمعه الفتاه ، ولما كانت الفتاة تخضع دائنا لقواعد اكثر صرامة من تلك التى يخضع لها الفتى استطعنا ان ندرك اهمية التوتر الزائد عند الفتاه ، يضاف الى هذا التوتر ، التوتر الجسمى الناتج عن آلام الحيض والخوف الشديد من ان يتحقق لها الحمل وهى عذراء " وهاذ ناتج عن شدة التفكير الجنسى " ثم هى فى صراع بين المثالية المتطرفة وبين النزعات الجنسية الشديدة ، ولا ننسى انها اكثر حساسية من الفتى عرضة من ان لاخر لنوبات الندم وتانيب الضمير ، ولما كانت هى اكثر استسلاما وحنوا وخضوعاً للكتب ، ولما كان الحب الطاهر او الحب الافلطونى فهى تحاول جاهدة ان تبتعد عن الحب الجنسى ولما كانت الرغبات الجنسية تفزع الفتاة ويعزبها الشعور بالذنب ويتملكها الخوف من ان تتحقق هذهالرغبات ، ولما كانت ايضا فرصة الفتى للاعلاء بيمول الجنسية ابى الميدان الاجتماعى واسياسى والنشاط العملى اكثر من فرصة الفتاه لذلك لا يكون امام الفتاه غير السعى الى الاهداف الدينية الجمالية او العلمية ، ولما كانت ايضا حاجة الفتاة الشديدة الى الامن يجعلها في حاجة شديدة الى سند قوى ... من اجل ذلك كله استطعنا ان نتصور الى اى حد يكون الشعور بالذنب قويا عند الفتاة ، ولما كان الحب هو وسيلة لاشباع رغبات الفتاة الوجدانية لذلك فهى توجه طاقة الحب عندها الى الله فالله هو خير موضوع توجه اليه الفتاه ، ايضاً هى ابرز منه عند الفتى ويظهر ذلك فيما تشاهده من استشهاد كثير من العذارى والقديسات مثال القديسة دميانة وغيرها . 4 – التمرد : - ان ظاهرة التمرد واضحة جدا في سن المراهقة فالتمرد يكون اساسا على السلطة الوالدية ويمتد هذا التمرد الى السلطة المدرسية والى المجتمع والى كل سلطة يعيش فيها حتى الكنيسة فانه يتمرد عليها فلا تعجبه احيانا قوانينها واصوامها وتقاليدها وقد ينتقد الكاهن كثيرا او الشماس وكل هذا صورا من صور التمرد على السلطة الكنسية ، وكل هذا ما الا امتداد للسطلة الوالدية وكثيرا ما يقوم المراهق او المراهقة بالتعبير عن رايه الشخصى في كثير من الامور ولا سيما الامور الدينية فهو يجد في قراءة الكتب التى تتنافى مع الكتب المقدسة من كتب علمية او فلسفية او نفسية ما يحقق له التمرد على الوجود الالهى والانفصال الجزئى عن الحياة الروحية والنضوج العقلى مع قلة الخبرة يصبحان كالارض الخصبة التى يزرع فيها تقاليد الكنيسة او الاسرار المقدسة او فقد الزات الالهية خاصة اذا وقع في كارثة كالفشل في حب او الرسوب في الامتحان او وفاة عزيز عليه مما يؤدى الى الشك في وجود الخالق وقد يؤدى الى الالحاد في كثير من الاحيان وقد يظهر التمرد على السلطة الكنسية بشكل اخر من التعبيرات الزاتية عن بعض الآراء الحرة فقد يسأل ما هو الدليل على ان الرقص حرام وما هو السبب في ان قبله الجنس الآخر محرمة ؟ ... وهكذا نجد كثيرا من الآراء الشخصية المنحرفة بغية الخروج عن تقاليد الدين او تحقيق ذاتيه ، وهناك امر لا يمكن ان ننساه وهو ان الوازع الجنسى بقوته ولذته يثير مشاعر الذنب الاليمة الذى يتيح له الطريق الى اقوى دافع من الدوافع الغريزية الا وهو الدافع الجنسى فيرفع بين التفكير فيه او التورط فيه من اجل ذلك استطعنا ان نتصور الى اى حد لا يكون امام الفتى المراهق او الفتاه ( ولكن غالبا المراهق فقط ) الا السعى الى الاهداف الهدمة التى تؤرقة وتهدر افكاره فتقوده الى الشك وقد تقوده الى الافكار هربا من الشعور بالذنب ( هربا من وجه الله ) . 5 – الشك في الذات الالهية :- تحدثنا عن الشك في البند السابق باعتبار ان الدوافع الجنسى هو المولد لهذا العنصر باعتبار انه شكل من اشكال التمرد وفي هذا البند نتحدث عنه في حد ذاته المولود لهذا العنصر واضح ومشكلة من مشاكل المراهقة ومظهر من مظاهر الدين في هذه المرحلة من مراحل العمر . وعلى هذا نقول ان الشك في الذات الالهية او الالحاد هو المظهر الثانى من مظاهر اليقظة الدينية التى تطرأ على الفرد في سن المراهقة ( فتى او فتاه ) ويأتى هذا الشك في اعقاب النضج العقلى وتفتح القدرة على النقد ، لهذا فاننا نرى ان العنصر العقلى بسيط على الخبرات الدينية . ويكون الفرد المراهق ( المراهقة ) اكثر قابلية للشك اذا كانت تربيته الدينية المبكرة تربية قسرية او فرضية او عنيفة ( كما اثبتت البحوث ) ويختلف الشك باختلاف الزاج والذكاء والالمام بالمعلومات والظروف الخاصة والتربية الطفلية فهو يتراوح بين الالمام بالنقد العابر وبين الارتياد الحاد في العقلية كلها ويضاف الى سبب النضج العقلى سبب آخر وهو الكوارث التى تحدث له والتى تفقده ثقته بنفسه ، وثقته في الله ، يضاف الى ذلك كله ان يصاب الفرد المراهق بالقلق الشديد والحيرة والتردد والكابة والشعور بالذنب ثم هناك عامل آخر تحدثنا عنه في البند السابق وهو العامل الجنسى وتكلمنا عنه تفصيليا كذلك العامل الانفعال الذى قد يكون سببا مباشرا للشك في ذلك الاب الاعظم . وتعلب عقدة " اوديب " دورا خطيرا في عملية الشك اذ ان ابعاد الاب والرغبة في اقصائه ابان مرحلة الحضانه لهى رغبة يعاد تكرارها بصورة اكبر نحو الاب الاكبر في سن المراهقة ، واذا كان استبعاد الطفل لابيه في سن الحضانة لكى يحتفظ بحبه لأمه في جانب ، فان استبعاده لله فى سن المراهقة لكى يحتفظ برغبته في الغريزة الجنسية في سن المراهقة في الجانب الآخر . وعلى هذا نلخص اسباب الشك في سن المراهقة على الوجه التالى : 1 – النضج العقلى . 2 – التربية الدينية الصارمة في الطفولة 2 – الكوارث والمصائب التى تقع . 4 – تأكيد الذات . 5 – العامل الجنسى 6 – الحالة الانفعالية . 7 – عقدة اوديب لهذا فاننا لا نحبذ الرهبنة قبل سن العشرين حيث تكون العواطف جياشة وثائرة ، ولكن يجب الصبر لما بعد سن العشرين حيث تكون الحالة الانفعالية للفرد قد هدأت واستقرت . ( 3 ) الدين بعد سن العشرين : - بعد ان تنتهى فترة المراهقة وتنتهى الحياة الانفعالية العنيفة تبدأ حياة الفرد في الاستقرار حينما يدخل دور الشباب وتبدأ الحياة بشكل آخر وبسلوك يختلف عن السلوك في الفترة السابقة تبدأ حياة الخبرة والاستقرار النفسى كما تبدأ العواطف المتلاطمة والمتضاربة في الاستقرار ، ويبدأ الدين يأخذ لونا وظيفيا في الغالب وان كان فيه الحب الالهى ، لكن في فترة الشباب وما بعدها يأخذ الدين في الغالب جوهر الحب الالهى والفرد المسيحى يعبد الله ويتدين ويصوم ويصلى ويتردد على الكنيسة ويمارس الاسرار بسبب الحب الذي يشعر به تجاه الخالق له المجد وخلق الفرد العادى ( الغير مصاب بأمراض نفسية اى الذى يتدين دون عامل وظيفى وراء البعادة ) اسباب مباشرة تدعوه الى التدين : - ( ا ) حب الفرد لله : لأن الفرد قام بالحب اولا وقام بالفداء ، احساس بفضل الله على البشرية فكيف يقف صامتا الا ان يقابل هذا الحب بالحب وهو امام هذا الحب على استعداد ان يضحى بقدر ما يستطيع في سبيل ارضاء الله من جهة وارضاء ضميره وشعوره من جهة اخرى فسيكولوجية الذين هنا هو الحب اى ان الطاقة النفسية اصبحت موجهة تجاه الذات الالهية المحبوبة فيضحى بلذة الطعام بالصوم ويضحى بجزء من ماله ليقضربه الله ، ويضحى بوقته في مشاغل الدنيا لكى يقابل الرب يسوع سواء في الكنيسة او فى مجال الخدمة ... ( بـ ) الخوف من العقاب : فالفرد يخشى عقاب الله ويكون الشعور بالزيف هنا هو المقابل لغريزة الخوف ، فالخوف من الجحيم ومن النار التى لا تطفأ سواء كانت نارا مادية او معنوية وهكذا فان " سكيولوجيه الدين هو الخوف " الخوف من الطرد كما طرد الله آدم من الجنه واوقع عليه العقاب فالخوف هو خوف من العقاب او خوف من الحرمان من الملكوت الابدى لهذا يقوم العابد بالخضوع وتقديم القرابين المقدسة واطاعة الله والعمل بوصاياه . ( ج ) اذدواج العنصر بين السابقين : فكل فرد حسب سيكولوجيته فقد يغلب عنصر على العنصر الآخر وقد يتساوى العنصران معا فقد تكون عبادة فيها الحب هو الجانب الغالب وقد تكون العبادة فيها جانب الخوف هو الغالب .
الفصل الثانى سيكولوجية الضمير ان اول ما يمثل الضمير فانه يمثل صور الوالدين والمربين ومحرماتهم ومثلهم العليا . وهو يقتضى تمثل هذه الصور والتأثر بها وانعكاسا على هيئة سلوك . وهذه المثل العليا لها جانب اجتماعى بالاضافة الى الجانب الفردى وما يدعى عادة " بالضمير " فانه يشمل الجزء الشعورى من " الآنا " الاعلى اما الجزى اللاشعورى منه فمتصل " بالهو " وهذا الجزء ( الذى يتصل بالهو ) يستطيع ان يدرك المنبهات اللاشعورية قبل ان تصل الى وعى " الأنا " . وهذا الجزء الذى هو " الضمير " يعمل على كبت الحوافز التى يحرمها الدين وهو يعمل ايضا على تعطيل عمل " الأنا " فهو يعتبر حارس النفس الذى يتوقع استجابة البيئة على سلوك الفرد وهذا " الانا الاعلى " يتغير طوال الحياة بتأثير الاشخاص ذوى الخطر والمعلمين والمرشدين ورجال الدين والكتب المقدسة وغير ذلك ، مما يعتبر الفرد المثل الاعلى الذى يحتذى به ( الاطار والمرجع ) والانسان المسيحى اعتبارا من سن المراهقة وردت في امتثال الوصايا التى وردت في العهد القديم وجميع ما جاء من وصايا وأيات في العهد الجديد يبدأ الضمير في التكون حوالى سن الثالثة من العمر حينما يكون الطفل بحيث يتمكن من فهم واستيعاب كل ما يطلب منه او كل ما يسأل هو عنه ويكون ايضا نموه الانفعالى قد وصل الى درجة من النضج تجعله قادرا على عطاء الحب من جهة ومن جهة اخرى يجب ان يكون محبوبا . على ضوء ما سبق فان الوالدين يبدآن في معاملة الطفل باعتبار انه يستطيع ان يتقبل كل ما يفضر عليه من اوامر ونواهى وهكذا يبث الوالدين في الطفل ما يعرف بالتنشئة الاجتماعية بالوضع الذى يتلائم مع البيئة . ومن المعروف ان التشئة الاجتماعية تستقى معاييرها قوانينها واسسها من البيئة التى يحيا فيها الانسان وبهذا يعود الوالدين الطفل في هذا السن ( سن الحضانة من 3 – 5 سنوات ) الخضوع لهذه المعايير وقيود الواقع وجميع التحريمات والممنوعات والنواهى التى تتطلبها البيئة ويطلبها المجتمع وتتمشى مع القيم الدينية والروحية والمقصود بالبيئة هنا " البيئة الاجتماعية ، والبيئة الكنسية " حيث لا يوجد تعارض بين الحياة الكنسية والحياة الاجتماعية السليمة ، وان ادخال هذه القيود يكون تبعا لمبدأ الثواب والعقاب وعناصر الحرمان والتأجيل وبعد ان كانت حياة الطفل كلها تسير في يسر وسهولة اصبحت نفسه تضيق من القيود والنواهى واصبح يدخله القلق النفسى والاضطراب والانفعال ثم يصبح الطفل بعد هذا يعانى من الصراع النفسى ، هل يقبل ما يفرض عليه ام يرفضه ؟ ولكن يعود ويبدأ في قبول النواهى والتحرمات خوفا من العقاب وحبا في ان يكون محبابا ولما كانت الام قبل هذه الفترة من السن هى وسيلة العطاء والغذاء والحب والحنان تصبح في هذه السن موضوع الحب لذاتها فهو يخشى غضبها ويخشى فقدانها أو ان توجه حبها الى غيره خاصة ابيه لذلك يضطر الطفل الى قبول الواقع وقبول ما تفرضه الام عليه وبعد ان كان الطفل يكره اباه لغيرته على امه منه وانه يبدأ في قبول الواقع وتقمص شخصية هذا الاب نزول عنه لضعفة امام ابيه ولما كان هذا التقمص يقتضى اعجاب الطفل بابيه فانه يضطر الى قبول ما يفرضه عليه الاب وهكذا يبدأ طفل في قبول اوامر ونواهى ونصائح الوالدين ويصبح صوتهما الخارجى هو الصوت الداخلى الذى يعبر عنه باسم " الضمير " وظيفة الضمير : ان وظيفة الضمير الاساسية ان يحول دون اندلاع الرغبات الغريزية والرغبات المكبوتة والانفعالات الشريرة ( الغيرة والعدوان ) ويصبح هو المعظم للسلوك الصادر من الطفل وبهذا يكون الضمير نابعا من لا شعور الطفل ويصبح هو ما سميى باسم " الانا الاعلى " الذى يستخدمه الطفل للحصول على تصاريح المرور الوجدانى والسلوك الشخصى له ويصبح هذا الضمير هو مصدر الخوف من العقاب او فقدان الحب ويظهر هذا الخوف ( اللاشعورى ) اثناء نومه في كسل احلام مزعجة كالعفاريت والوحوش والكلاب والمشى في الظلام ... الخ . وهكذا فبعد ان كان الطفل يخاف من امور واقعية حقيقية يصبح الخوف من امور وهمية ينسجها خيالة نتيجة التكوين الجديد لحياته الانفعالية . وحينما يصبح الطفل مراهقا يبدأ حياته الدينية التى تكون امتداد لحياته الاسرية وتنشئته الاجتماعية ويكون قدرة الضمير ومشاعر الذنب طبقا لاصول الثواب والعقاب التى تلقاه في مرحلة الحضانة ولما كان التفتح الذهنى والنمو العقلى وتلقين الدين ووصاياه هى المؤثر التالى والبناء القائم على الاساس الطفلى يكون مقدار مشاعر الذنب التى تحدد سلوكه سواء في هذا السن او في سنوات العمر التالية . قوة الضمير : ويكون الدين بعد هذه المرحلة من التكوين النفسى هو بمثابة المكون للاطار المرحلى للسلوك الشخصى لديه والدين هو الذى يشكل القواعد السلوكية للفرد فالدين عند القبائل البدائية يختلف في عمقه عن الدين في العهد القديم ، والدين في العهد القديم يختلف ايضا في عمقه عن الدين في العهد الجديد ، فمثلا في القبائل البدائية لا توجد تحرمات معينة محدودة ولكن هو شكل عام وعلاقة بالالهة لاسباب شخصية ( كما سنرى ) . اما الدين في العهد القديم ففيه تحرمات واولها الوصايا العشرة وهى محرمات عامة لا تدخلها الدقة والعمق بعكس ما حدث او يحدث في العهد الجديد " فمثلا " الزنى محرم في العهد القديم اما في العهد القديم ليس الزنى وحسب هو المحرم ولكن ايضا مجرد النظرة ذاتها " الاشتهاء " ( قد سمعتم انه قبل للقدماء لا تزنى اما انا فاقول ( لكم ان كل من ينظر الى امراة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه ) مت 5 : 27 . ومثال اخر ( سمعتم انه قيل عين بعين وسن بسن واما انا فاقول لكم لا تقاوموا الشر بالشر بل من لطمك على خدك الايمن فحول له الآخر ايضا ) مت5 : 28 وهكذا نجد ان الضمير هو صورة من الدين يتعمق بعمقه ويستد بشدته وعلى هذا فان الضمير هو تكون نفسى يبدا من الطفولة ويتلقى اصوله من الوالدين وبنائه من الدين . ويرى يونج ان هناك ضميرا جميعا يسعى الناس جميعا عن طريقة الى عمل الخير هاربين من الشر والخطية كما ان يونج ذاته يذكر انه سبق ان استخدم طريقة في علاج حالة عصبية " سمى هذه الطريقة " لا طريقة " وهى استخدام الخوف من الله لعلاج حالة عصبية وذلك اثناء تحليلة لبعض الاحلام لهذه الحالة مستخدما الرمزية في التفسير .
بين التعليم والتعلم * التعليم : هو قوة مؤثرة في اعداد الفرد ورقى المجتمعات وهو كذلك لا يشتق صفاته وسماته من ذات نفسه ولكنه يشتقها من واقع القوى والعوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية التى تسود المجتمع ، وبداية لابد من ان نفرق بين التعلم والتعليم . * فالتعلم : علم يبحث في ظاهرة تعديل السلوك او تغييره وهو العلم الذى يبحث في اكتشاف القوانين العلمية التى تحكم ظاهرة تغيير السلوك . * التعليم : هو الاجراء التطبيقى الذى يستخدم ما كشف عنه علم التعليم في مواقف تعليمية وتربوية في جميع الوسائط التعليمية ( الاسرة – المدرسة – المؤسسة الدينية – النادى – اجهزة الاعلام ) كل هذه الوسائط تستخدم وتستفيد من مباحث علم التعليم الناس بصفة عامه وفي تعليم الابناء او التلاميذ بصفة خاصة ومن هنا يعتبر عملية مقصودة تطبيقية يستفيد من القوانين التى كشف عنها . * علم التعلم : وفى عبارة واحدة التعلم علم والتعليم تكنولوجيا والمعروف ان التكنولوجيا هى تطبيق وتوظيف ما كشف عنه العلم في مواقف حياته كما تقول علم الطب وتكنولوجيا الطب وعلم الصناعة وتكنولوجيا الصناعة وفي كل حالة هناك المعرفة واكتشاف القوانين ثم الاستفادة من هذه القوانين واستخدامها في صناعة الادوات والاجهزة التى تفيد الانسان .. ويجمع كثير من علماء التربية وعلم النفس على وجود ثلاث مهام كبرى يفيد منها المعلم عند راسته لموضوع التعلم هى : 1 – هناك مجموعة من الاهداف التربوية يسعى المربون الى تحقيقها من خلال المؤسسة التربوية اساسا والمقصود بالاهداف التربوية مجموعة من الانماط السلوكية او الاداءات او الممارسات يسعى المربيون لاكسابها للافراد بحيث يستجيبون للمواقف البيئية المختلفة والقضايا الجدلية ( الخلافية ) المطروحة بما تكون لديهم من اتجاهات عملية وقدرة على التحليل . 2 – تمكين المربة من طرق اكساب المعلمين للمعارف والمهارات والخبرات اللازمة لهم في كل مراحل نموهم وكيف يوظف مخ المتعلم وكيف تنمو الميول والقدرات وهنا يغذى المربى مخ المتعلم بحيث يصبح هذا المخ قادرا على الانتاج فكرا وعملا وممارسة . 3 – ادراك المربى فهمه للفروق الفردية بين المتعلمين في العمر الواحد هذه الفروق قد ترجع للبناء البيولوجى للمتعلم كما قد ترجع الى وضائفه الفسولوجية والى الامراض والعاهات التى يعانى منها لما قد ترجع الى خبراته الماضية في المنول والمدرسة والثقافة التى انخرط فيها والى البيئة التى يعيش فيها بمستوياتها المختلفة والى المعاملة المنزلية والى الوسط الاجتماعى مئات العوامل قد يصعد حصرها كلها متفاعلة وتتلخص وظيفة التعليم في : 1 – تساعد على تشكيل العقول والسلوك للاجيال القادمة حتى لا يترك نمو الفرد او تطوره لعامل الصدفة . 2 – استثمار بشرى يقوم به المجتمع لتحقيق استقراره السياسى والاجتماعى وتقرير التنمية الشاملة من اجل تامين غد المجتمع وحمايته ومستقبله وخلق المواطن الصالح . *معنى التعليم : - يسود التعليم كل انواع النشاط البشرى تقريبا حتى انه لا يكاد يوجد نمط من انماط السلوك مكيف يخلو من نوع ما من التعلم . لذا كان دراسى التربية وعلم النفس يجد نفسه مسوقا الى البحث في كيفية تكوين الانسان لعاداته وكيف يكتسب مهاراته ومعارفه وكيف انه في بعض الاحيان يصير عدا للتعصب والتحامل وغيرها من الاتجاهات السلبية المتعلمة ( والتى كثيرا ما تؤدى الى اخفاق الفرد وعرقلة مجهوداته لتحقيق التكييف مع الوسط الذى يعيش فيه ولذا يكون سلوكه سلبيا وهداما ) * تعريف ( جاتس ) GATES : يرى ( جاتس ) GATES ان التعلم يمكن ان ينظر اليه على انه عملية اكتساب الوسائل المساعدة على اشباع الحاجات والدوافع وتحقيق الاهداف وهو كثير ما يتخذ صورة حل المشكلات . معنى ذلك ان الشخص يتعلم في الغالب اذا كان لديه : 1 0 هدف واضح يتجه اليه . 2 – بنشاطه فينمو ما عنده من استعداد في اكتشاف الوسائل التى تساعده على الوصول الى هذا الهدف وحل الموقف المشكل ثم يعمل ويكرر المحاولة حتى تثبت قدرته على التعلم لكن قد يحدث ان : 1 – يتعلم الفرد خبرة لم يكن يقصد تعليمها فقد يهدف الى تحقيق معين فيتعلم شيئاً لم . 2 – قد يكتسب المرء خبرة معينة من سلوك او نشاط عابر غير موجه نحو هدف . يعينه ولم يقصد به اشباع حاجة معينة . تعريف ( جليفورد ) GUILFORD : يرى " جليفورد " ان التعلم ما هو الا اى تغير في السلوك ناتج من استثارىة هذا التغير في السلوك قد يكون نتيجة لاثر منبهات بسيطة وقد يكون نتيجة لمواقف معقدة . هذا التعريف جامع شامل اكثر مما يجب اذ قد يحدث ان يتغير سلوك الفرد نتيجة لاستثارة معينة ومع ذلك لا يحدث تعلم . * مثال ذلك : اقفال العين اذا ما فوجئت بضوء قوى او سحب اليد فجاة حين تشعر بلمس شئ حار او ساخن جاد .. وهذا ليس بتعلم اذ يقصد بالتعلم نوع من التكيف بموقف معين يكسب الفرد خبرة معينة . * من تعاريف GUILFORD . GATES عن التعلم يوضح ان التعلم وظيفة اساسية للكائن عامة والانسان بضفة خاصة لاسباب خاصة نذكر منها : 1 – ان التعلم يعنى تعديلا للسلوك الكائن تعديلا يساعده على حل مشكلة صادفته يرغب في حلها ونضرب مثلا : * نعلم الشخص طريقة من محل عمله الى منزله . * نعلم فتاه تفصيل فستان * نعلم الطفل فك لعبته وفهم اجزائها . 2 – يتعلم الفرد تعديل سلوكه واكتساب خبرة معرفية تزيد من نموه وفهمه للعالم المحيط به ، وبالتالى يؤدى الى ذيادة قدرته على السيطرة على البيئة وتسخيرها لخدمته . 3 – يتعلم كيف يعدل سلوكه لتحقيق مزيد من التكييف للبيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية . 4 – يتعلم الفرد ميولا واتجاهات وقيما تساعد على ان يعيش سعيدا فى مجتمع له . خصائص ثقافية وحضارية ومادية معينة . وهذه الميول والاتجاهات والقيم هى التى تعطى حياته في هذا المجتمع معنى مستساغا منه ومن الجماعة . * طبيعة التعلم واهدافه : * اهمية التعلم :- يؤدى التعلم حسب مناه السابق دورا اساسيا وهاما في حياة الانسان بالذات فللفرد يولد وهو مزود ببعض الدوافع الفطرية التى تحافظ له على حياته مثل الرضاعة او الطعام والاخراج والنومبالاضافة الى بعض الافعال اللارادية كالحركة والبكاء وما شابه ذلك . وعندما يسب على الطريق نجد ان سلوكه قد اتخذ شكلا جديدا ومعقدا طوال مراحل نموه وتتكون عنده الاف والاف من العادات الجديدة التى لم تكن موجوده لديه سابقا وينمو في حياته مناحى جديدة تكون كلها مكتسبة مما تعلمه طوال نشاته في اسرته وبيئته ومدرستة ومجتمعه ويلاحظ ان عملية الاكتساب او التعلم تقتضى بالضرورة وجود الفرد من جهة والبيئة الخارجية من جهة اخرى ( سواء كانت هذه البيئة طبيعية مادية او انسانية ) اجتماعية وانه لابد ان يقوم بين هذين الطرفين تفاعل مستمر يدفع الفرد الى تطور وتعلم السلوك الجديد المكتسب تدريجيا وذلك من مهارات واتجاهات واخلاقيات وعواطف وميول وفنون وعلوم وغيرها ..... الخ مما ينشا وينمو في ظل الجماعة . وهنا نؤكد مرة اخرى على ان الفرد لا يقتصر على تعلم السلوك السوى والاخلاق الحميدة فقط وانما قد يتعدى الامر الى تعلم السلوك غير السوى والاخلاق غير الحميدة ايضاً " اليست هى ايضا سلوك مكتسب في البيئة التى يعيش فيها الفرد ومن ثم قد يكون التعليم سببا لرقى الفرد وتقدمه او سببا في تاخره وانحطاطه وهذا يقتضى ضرورة الاهتداء بالتربية لتهذيب المتعلم وتوجيهة الوجهة الصحيحة . على هذا الاساس نجد ان الانسان الفرد يظل دائما طوال حياته في عملية تعلم مستمر واكتساب متواصل للسلوك الجديد منذ ميلاده وحتى مماته والتعلم لا يتم حسب رغبة الفرد فقط بل انه قد يحدث ايضا على غير ارادته وكذلك نجد ان الفرد العادى السوى لا يستطيع ان يتعمد الامتناع عن تعلم آيه . خبرات جديدة نتيجة وجوده في اسرته وبيئته ومجتمعة بل انه مضطر الى تعلم شتى العادات والخبرات الجديدة التى تنشا من وجوده في مجتمعه وذلك طبعا بالاضافة الى قدرة الفرد على تعلم الخبرات الاخرى الجديدة والممكنة على اساس من القصد والتعمد في شتى الميادين الاجتماعية والاخلاقية والعلمية . * خصائص التعلم الاساسية : 1 – انه سلوك مكتسب يظهر نتيجة تفاعل الكائن الحى مع بيئته . 2 – ويرتبط ظهور هذا السلوك الجديد بوجود شرط الممارسة والتكرار . 3 – حيث يؤدى الى تعديل سلوك الكائن الحى وتغيير طريقة ادائه . * اهداف ونتائج التعليم : يستهدف التعلم وفقا للمبادئ التربوية الصحيحة تحقيق مجموعة عامة من الاهداف ويسعى للوصول بالفرد الى عدة نتائج واضحة تظهر اثارها في سلوكه وفى تطور شخصيته . وتتمثل اهداف التعلم او نتائجة في المجالات التالية : 1 – تعلم المفاهيم والمعلومات . 2 – تعلم المهارات . 3 – تعلم الاتجاهات ( او التعلم الوجدانى العاطفى ) . وهى كلها تسعى الى تحقيقها في سلوك الافراد من خلال التعلم . فكيف يتم ذلك ؟ - وما هى طبيعة كل هدف منها ؟ - وما دوره في العملية التعليمية ؟ 1 – تعليم المفاهيم والمعلومات : عادة ما يرتبط التعلم في الذهان باكتساب المعلومات والحقيقة ان هذا الهدف يمثل جانبا من جوانب اهداف التعلم والتى تمتد الى المهارات والاتجاهات دون ان تقتصر على المعلومات فقط والحقيقة ان التعلم يؤدى دورا ايجابيا وفعالا في التنظيم المعرفى عند الفرد اذ ان اكتساب المعارف وتعلم المعلومات لابد وان يتم في ثنايا تعلم المهارات والاتجاهات لان كل معلومة يمكن تحويلها الى نشاط ما كما ان كل نشاط لابد وان يشتمل ضمنيا على معارف متنوعة ويضاف الى ذلك ان من اهم نتائج التعلم تنظيم الناحية المعرفية عند الطفل ومساعدته على اكتساب المعارف والخبرات الصالحة له وللمجتمع الى جانب مظهر اخر يتمثل في تعليم الطفل طريقة التفكير والنجاح في الحياة لا يتمثل في مدى يحفظه الفرد وسيتوعبه من معارف نظرية او مواد دراسية فقط وانما يمتد الى ما يتعلمه من عادات صحيحة في التفكير السليم وكيفية تكون المفاهيم وتوجيه التفكير للتعود على حل المشاكل ومعالجة شتى شئون الحياة بموضوعية شديدة بعيدا عن التعصب والمصالح الشخصية والعوامل الزاتية وهكذا فان التعلم يؤدى دورا ايجابيا في تغيير التنظيم المعرفى للفرد والارتقاء به وذلك من خلال شقين اساسيين :
وهما يمثلان تراث الانسانية جمعاء والذى يمثل نقله من الاجيال السابقة الى الاجيال اللاحقة من خلال التعلم وبشتى وسائله . 2 – تعلم المهارات : - ماذا يقصد بالمهارة ؟ - ما هى خصائص الاداء المهارى الذى تسعى الى تكوينة من خلال التعلم ؟ * المهارة : هى نوع من النشاط المكتسب يستلزم استخدام العضلات الكبيرة او الصغيرة في الجسم بطريقة متازرة وسهلة وبسرعة معينة ودقه تامة . * تكوين المهارات : تكوين المهارات هدف اساسى من اهداف التعلم يتكامل مع اكتساب المعلومات والاتجاهات في وحدة مترابطة ويتميز الاداء المهارى الذى يسعى التعلم الى تكوينة عند الفرد بالخصائص التالية : 1 – التازر : وهو حسن التناسق في العمل بين العضلات ، وتناسق بين المثير والاستجابة في اداء الفعل ( عازف بيانو يحرك اصابعه في تناسق مع عضلات اليد ويتوافق مع النوتة الموسيقية ) 2 – السرعة : وهى سمة هامة من سمات الاداء المهارى وتاتى نتيجة التدريب وكثرة التكرار . 3 – الدقة : اى لابد ان تكون اعمالهم فيها دقيقة تماما . 4 – القدرة على الاداء في ظروف : طالما انه متمرس بالمهارة 5 – التوقيت : مراعاة التوقيق من حيث البداية والانتهاء . ويتضح ان كل خصائص الاداء المهارى السابقة ليست فطرية اكتسابها بالتعليم لذلك فان التدرب عليها يحتاج بالضرورة الى توجيه دقيق وتكرار مستمر وممارسة دائبة لضمان نمو السلوك المهارى المطلوب تكوينة عند الشخص مع مراعاة تحقيق هذا التواصل في التعلم والتدريب من أجل تثبيت المهارة المنتظمة والحفاظ على خصائصها . 3 – اكتساب الاتجاهات من اهداف التعلم مساعدة الفرد على تقبل هذه الاتجاهات السائدة في المجتمع والعمل على تعديلها والارتقاء بها وقد يعلق على تعلم الاتجاهات التعلم الوجدانى 1 – الاتجاه النفسى : ميل عام مكتسب ثابت نسبيا وهو استعداد عقلى ووجدانى يتكون من خبرة الفرد عن طريق التجربة واستجابته تجاه المواقف والاحداث المحيطة . 2 – خصائصة : استعدادات مكتسبة من المجتمع والنظم التربوية والتعلمية ذات ثبات نسبى فقد طرا تغيرات متعددة تؤثر في هذا الثبات وتطور الظروف الاجتماعية والعادات الاخلاقية استعدادات عقلية ووجدانية ( ليست عقلية خالصة وليست عاطفية تماما وانما هى مزيج من الجانبين معا ) . يتكون بتكرار التجربة خبرة الفرد والممارسة حتى يؤدى ذلك الى ظهور الاتجاه واضحا في سلوك الفرد كمظهر من مظاهر التعلم تؤثر في سلوك الفرد وتوجهه حيث ان الاتجاهات بعد ان تتكون عند الفرد تحول لتصبح قوة تدفع سلوكه وتوجهه وجهة تتوافق مع طبيعة هذه الاتجاهات المكتسبة ( الرجل الذى لا يؤمن بخروج المرأة للعلم ولا باعطائها حقوقها الاجتماعية والسياسية تجد سلوكه يتاثر بهذا الاتجاه ويرفض ان تتعلم ابنته فى الجامعة ) . * تكوين الاتجاهات : - يمر تعلم الاتجاه وتكوينه بثلاثة مراحل اساسية هى : 1 – الادراك 2 – النمو 3 – الثبت اولا : الادراك : - يبدا الفرديدرك عناصر الاتجاه الجديد ومكانته المختلفة وذلك بتكرار التجارب المتعددة التى يعيشها الفرد ويتفاعل من اختلاط مع بيئته الاجتماعية وذلك مثل ( العطف على الحيوان والرفق به ) حين يتعلم الطفل اولا من اسرته ويكتسب من جيرانه واصدقائه وهنا يدرك الفرد قيمه هذا الاتجاة ويعرف مدى حاجة الانسانية اليه . ثانيا : النمو :- يبدا الاتجاه في النمو ويتسع مداه حيث يوجه الطفل عطفه ليس فقط نحو القطة والكلب الذى يربيه في بيته وانما يوجه هذا العطف الى كل الحيوانات الاخرى وكذلك الانسان . ثالثا : الثبات : - واخيرا يأخذ هذا الاتجاه شكلا ثابتا في تفكير وسلوك الفرد وقد تتميز به شخصيته ويشتهر به في علاقاته بالاخرين لكن هذا الثبات الاخير للاتجاه ليس مطلقا وانما هو ثبات نسبى لانه قد تطرا عليه بعض العوامل والظروف التى تؤثر في الاتجاه وتغيره الى اتجاهات اخرى جديدة وهكذا يظل الانسان يتعلم اتجاهات جديدة باستمرار ما دام يعيش ويتفاعل مع المجتمع . * صفات المعلم المسيحى * مف الفارق بين شخص السيد المسيح المبارك كأله وبين اى معلم آخر من بين الناس لكن التام في صفات المسيح ينفع المتامل ويفيده بما يكشف له من فضائل يجمل به ان يتحلى بها ليبلغ الى بعض ما بلغه المسيح له المجد من اثر فعال وتبرز شخصية السيد المسيح المعلم في صفات كثيرة يمكن ان نتامل بعضها لنتعلم منها . 1 – المسيح وسعة علمه وشمول خبرته وكمال معرفته بنفوس الناس : + ان المسيح له المجد اذ يناجى الآب قائلاً ( يا ابتاه الحق ان العالم لم يعرفك واما انا فعرفتك ) يو17 : 25 + والمعلم الناجح ينبغى ان يعرف الله اولا فما ابعد الفرق بين عالم يعرف الله وعالم لا يعرف الله الاول متواضع وخير وبناء ، واما الثانى فمغرور وشرير وهدام والمعلم الصالح يعرف نفسه ايضا يفهم فيها ما يدور في نفسه من افكار ومشاعر واحاسيس ووجدانات وعواطف يعرف ميوله ورغباته وانفعالاته واهوائه يعرف نفسه على حقيقتها من غير تحيز لها او قوة عليها . + يقول الانجيل المقدس عن المسيح ( لانه كان عارفا بكل واحد ولم يكن بحاجة لان يخبره احد عن الانسان لكنه كان يعلم ما فى الانسان ) يو3 : 24 – 25 المعلم الناجح يلزمه ان يعرف جميع الناس ومعرفة كاملة بتلاميذه معرفة بهم كلهم ومعرفة بكل واحد منهم على حده ان هذه المعرفة تجعله اكثر نفعا لهم وتجعل دروسه العامة ونصائحة وتوجيهاته الخاصة لكل فرد منهم سهما محكما يصيب فى الصميم قلوبهم ويؤثر في حياتهم . قال السيد المسيح له المجد : ( اما انا فانى الراعى الصالح واعرف خاصتى وخاصتى تعرفنى ) يو10 : 14 . + فكلما ازدادت معرفة المعلم بتلاميذه جميعا ككل وبكل فرد منهم على حدى صار اقدر على البلوغ الى قلوبهم ونفوسهم وعقولهم وحياتهم . 2 – المسيح كقدرة صالحة وصورة حية لتعاليمه : + كان السيد المسيح يطابق بين عمله وتعليمه بل كان بالاحرى يعمل قبل ان يعلم او يعمل وفى عمله تعليم ، وكان عملة نموذجا كى كان تعليمة نموذجا ( واما كل من عمل وعلم بها فانه يدعى عظيمة في ملكوات السموات ) مت5 : 19 + وايضا ما جاء في لو20 : 21 ( يا معلم نحن انك بالاستقامة تتكلم وتعلم ولا تقبل الوجوه بل بالحق تعلم طريق الله ) 3 – المسيح كمعلم هادف ذى رسالة : كان السيد المسيح يقدم نفسه لتلاميذه وللعالم على انه مرسل من السماء ومن قبل الله الاب وذلك حتى يزاداد هدف رسالته وضوحا في نظر الناس ويقوى شعورهم بقيمة هذا الرسالة وسمو هدفها وجلال غايتها ويزيد احساسهم باهمية وجوده بينهم باعتباره صاحب رسالة من السماء ومن قبل الاب الذى يؤمنون به ويعرفون عنه سابقا انه خالق الكون ومدبره ( الذى يرانى يرى الذى ارسلنى ) يو12 : 45 + وهكذا نتعلم من المسيح المعلم الاعظم كيف ينبغى ان يكون المعلم صاحب رسالة وان يكون في تعليمه هدافا وله غاية يريد ان يتحقق بها وان يوجه همة واهتمامه نحوها . + ومن المسيح نتعلم ان المعلم الصالح لا يدععى لشخصه شيئاص ليرتفع به في نظر نفسه او فى انظار الاخرين وانما يتواضع فلا ينسب المجد لنفسه بل ينسبه الى الله ولا يمدح ذاته بل يسيد بفضل الغير ممن سبقوه . 4 – جراة السيد المسيح وشجاعته في اظهار الحق : + ( يا معلم نحن نعلن انك صادق وتعلم طريق الله بالحق ولا تبالى بأحد لانك لا تنظر الى وجوه الناس ) مت22 : 16 . وهذا اعتراف بشجاعته وجرائته كمعلم في اظهار الحق والدفاع عنه بغير محاباه او تميز او مراعاه لوجود الناس . 5- المسيح وسعة صدره وطول اناته : كان المسيح الاعظم يتسم بسعة صدره وطول اناته ومثال على ذلك انه اذا راى تلاميذه عاجزين عن فهم قصده فى تعليمة كان يعمد اى اعادة الشرح بتفصيل اكثر وايضاح اعظم اشفاقا عليهم من الحيرة وسوء الفهم . قالوا له مرة ( يا معلم قم تناول الطعام ) فقال لهم ( ان لى طعاما لأكل لستم تعرفونه انتم فقال تلاميذة فيما بينهم لعل احدا اتاة بشئ لياكل فلم يشا ان يتركهم حيارى فى فهم قصدة فقال علىالفور ( ان طعامى هو ان اعمل بمشيئة الذى ارسلنى واتم عمله ) يو 4 : 31 – 34 . + وعندما كان الجنوديسخرون منه , وقد دنوا منه له خلا قائلين ( له ان كنت انت ملك اليهود فخلص نفسك ) لو 23 : 36 . وبدلا من ان يجيب على استهزائهم او يتحداهم كما يتحدوه رفع صوته يصلى من اجلهم فقال يسوع ( يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يدرون ما هم فاعلون ) لو 23 : 24 + هكذا يجب ان يكون كل معلم واسع الصدر . حليما . طويل الاناه . صبورا . يعامب تلاميذه برفق ، ينصت اليهم فى اهتمام , يسمع شكواهم , يقبلهم على ما هم علية ولا يطلب منهم وهم بعد فى دور التلمذة ان يكونوا فى قامة كاملة وانما يحنوعليهم مترفقا ولا يحتقرم او يذدريهم اذا اخطاوا الهدف بل يوجههم ويقودهم يعطف واذا اضطر احيانا العنف فليكن لعنفه منهج وطريق واسلوب , عنف ممتزج بحب ولطف , ورغبة فى الخير والتوجية والرعاية والحنان والحب . 6- المسيح يهتم بجوهر وعمق التعليم : تامل تعاليمة وكيف كان يحلل اعماق الاشياء والاهتمام بجوهرها وعدم الوقوف عند اطرافها وسطوحها فاذا تكلم عن وصية الهية فكان يدخل بتلاميذه وسامعيه الى مضمونها العميق ومغزاها الباطنى وليس فقط مظهر الوصية دون حقيقة جوهرها ومن أيات تعليمه بالدخول الى اعماق الحياه الدينية .. ومن بين اقواله التى يستحث بها تلاميذه وكل الناس الى الدخول الى الاعماق فى كل شئ قوله فى مثل الزارع .. ( وسقط اخر على الاماكن المحجرة حيث لم تكن له تربة كثيرة فنبت حالا اذ لم يكن عمق ارضى لكن لما اشرقت الشمس احترق ) مت 13 : 5 . وقوله لسمعان بطرس ( ابعد الى العمق والقوا شباككم للصيد ) لو 5 : 4 7 – محبة المسيح لتلاميذه : + ( هذه هى وصيتى ان تحبوا بعضكم بعضا كما احببتكم انا ) يو 5 : 12 + ( ليس لاحد حب اعظم من هذا يضع احد نفسه لاجل احبائه ) يو 15 : 13 ومن فرط تاثر التلاميذ بمحبة سيدهم ومعلمهم لهم فقد بادلوه محبتة وتعلقوا به وسعدوا بهذا الحب الذى غزاهم واشبعهم ورواهم فعاشوا به وله ومن اجله خدموه مسرورين . + يقول يوحنا الرسولى ( نحن نحبه لانه هو احبنا اولا ) 1 يو 4 : 19 ان اكبر نجاح للمعلم ان تصير علاقته بتلاميذه علاقة حب بل واعظم مؤهل يحمله لنجاح مهمتة كمعلم ان يكون فى قلبه حب لتلاميذه , ان هذا الحب يرشحه ليملك على قلوبهم وياسرهم لطاعته ويسبيهم لدعوته والايمان برسالته . لكن الحب الحقيقى ليس بالكلام ( يا اولادى لاتحب بالكلام ولابالسان بل بالعمل والحق ) 1 يو 3 : 18 8- اهتمام المسيح بتلاميذه وحل مشكلاتهم والاجابة على تساؤلاتهم + ليس ثمة حب بغير الاهتمام بالمحبوب .. فالحب يولد الاهتمام هكذا كان المعلم الاعظم يهتم بتلاميذه ومصالحهم ويوليهم رعايته وعنايته . + من امثلة ذلك ان مار بطرس الرسول اذا راى معلمهم يكلمهم عن التصرف اللائق باى منهم اذا اساء اليه اخوه تقدم فسأل المعلم قائلا ( يارب الى كم مرة يخطئ الى اخى فأغفر له , هل الى سبع مرات ) مت 18 : 21 + ومن امثلة الاهتمام تفسيره لهم امثاه وما غمض عليهم من اقواله وعندما كان يعلم تعليما او يقول مقالا يبدوا غامضا على التلاميذ ويحتاج الى ايضاح او تفسير كانوا يسالونه فكان يجيب على اسئلتهم ولا يتركهم قلقين بل احيانا لم يكن التلاميذ يتجاسرون على ان يسألوه مباشرة بل كانوا يتسائلون فيما بينهم ومع ذلك كان يترفق بهم ويجيب على تساؤلهم ولا يدعهم حيارى واحيانا اخرى كان لا ينتظر سؤالهم له مباشرة او حتى تساؤلهم فيها بينهم بل يكفى ان يرى حيرتهم او يرى ان تعليقاتهم تدل عدم فهمهم فكان يتدخل ليوضح ما قاله او يبين موقفه حتى ينقذهم من الحيرة الشك والتردد . وكذلك كان يراقب افكار تلاميذه ومعالجته لأخطائهم وتصحيحه لاتجاهاتهم . + ومن الامثلة على معالجة اخطاء تلاميذه وتصحيح اتجاهاتهم موقفه من تلميذيه يعقوب ويوحنا حينما سألاه رايه فيما اذا كانا يطلبان نزول نار من السماء لتحرق احد قرى السامريين التى رفض اهلها قبول المسيح فيما ودخوله اليها فالتفت وانتهرهما قائلا ( الستما تعلمان من اى روح انتما لأن ابن الانسان لم يأتى ليهلك انفس الناس بل ليخلصها ) لو 9 : 52 + ومن الامثلة ايضا على تصحيحه لاتجاهات تلاميذه موقفة منهم عندما انتهروا الاطفال الذين قدموهم الى معلمهم ليباركهم .. فلما راهم التلاميذ انتهروهم اما يسوع فحين رأى ذلك استاء جدا ودعاهم اليه وقال لهم ( دعوا الاطفال يأتون الى ولا تمنعوهم لالأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات ) مر 10 : 13 + ومن امثلة اهتمام المعلم الاعظم بتلاميذه تنبيهه لهم الى ما سوف يحدث منهم حتى يتجنبوها لقد كان يعلم افكارهم ويعرف ضعفانهم حتى يكونوا على بينة من امرهم وحتى يتنبهوا الى هذه الاخطاء قبل وقوعها وحتى يعملوا على تفاديها وهذا فى زاته بينة على حبه لتلاميذه ورعايته لهم ورغبته فى تجنبهم الاخطاء او فتورهم او نقص محبتهم او قلة ايمانهم او لرزيلة او شر من عدو الخير الذى لا يزال يحاربهم . +ومن ذلك تنبيهه لتلميذه الخائن يهوذا الاسخريوطى الى الخطا الذى كان مزمع ان يسقط فيه عن خبث وشر وغدر وتنبيهه له فى يوم خميس العهد , وكذلك تنبيهه لتلاميذه على انهم جميعا سوف يسكنون فى ليله وتنبيهه خصوصا لتلميذه بطرس بأنه سوف ينكرة ثلاث مرات . + لقد وجد السيد المسيح شيأ صالحا يستحق المديح فى زكا العشار وفى المراة السامرية ( حسنا قلت .. هذا قلت بالصدق ) يو 4 : 17 – 18 ان الرب فى كل هذا اكتشف الجوهرة المدفونة فى الطين ونظفها ومدحها واظهرها للناس فربحها ورابح النفوس حكيم لقد شجع نفسية هؤلاء فربحهم فالتشجيع ليس للصغار فقط فالكبار ايضا يحتاجون اليه , والناس يحتاجون دائما الى كلمة طيبة فاعطاهم الله الانجيل ومعناه بشارة مفرحة وبأ الرب عظته على الجيل بالتطويبات وكلمة طوبى معناها السعادة والبركة معا . وكان الرب يشجع باستمرار حتى انه مدح الزارع الذى انتجثلاثين فقط وقال انه زرع جيد كالذى اتى بستين ومائة . السيد المسيح ماكان يدين بل يشجع مع ان جميع خطايا الناس الخفيات واظاهرات كانت مكشوفة امامه ومعروفة حتى مشاعر القلب وختى الافكار والنيات والظنون + ويقول قداسة البابا شنودة الثالث : الصغير شجعوه , والكبير قدروه ووقروه , والممتاز مدحوه والضعيف لاتحتقروه حاولوا ان تكسبوا الناس اعطوا كل انسان حقه فى الكرامة اكرموا الكل اكسبوهم فى محبتهم لكم لكى تقودهم الى محبة الله .. انظروا الخير الذى فى الناس وشجعوه واكسبوهم بالتشجيع . (ب ) التوبيخ : وهو اسلوب مناسليب التعليم يقابل التشجيع ومن امثلته . + توبيخة لبطرس الذى اخذ معلمه اليه وراح يتكلم مع المخلص بعنف حتى لا يسلم نفسه للصلب والموت : ( ابعدعنى يا شيطان انك عثرة لى لأنك لا تفكر فيما لله بل فيما للناس ) مت 16 : 22 وسبق ان مدحه وشجعه على ايمانه ولكنه زجره على خطاه عندما حاول تعطيل معلمه عن مهمة الفداء والخلاص التى جاء من اجلها . ومن هذا الدرس نتعلم كيف يكون المعلم قائدا لا مقودا بوجهة تلاميذه . (ج) العتاب : ومن امثلة صور العتاب : + توجيه الخطاب الى بطرس فى ليلة الألام ( اما قدرت ان تسهر ساعة واحدة ) مر 14 : 37 + وكذلك عتاب المعلم لتلميذه الخائن يهوذا ( ابقبلة تسلم ابن الانسان ) لو 22 – 60 * ان التوبيخ والعتاب بانواعهما وسائل هامة للتعليم ( وبخ , انتهر ، عظ بكل اناه وتعليم ) 2تيمو 4 – 2 ( د ) المسيح يعلم بالمثال : من حيث هو منهج واسلوب وطريقة تربوية وتعليمية استخدمها السيد المسيح في تقديم تعليمه للعالم باعتبار ان التعليم بالمثال هو وسيلة لايضاح الاولى والاهم بين جميع وسائل الايضاح الذى يتكلم عنها علماء التربية . * ومن مميزات هذا النوع من التعليم بالمثال : - ان يوجد بين التلاميذ وحدد لهم تعليم المعلم في صورة جلية واضحه ومحددة . - ومن امثلة تعليم السيد المسيح المثال الصالح الذى يقدم بشخصه عندما جاء يوحنا المعمدان . ليعتمد منه .. مت3 – 13 ( 5 ) المسيح يعلم بالمثال والتشبيهات : ( بدون مثل لم يكن يكلمهم ) مت13 – 34 ( و ) المسيح ينقل من المعلوم الى المجهول : كان يتخذ من عالم الحس نقطة ابتداء لينتقل منها الى تعليمه .. ينتقل من المحسوس الى غير المحسوس ومن المعلوم الى المجهول . + من امثلة ذلك ( المراة السامرية , الشاب الغنى , الحصاد الروحى ) ( ز ) المسيح يعلم بالسؤال : من بين وسائل المسيح التعليمية والتربوية التعليم بالسؤال ، فيوجه للمخاطبة سؤال هو من قبيل لفت النظر , وتنبيه العقل , واثارة الفكر . وقد يلجا للسوال لا بقصد طلب المعرفة من جانبه بل بقصد توجية الانتباه ، وتحريك الفهم ، وايقاظ الشعور ، وتنبيه الاحساس ، واثارة الوجدان ، وحمل المخاطب على التفكير وتوليد الجواب المناسب واشراك المخاطب فى ايجاد حل للمشكلة او المسلم المطروقة للبحث والدرس . وهذا الاسلوب فى التعليم له قيم كبرى فى تربية العقول والنفوس على : * ايجابية التفكير صقل قوى النفس وطاقاتها على الخلق * الابتكار والتوليد *تعميق المفاهيم * مساهمة ايجابية من الدارسين * مشاركة وجدانية والتحام فكرى بين الناس *تجربة شخصية فى ترشيخ الحقائق الروحية التى يوجهون اليها * البعد عن الملل تثبيت المعلومات فى الاذهان ومن امثلة ذلك انظر : + من لمس ثيابى مر 5 – 30 + ايحل من السبوت فعل الخير او الشر مز 3 – 1 + سؤال المسيح والد عن ابنه الوحيد المصاب بروح نجس اخرس مز 9 – 17 +من تقول الناس انى انا مت 16 – 13 وانتم من تقولون انى هو ؟ + سؤاله للاعمى : ماذا تريدنى ان افعل لك ؟ + سؤاله لمريض بيت حسدا 5 – 6 + - سؤاله للمولود اعمى لو 9 – 25 (ج ) المسيح يجيب على السؤال الذى يوجهه اليه تلاميذه بسؤال اخر : ولا شك ان فى هذا المنهج اسلوبا رائعا للاقناع فضلا عما فيه من اثارة لصاحب السؤال حتى يكتشف الاجابة على سؤال بنفسه : + انظر مت 12 – 9 + " لو 13 – 15 + " مر 2 – 27 * ومن سمات المعلم الخادم الروحى : 1 – فى الخدمة يراعى امرين " محبة الخدمة " و روح الخدمة " 2- له فاعية وتاثير وقوة وروح الذين فى افواههم كلمة الرب الحية الفعالة . ان الانثى عشر لم يبداوا الخدمة الا بعد ان حل الروح القدس عليهم ونالةا منه قوة 1ع : 1 – 8 ولبسوا قوة من الاعالى لو : 24 – 39 3- قادر على تقديم غذاء لروح مخدوميه ليشبعهم بكلمة الله الصالحة حسبما قلل حينه ) لو : 12 42 فالكلمة الروحية الصادرة من انسان روحى يتكلم روح الله من فمه او الكلمة القوية الفعالة التى شبهها الكتاب بسيف ذى حدين عب : 4 – 12 فالمطلوب خدمة تدخل الى العمق .. وترك القلب .. وتعمل عملا وتكون لها قوة نافعة . 4 – له غيرة مقدسة (من يعثر وانا لا التهب ) 2 كو : 11 – 29 فالراعى الصالح يو 10 – 11 هو الذى قال ( انا ارعى غنمى واربضها واطرد الضال واسترد المطرود واجبر الكسير واعصب الجريح ) مر : 34 - 15 5- مؤمنا بان الخدمة قدوة وتسليم فالخادم ان قدوة لابنائه فعلى الاقل لايمن عثرة والذى لايقدم عظة باطل ولا ياتى بثمر .. انه مجرد صنج يرن . 6- مؤمنا بان الخادم هو شخص يتكلم بما يضعه الله فى فمه وهوذا ربنا يسوع المسيح يقول لتلاميذه قولا معزيا ( لستم انتم المتكلمين بل روح ابيكم الذى يتكلم فيكم ) مت 10 – 20 7- رجل صلاة فبا لصلاه يخدم اولاده ويحل مشاكل الخدمة فهو( رائحة المسيح الذكية ) 2 كو : 15 يجاهد مع الثالوث القدوس من اجل نفسه ومن اجل الناس لكى ياخذ منه وعدا لاجل المخدومين حتى تصير انفسهم ناجحة ومقبولة امام الله . 8- الخادم هو روح وليس عقل , انه لايلقى دروسا بل هو نفسه درس ويضع امامه العبارات التى قالها القديس بولس الرسول لتلميذة ( لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك لانك لو فعلت ذلك تخلص نفسك والذين يسمعونك ايضا ) تى : 4-16 ويقول بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس اسقف افسس (لاحظ نفسك اولا قبل التعليم ) ويرجع ذلك الى : + ان التعليم بنفسه كمعلم قبل ان يصير معلما وخادما وبعد ان يصير ذلك ولا يظن ان مهمته صارت الاهتمام بالاخرين وليس بنفسه واحيانا يعمل البعض فى مستوى اقل بكثير من مستوى اولاده وتلاميذه ( لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ) مت : 16 26 ويظن المعلم الخادم الذى لا يهتم بنفسه وهو فى الخدمة كما يقول قداسة البابا : " انه قد اخذ راحيل ثم ينظر فاذ هى ليئة .. وذلك لانه لم يلاحظ .. فالذى يوصل الى الله ليس الخدمة بل الخدمة بل القلب النقى ولذلك استطاع بولس الرسول " اقمع جسدى واستعبده حتى بعد ما كرزت للاخرين لا اصير انا نفسى مرفوضا " 1كو : 9 – 27 + ان هناك خدامل حياتهم الروحية لها شكل هرمى يرتفع اولا حتى يصل الى قمته ثم ينحدر اسفل نازلا من ارتفاعه لذلك يطلب منه ان يلاحظ نفسه فان وجد روحياته تقل في محيك الخدمة يتخذ موقفا لانقاذ نفسه . + ان هناك امورا عديدة يسقط فيها الخادم الذى لا يلاحظ فيها نفسه وفى مقدمتها الكبرياء ولا يحتفظ بتواضع قلبه ويفقد تلمذته ويعتبر برايه الخاص وبفكرة الخاص ولا يسترشد بأحد وبعضهم قد ينتهى به الامر الى التاله فيقدم فكرة وكانه عقيدة ولا يقبل مناقشة فيه . + انك كما يؤكد قداسة البابا شنودة الثالث ان لاحظن نفسك سوف تلاحظ التعليم ايضاً بل لن نفسك ذاتها هى التعليم هى الدرس والقدوة والعظة والنموذج الحى للتلاميذ فيتعلمون من حياتك اكثر مما يتعلمون من عظاتك لذلك ان اردت ان تهتم بتلاميذك وتهتم بالتعليم ضع امامك قول الرب ( من اجلهم اقدس انا ذاتى ليكونوا هم ايضاً مقدسين في الحق ) يو17 فلا يفيض الا الذى امتلأ فلكى تفيض على غيرك ينبغى ان تمتلأ أولاً بالحب بالروح بالمعرفة لذلك اقرأ من اجل روحياتك وليس لكى تحضر درسا او لكى تنفع الاخرين بمعلوماتك . * لاحظ نفسك والتعليم : - فالتعليم ليس مجرد رسميات فالدين هو حب ينتقل من قلب الى قلب وايمان يتسلمه جيل والدين هو قدوه تنتقل من حياة الى حياة وهو ملكوت الله ينشر وينمو هذه هى الخدمى التى ينبغى ان تلاحظها . ومن جهة التعليم فينبغى ان يكون تعليما سليما كما قال القديس بولس لتلميذه تيطس ( تكلم بما يليق بالتعليم الصحيح ) تى : 2 – 1 + ويقول لنما قداسة البابا شنودة الثالث : لا يكن تعليمك فكرا شخصيا ولا تعليما منحرفا ولا مجرد عقيدة ابتكرتها فتعدد مدارس التعليم دسما يشبع سامعيك كما يجب ان يكون مناسبا لهم متدرجا مع مستواهم ويكون تعليما نقيا من الشتائم ومن التوبيخ يشعر كل من يسمعه ان الروح عو الذى يتكلم على فمك وهو الذى اعطالك ما تتكلم به . لاحظ التعليم الذى تعلمه لغيرك بحيث يكون : ( 1 ) – تعليما كتابيا يستند على كلمة الله ( التى تحكمك للخلاص ) 2تى: 3 – 15 وكما قال القديس الانبا انطونيوس " كل ما تقوله ينبغى ان يكون عليه شاهد من الكتب " ( 2 ) – ( تعليما رسوليا حسب التقليد الذى تسلمناه من الآباء ) 2تى: 2 – 2 تعليما آبائيا حسبما تعلمناه من آبائنا القديسين فلا تعتمد على فكرك الخاص لئلا تضللك الافكار وكما قال الكتاب . ( وعلى فهمك لا تعتمد ) ام: 3 – 5 وانما انظر ماذا قال آباؤنا الذين تكلموا بالروح . ( 3 ) – تعليما كاملا فى تذكر انصاف الحقاشق واحرز من خطورة استخدام الآية الواحدة فالكتاب كله تعليم متكامل . وليكن تعليمك ايضا مؤثرا وجذابا ومشوق لسامعيك يفرح به تلاميذه ( كمن وجد غنائم كثيرة ) مز: 119 تمتصه الروح في بهجة قلب ويشع به الفكر . 9 – امينا : ( كنت امينا في القليل ساقيمك على الكثير ) مت: 25 – 21 ( كن امينا الى الموت فسأعطيم اكليل الحياة ) رؤ: 2 – 10 10 – يخدم باجتهاد لأنه ( ملعون من يعمل عمل الرب برخاوة ) ار: 48 – 10 يعمل بكل حماس مستخدما الامكانيات التى عنده مهما بدت ضعيفة ويثق ان الله سيعمل بها . 11 – الخدمة باسلوب روحى بعيده عن الذات ( ليس لنا يارب ليس لنا لكن لاسمك القدوس اعط مجدا ) 12 – رابح نفوس الاخرين ( رابح النفوس حكيم ) والانسان الحكيم يعرف متى يتكلم وكيف يتكلم ومتى يصمت وكيف يتصرف لذلك فربح الناس يحتاج الى صبر والى احتمال ووقف . 13 – الجدية في الخدمة : وهذه الجدية تشمل على عناصر كثيرة منها : ( أ ) ان الكنيسة ائتمنته على هذا الطفل او هذا الشاب . ( ب ) عليه ان يكون جادا في تحضير الدرس وفى تحضير نفسه لهذا اللقاء ( ج ) الانسان الجاد في خدمته جاد ايضا في الافتقاد ( د ) يحتاج الامر ايضا الى الجدية في حل مشاكل المخدومين ( ه ) الجدية في استخدام وسائل الايضاح المتاحه . ( و ) الخادم الجاد يحرص على نمو الخدمة .
اصل المادة وتركيبها1 – قد كان للعلماء القدامى ولع شديد بمعرفة اصل المادة وكانوا يعتقدون الى ايام ارسطو ان المواد المختلفة جميعها اصلها مادة اولية واحدة وانهم لذلك يستطيعون تحويل المواد المختلفة من نوع الى اخر وقد خالجتهم فكرة تحويل الفلزات كالرصاص الى فلزات نفسيه كالذهب وقد اتفق كثيرون العمر والمال في هذا السبيل ولكن حبطت جهودهم وقد سمى هذا العلم بالكيمياء الكاذبة ALCHEMY وهى التى بعثت فينا علم الكيمياء الحاضر . 2 – النظرية الجزيئية : اعتقد " دالتن " ان المادة من جزيئات متناهية في الصغر اصغر ما يوجد من المادة بحيث اذا وضع مليونان من هذه الجزيئات في صف واحد لبلغ طوله ملليمترا واحد لا ترى بالعين المجردة ولا بالمجهر ولا يمكن تقسيم الجزئ الاصغر الى اضغر منه وتدخل الجزيئات في التفاعلات الكيميائية وتنتج مواد جديدة مخالفة لما كانت عليه قبل التفاعل بينما خواص الجزئ هى نفس خواص المادة التى هو جزء صغير منها . 3 – النظرية الذرية : - استمرت النظرية الجزيئية ردحا من الزمن وكان المعروف ان الجزئ هو اصغر ما يوجد في المادة بمفرده حتى ظهر ان الجزئ مركب من وحدات اصغر منه هى الذرات والذرة اصغر ما يوجد من المادى في التفاعلات الكيميائية وخواص الذرة تخالف خواص الجزئ لان خواص الجزئ هى نفس خواص مادته فجزئ الماء يتالف من ذرتين من الايدروجين وذرة من الأكسجين وخواص كلا من الايدروجين والأكسجين تخالف تماما خواص جزء الماء التى هى خواص الماء نفسه فالأيدروجين يشتعل اذا قربته من لهب آما الأكسجين فإذا صب على لهب وشيك الانطفاء توهج اللهب وليس الماء يلتهب او يساعد على الاشتعال وتمتاز هذه النظرية على سابقتها بان الجزيئات التى قالت عنها السابقة بأنها لا تنقسم هى في الواقع تنقسم الى ابسط منها في التفاعلات الكيميائية الى ذرات فيرجع اصل المادة في هذه الحالة الى عناصر يصل عددها الى المئة والاثنين تقريبا ومثال آخر معروف هو ملح الطعام ويرمز له بالرمز NA CI اى ان الجزئ يتكون من ذرة الصوديوم وذرة من الكلور والصوديوم فلز يفتك بالماء وينتزع . منه الأكسجين ويطلق الايدروجين الذى يلتهب فورا فوق سطح الماء اما الكلور فهو غاز اخضر سام اذا استنشق بكميات كبيرة وليس لملح الطعام خواص الصوديوم ولا خواص الكلور . 4 – النظرية الكهربية لأصل المادة : - ظلت الذرة حتى فتحها كيميائية القرن العشرين فوجدوها تتالف من دقائق كهربية سموها كهارب وهى منوعة واهمها كهارب موجبه ( بروتونات PROTONS ) وكهارب سالبة ( الكترونات ELECTRONS ) وكهارب متعادلة ( نيوترونات NEUTRONS ) والنوعان الاولان متساويا العدد تقريبا وهو العدد الذرى للمادة وابسطها الايدروجين وعدده الذرى " 1 " ثم الهيليوم وعدده الذرى " 2 " ثم الليليوم وعدده الذرى " 3 " وهكذا حتى تصل الى عنصر اليورانيوم وعدده الذرى " 92 " وتكون الكهارب الموجبة متلاصقة وتلاصقها الكهارب المتعادلة . ( النيوترونات ) ومنها تتكون النواه في الذرة اما الكهارب السالبة فتدور حول النواه في افلاك منظمة بسرعة عشرات الالوف من الاميال في الثانية فالذرة على صغرها تؤلف منظمة باهرة الترتيب رائعة الجمال وبالاختصار فالذرة منظمة هندسية بديعة وقد تمكن العلماء من رسم حركة الكهارب رسما فوتوغرافيا وقد ظهر في الرسم المدارات اى الافلاك التى تدور فيها الكهارب في نظام مذهل وليست هذه الكهارب ولا افلاكها متقاربة وليست الذرة مصممة بل هى جوفاء و تشغل الكهارب اكثر من جز من الف مليون جزء من حجم الذرة ولكى تعرف حجم الفراغ الداخلى للذرة يقول السير / اوليفر لودجر OLIVER LODGER انه لو ضغطت الكهارب التى تتركب منها مادة جسم الانسان البالغ من الوزن " 80 كيلو جراما " حتى صارت متلامسة لا فراغ بينها فانها نشغل فقط جزءا صغيرا من الملليمتر المكعب وباقى الجسم فراغ بينها فانها تشغل فقط جزءا صغيرا من الملليمتر المكعب وباقى الجسم فراغ تتخلله خطوط كهربية ومغناطيسية ولا تحسب ان العين البشرية استطاعت في السنوات الاخيرة رؤية الجزئ فهذا محال الا اذا اصبحت تحس بما هو ادق الف مرة مما يتاثر به عصبنا البصرى الحالى ولكن ما يتعذر على العين رؤياه لا يتعذر على العقل ايتباطه اما حجم الجزئ فان قطره يبلغ جزءا من مليونى جزء من الملليمتر الواحد واما الذرة فهى اصغر بكثير ولو كبرت الذرة حتى صارت كقبة احد المسارح فلست ترى اى لالكترون الا كراس الدبوس فيها واما البروتونات فكالغبار المتطاير فيها ايضا . 5 – كلنا اثير والعالم كله اثير : - فالكهارب هى المادة الاولية التى بنيت منها الذرات ومن هذه الذرات تكونت الجزيئات في المواد المختلفة اما الكهارب نفسها فتبه عقدا او ضفائر او زوايا في الاثير نفسه فانا وانت والبنات وكل ما فى الارض كهارب سابحة في بحر من الاثير وليس للكيميائى ولا للطبيعى تسلط على الاثير . ** هل المادة تتحول .. ؟كان المعتقد انها خرافة ان تتحول العناصر حتى عثر العلماء على عناصر مشعة دقيقة كبيرة العدد الذرى تتبعث منها الاشعة مثل اليورانيوم والراديوم والثوريوم والاكنتيوم وبقية العناصر المشعة بكثرة وبفحص الاشعة وجد ان الذرة تنفجر كالقنابل وتخرج منها كهارب فينقص عددها الذرى وتتحول الى عناصر خفيفة فعنصر اليورانيوم وعدده الذرى " 92 " يتحول الى راديوم وعدده الذرى " 88 " ويستمر الانقسام حتى يتحول الى رصاص وعدده الذرى " 82 " فيفقد اشعاعه واذا نقص عدده الذرى الى " 80 " صار زئبقا واذا نقص هذا الى " 79 " صار ذهبا ولكن هذا التحول بطئ جدا باهظ التكاليف .
* النظريات وتطورها : مما سبق نرى تطور العالم كم من نظرية ظهرت ثم بادت فمثلا قيل بامكان تحويل الرصاص ذهبا وبهد زمن وجهود فاشلة حسبت خرافة ثم مضت مدة طويلة على هذه الخرافة وجاءت النظرية الذرية فاعادت الفكرة القديمة الى الحياة هذا مثال على تغير نظريات وتطور العلوم والنظرية الجزيئية اعتبرت الجزئ في وقت من الاوقات اصغر وحدة يمكن وجودها من المادة ثم ظهر خطا هذه النظرية وظهرت النظرية الذرية فقالت بان الجزئ مركب من ذرات والذرة اصغر وحدة واستمرت هذه النظرية زمنا حتى تحطمت الذرة وظهرت نظرية الكهارب والاثير التى تعيش فيها الان ولا تعلم مما يأتى به الغد . * النظريات ثم الحقائق : كم من نظرية حسبت صحيحة في يومها ثم جاء الغد بنظرية تنقضها وهذا موقف النظريات الطبيعية غالبا اما الحقائق فمنها القضايا ثابتة مثل قولك يوجد ذهب ومنها حقائق مؤقته مثل قولك لا يمكن تحويل الرصاص الى ذهب وليس اجمل مما يظهر على بعض العلماء من التواضع الجميل المقرون بالتحفظ عند اعلان اى نظرية او سرد اى اختبار هذه بلا شك روح العلم الصحيحة . ** الحقائق والكتاب المقدس : قد دل الاختبار على ان النظريات الثابته لا تقف من الكتاب المقدس موقف المعاند ولا تصطدم معه في شئ قد ينسب البعض للكتاب المقدس خطا في التعبير عن بعض الآشياء وهذا مما لا يليق به كان يقول عن الحوت سمكة عظيمة مع ان العلم يقرر ان الحوت حيوان بحرى لانه يتنفس برئتين بينما السمك يتنفس بالخياشيم وللريد على هذا يقول ارباب اللغة ان خطا شائع خير من صواب مجهول والناس كلها تعبر عن الحوت بسمكة عظيمة وكذيك ان الشمس طلعت او نزلت او غابت او دارت حول الارض بينما العلم يقرر ان الارض تتحرك حول الشمس ولكن هذه لغة الجميه لا بما يفهمهه بضعة من العلماء وهذا مبدا شديد وحكيم هذا فضلا عن ان الكتاب المقدس لم يوضع ليكون واحدا من كتب الطبيعة ولا يعينه اكثر من امر واحد هو خلاص النفوس اما الكشف العلمى فياتى عن طريق المصادفة والاجتهاد ما خفى فهو كثير وسيظل العالم مليئا بلاسرار .
نظرية التطور بين الحقيقة والبطلان مقدمة : انه لمن الخطأ البالغ ان يهمل الإنسان " كما يفعل الثكيرون من المسيحيين ، المضمون والمحتوى المدمر الهائل لنظرية التطور ومالها من تأثير على انتشار الفلسفة المادية المعاصرى . تلك النظرية التى يدرسها طلبة وطالبات الجامعات والمعاهد العليا بل وطلاب المدارس الثانوية أيضاً ، بل تمادى البعض في هذه النظرية حتى اعتبروها حقيقة علمية ثابته وليست مجرد نظرية قابلة للهدم . ومن جهة اخرى فهناك قلة من الناس سنحت لهم الفرصة لدراسة القدر الهائل من الادلة البالغة القوة والكافية لهدم هذه النظرية . وسوف نسرد في الصفحات القليلة القادمة بعض هذه الأدلة . اولا : هل التطور فلسفة ام نظرية ؟ليست نظرية التطور نظرية علمية بقدر ما هى فلسفة او موقف ذهنلا ، أذ ان انصار هذه النظرية أنفسهم يقررون انها تحتاج الى سنين عديدة من العمل لكى تثبت صحتها كنظرية علمية ، لان ما سجل كتابة احداث ووثائق على ايه مادة كانت ، خلال الاف السنين الماضية ، يمثل كشفا حقيقيا واحدا عن حدوث عملية تطور أصلية . وحيث ان لم يكن من السهل رصد التغيرات التطورية ، المفروض انها حدثت في الماضى ، فمن المستحيل علميا اثبات انها حدثت فعلا . وبالتالى فهى فلسفة ولا ترقى لدرجة النظرية المؤيدة بالأدلة العلمية المفحمة الكافية لإثبات صحتها . ثانيا : التطور يخالف قانون بقاء الطاقة :يتطلب التطور زيادة مستمرة في تنظيم الكون بل وتعقيده وتلك هى القاعدة الرئيسية في التطور ، لكن ذلك يتعارض تماما مع القوانين الراسخة لبقاء الطاقة التى تعلمنا ان استحداث المادة والطاقة عملية غير قائمة بالمرة في وقتنا الحاضر ففى الواقع ان طاقة الكون ككل آخذة في الإضمحلال لا في الزيادة ، لذلك فإن عملية خلقة الكون ومكوناته لابد وان تكون قد حدثت وتمت بواسطة عمليات غير قائمة الآن ، والتى لا يمكن ملاحظتها أو درستها لهذا السبب في الوقت الحاضر . ويعلمنا الكتاب المقدس حقيقة راسخة أن عملية الخلق قد تمت بأمر إلهى ( تك1 ) اما نظرية التطور فتحاول تفسير اصل الشياء ، بعكس ما ورد في الكتاب المقدس ، كنتيجة لعمليات خلق مستمرة حتى الآن . لذلك فهى تنكر تماما شهادة الكتاب المقدس بتمام عملية الخلق ، وتفترض ان عملية الخلق لا زالت مستمرة ومن هناك كان اطلاقهم على عملية التطور كلمة خلق ، مع انها تختلف بشكل واضح عن تاريخ عملية الخلق كما وردت في الكتاب المقدس ، ليس فقط من جهة المبدأ بل وفى التفاصيل أيضاً . ثالثا : التطور يخالف تماما الترتيب المنطقى الذى ورد فى الاصحاحالأول في سفر التكوين :تزعم نظرية التطور ان الكائنات الحية نشات في البحار منذ ملايين السنين قبل نشوء النباتات او اية صورة أخرى من صور الحياة على الرض . ومع ذلك ففى سفر التكوين : " وقال الله لتنبت الأرض عشبا وبقلا يبرز بزرا وشجرا ذا ثمر يعمل ثمرا كجنسة بزره فيه على الأرض وكان كذلك ... وكان مساء وكان صباح يوما ثالثا ... وقال الله لتفض المياة زحافات ذات نفس حية وليطر طير فوق الأرض على وجه جلد السماء فخلق الله التنانين العظام وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة التى فاضت بها المياة كأجناسها وكل طائر ذى جناح كجنسة ... وكان مساء وكان صباح يوما خامساً " ( تك1 : 11 – 24 ) . والواضح من هذا الآيات أن الحشائش والشجيرات حاملة البذوز وكذا أشجار الفاكهة خلقت في اليوم الثالث ، وأن الحيوانات المائية وكذلك الحيوانات الأرضية والطيور لم تخلق حتى اليوم الخامس . وان الطيور خلقت في نفس اليوم مع الأسماك والكائنات البحرية الأخرى . لكن نظرية التطور ترى أن الطيور نشات من الزواجغ بعد مدة طويلة من نشأة الأسماك وربما بعد ظهور الثدييات . وفى حين ان الكتاب المقدس يقرران الزحفات والحشرات كانت ضمن الحيوانات البرية والزواحف ، نجد انه تبعا لنظرية التطور فأن الحشرات ظهرت قبل ذلك بكثير وبلغت اوج نموها قبل ظهور الزواحف والطيور والثدييات . ويؤكد الكتاب المقدس هذا كله بقوله : " وقال الله لتكنم انوار في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين وتكون انوار في جلد السماء لتنير على الأرض ... وكان مساء وكان صباح يوما رابعا " ( تك1 : 14 – 20 ) . وتفيد هذه الآية انه حتى اليوم الرابع لم يكن هناك ضوء لتحديد النهار والليل مما جعل الظروف فير ملائمة لنمو النباتات التى خلقت في اليوم الثالث ، وعلى ذلك يصبح هناك رايان لتفسير كلمة يوم التى وردت في الاصحاح قبل خلقه الشمس في اليوم الرابع وتعنى حقبا زمنية . اما كلمة يوم بعد خلقة الشمس فتعنى يوم شمسى اى ساعة . والراى الثانى : يفيد ان كلمة يوم وردت في العهد القديم امثر من 700 مرة ، وان هناك كلمة عبرية ترجمتها " دهر " اى " وقت طويل لا نهائى والتى كان من الممكن ان يستخدمها الوحى للتعبير عن الثلاثة ايام الأولى أذا كان ذلك هو المعنى المقصود ، لكن الله استخدم كلمة يوم وكلمة ايام دون ان يلمح انه استخدمها بورة رمزية ، وهذا معناه انها استخدمت بالمعنى الحرفى ، وان ستة ايام الخليقة انما هى ايام عادية مدى كل يوم منها 24 ساعة . فإذا أخذنا برأى نظرية التطور في اعتبار ان قصة الخليقة عمل مجازى جميل ، ولكن غير تاريخى ، لظهرت مشاكل خطيرة لا حصر لها في اجزاء تالية من الكتاب المقدس . فبالنسبة لموضوع الزمن في العهد القديم ، فقد أشارت اسفار كثيرة في العهدين ، القديم والجديد الى قصى الخليقة والى آدم بل والى كل الشخصيات المتصلة بقصة التكوين ، نقول أشارت دائما الى عقيدة راسخه تظهر ان الكتاب يتكلم عن شخصيات واحداث تاريخية حقيقية ، فالقديس بولس ، وهو واحد من اعظم المثقفين الذين ظهروا في تاريخ المسيحية في القرن الأول ، واحد من أعظم الفلاسفة المسيحيين ، تكلم المرة تلو الأخرى عن الخليقة وسقوط آدم وما نتج عنه من دخول الخطيئة الى العالم كأحد المعتقدات الأساسية في الديانة المسيحية ، وانه فقط من خلال آدم الثانى ، يسوع المسيح ، أمكن للإنسان أن يتحرر من عقوبات وتبعات الخطيئة الجدية : " فإذا كما بخطيئة واحدة صار الحكم الى جميع الناس للدينونة هكذا ببر واحد صارت الهبة الى جميع الناس لتبرير الحيوة " ( رو5 : 18 ) . وفى المقابل لا تسلم نظرية التطور بأن اإنسان قد سقط أصلا ، بل تجزم بانه آخذ في الارتقاء تدريجياً من وصلة الحيوة وانه آخذ في التقدم باستمرار وأن اى شر داخله ليس خطيشة موروثة من أبيه آدم ، ولكنها ببساطة غرائز حيوانية متوارثة فيه من جدوده القردة . بل ان يسوع المسيح نفسه يؤكد قصة الخليقة : " حين جاء الية الفريسيون يجربونة قائلين له هل يحل للرجل أن يطلق امراته لكل سبب . فأجاب وقال لهم أما قرأتم ان الذى خلقهما من البدء خلقهما ذكرا وانثى وقال من اجل هذا يترك الرجل اباه وامه ويلتصق بأمراته ويكون الاثنان جسدا واحدا فالذى جمعه الله لا يفرقه إنسان " ( متى19 : 3 – 6 ) فيسوع ما كان ليتعرض لعلاقة هامة مثل الزواج على أساس حادثة أسطورية وردت في سفر التكوين ، بل انه يتعرض لحقيقة واقعة . لذلك من المستحيل الإيمان بالكتاب المقدس ككلمة الله وفي نفس الوقت تصديق نظرية التطور .
رابعا : علماء نظرية التطور المؤمنون .علماء التطور المؤمنون هم الذين يعتبرون التطور أسلوب الله في الخليقة ان التطور في رأيهم عملية طبيعية منتظمة ، لكن كثيرا ما تتضارب آراؤهم ، فالتطور بطبيعته شئ مادى ولا يعدو ان تكون محاولاتهم هى مجرد شرح حقائق علوم البيولوجيا بواسطة القوانين الطبيعية دون الحاجة الى اللجوء الى الاشياء الخارقة للطبيعة اى المعجزية . ذلك ان نظرية التطور تعتمد على الصدفة البحته . فلو كان الله قد خلق الكون بما فيه من كائنات حية بطريقة التطور وكان هدفه النهائى خلقة الإنسان فما الداعى إذن لأن تتحكم الديناصورات وتجول في الأرض لملايين السنين وتموت قبل مدة طويلة من ظهور الإنسان ؟؟ واذا كان المفروض ان التطور قد حدث نتيجة الصراع من اجل الحياة والبقاء للأصلاح ، فأنه إذا صح ذلك ، يكون معناه ان الله وضع قانونا يعتمد في تنفيذه على احقية القوى فى القضاء الضعيف . لذلك فلابد ان الملايين من الحيوانات قد هلكت خلال عملية التطور لا لسب مفهوم سوى ان يكون الإنسان هو الهدف النهائى من العملية وبالتالى فإن المحاولة التى قام بها علماء التطور المؤمنون تعتبر فاشلة ، وكما قال أحد الأساتذة الملحدين " يكشف تاريخ التطور ويشهد بأنه لا يوجد عقل وراء هذه العملية ,. فلا يمكنك ان تفهم نظرية التطور وتؤمن بالله في نفس الوقت . خامسا : نظرية التطور كأصل للإلحاد المعاصر :تتضح الطبيعة الإلحادية لهذه النظرية في العقائد الاجتماعية الهدامة التى افرزتها . فنينشه وماركس ، وكلاهما ملحد ، تأثر بأفكار داروين عن الاختيار الطبيعى NATURAI SEIECTION والبقاء للأصلاح Survival for the fittest . فقد ادخلا في المجالات الفلسفية والاجتماعية والتربوية ما حاوله داروين في العالم البيولوجى . فعن ماركس ورث العالم الشيوعية ورفض وجود خالق . اما فلسفة نيتشه فقد اثرت بعمق في اتجاهات السياسة الألمافية حتى اصبحت اساس القوة الحربية الألمانية المكثفة التى حشدتها في فترة الثلاثينات من وكانت سببا من أسباب الحرب العلمية الثانية ( 100 مليون قتيل وجريح ) وكان موسولينى واحدا من اكبر التابعين المتحمسين لنيتشه ، وكانت الفاشية هى النتيجة النهائية . كذلك ولدت النازية في نفس البالوعة . وتعتبر نظرية تطور كذلك اساسا لنواع متعددة من الاعتقادات غير الخلاقية والتى تدرس الان في المجالات السيكولوجية لفرويد ورسل وغيرهما . ومن الجدير بالذكر انه لا توجد نظرية أخرى بلغات ما وصلت إليه نظرية التطور من آثار مدمرة على أخلاقيات الناس . ولما كان العالم مليئا بالجمال والطبيعة ، فمن الصعب التصديق بأن هذه النظرية هى نظرية واقعية وحقيقية . وفى الصفحات القليلة القادمة اعرض للبراهين التى ساقها داروين كأدلة على صحة افتراضه او فلسفته . اولاً : فشل نظرية في تفسير أصل الحياة :يعرف التطور بصورة عامة على أنه الارتقاء التدريجى لصور أعلى للحياة من صور ادنى ( أوطا ) وتفرض هذه النظرية وجود شكل ابتدائى مكون من خلية حية واحدة من المرجح ان تكون قد نشات بالصدفة نتيجة اتحاد مواد غير حيه ظهرت مصادفة . ومن هذه الخلية نشات بالتدريج النباتات واللاقويات عديدة الخلية ثم الاسماك والحشرات والحيوانات البرمائية ثم الزواحف ثم التطوير والثدييات واخيرا الإنسان ... والآن لنتأمل بصدق هذا الرأى هل يمكن ان تحدث حياة من اتحاد مواد غير حية تم مصادفة ؟ واضح ان هناك خللا خطيرا في هذا الفرض ، وهو الفرض الأول لهذه النطرية ، لكى يتغلب داروين على هذا الخلل ، افترض بكل بساطة ان الحياة ظهرت لأنه ما هو المقصود بالظروف ؟ وإذا كانت قد حدثت في الماضى ، فما الذى يمنع حدوثها الآن ؟ وكمحاولة لخلق مادة حية من مواد غير حية ، تم إجراء ىلاف التجارب بواسطة علماء من شتى أنحاء العالم وفي جميع التخصصات ، ولكن دون جدوى او نجاح . بل لقد ثبت ان الخلية التى يطلق عليها خلية بسيطة ليست على الإطلاق ، إذ المعروف انها ميكانيزم mechanism مدهش ومعقد للغاية ، وتتكون من أجزاء عديدة كل منها له اهميته ووظيفتة . والخلية لها القدرة على التكاثر ، فعندما تنمو وتكبر بالقدر الكافى ، فأنها ببساطة تنقسم إلى جزئين كل منهما يحتوى على مكونات الخلية الأصلية ، ومن ثم تتكون خليتان من خلية واحدة كانت موجودة اصلا . ومن اصعب بل ومن المستحيل ان نتصور كيف يمكن ان ينشا كائن كهذا تلقائيا من مواد غير عضوية بصرف النظر عن ما هى " الظروف او مدى بعد الزمن الذى حدثت فيه هذه الواقعة . وهذا القول يعادل تماما قولنا بأن ناطحة سحاب تكونت تلقائيا من بعض قوالب الطوب والحديد . وحتى أذا تمكننا من إرجاع بدء الحياة الى نشاة البروتوبلازم ، وهو اهم مكونات الخلية الحية فلن يقلل ذلك من الصعوبة بدرجة تذكر من 14 او اكثر من المركبات الكيمائية ، ولم ينجح الكيمائيون حتى الان في مجرد تخليق تلك المركبات التى تدخل في تكوين البورتوبلازم . ناهيك عن عملية اتحادها الكامل ، واخيرا نفح الحياة في هذا المركب . وعلى فرض اننا توصلنا الى تحصير كل مكونات الخلية ، فهل لو اضفناها الى بعضها تتكون منها خلية حية ؟ ولا يرجع فشل العلماء لنقص محاولاتهم ، فقد أجروا الآلاف من التجارب لتخليق البروتوبلازم لكن النتيجة جاءت فشلا تاما ، وذلك بالرغم من المعلومات الغزيرة التى حققتها علوم الكيمياء والبولوجيا ، ومع ذلك فإن انصار نظرية التطور يدعون ان الصدفه العلمياء نجحت في ذلك الأمر ، الذى فشل فيه كل العلماء في وقت ما من الماضى السحيق ومن وجهة نظر انصار هذه النظرية من الضرورى طبعا قبول نظرية النشوء التلقائى لانها الطريق الوحيد لتفسير الحياة بعيدا عن الله . وهكذا يتضح ان نظرية التطور قد فشلت في تفسير أصل الحياة . ثانيا : فشل فلسفة التطور في أيجاد الدليل الكافى على كيفية حدوث التطور :لم تفشل نظرية التطور في تفسير اصل الحياة فقط . بل لقد عجزت أيضا عن أيجاد الدليل الكافى على كيفية حدوث التطور . وقد اقترحت تفسيرات عديدة عن طريق عدد كبير من الباحثين والدارسين ، ورغم ذلك فإن ميكانيكية عملية التطور لازالت غامضة كما كانت منذ مئات السنين ، بل ويقرر البيولوجيا المعاصرون جهلهم التام بهذا الجزء من النظرية . أن النظرية داروين في جانبها الخاص بالانتقاء الطبيعى تفيد بأن العدد اللانهائى من الأنواع والاختلافات التى نلحظها بين افراد الفصلية الواحدة ، تجعل بعضها اكثر ملاءمة للحياة في الصراع من اجل البقاء فتتمكن من البقاء ، ومن ثم تنتقل هذه الصفات الملائمة الى سلالتها في حين تأخذ السلالات الأخرى في الإنقراض . وتعتبر عملية تكرار انتقال الصفات الملائمة هى المئولة عن التكوين التدريجى لكل صور الحياة . وقد تبدو هذه الآراء معقولة ، ولكن الدراسة التفصيلية المتانية ، والمعروفة بالصفات التكاثرية للنبات والحيوان ، قد اوضحت ان الإنتقاء الطبيعى وحده لا يفسر اصل النوع . فبادئ ذى بدء انه لا فسر اصل الأختلافات الموجوده بين أفراد الفصيلة الواحدة . وباكتشاف قوانين مندل للوراثة ، والتى لم تكن معروفة لداروين مؤسس نظرية التطور ، وضح أن جميع هذه الختلافات انما تتبع انظمة رياضية محددة ولكنها معقدة الى درجة كبيرة . وقد بينا انه ، باستثناء الظروف غير العادية والتى لا توجد في الطبيعة فان جميع الأختلافات تقع في حدود معينة ، وأن بعض الصفات الوراثية يمكن ان تظهر في فرد دون ان تكون ظاهرة ، على الأقل ، فى أحد والديه . فقد تكون هذه الصفة في حالة كمون latent وغير ظاهرة في الآباء وربما في عدة اجيال سابقة ، ولكنها رغم ذلك موجوده . ثالثا : قوانين مندل في الوراثة تهدم نظرية التطور :أن العدد غير المحى من التجارب التى قام بها مندل لإثبات قوانينة الوراثية قد ألقى الكثير من الضوء على مكونات الخلية . فأصبح من المعروف أن جميع الخلايا ليست متشابهة ، و لكنها تختلف بشكل أساسى باختلاف الفصائل الكختلفة . و حتى فى نفس المخلوق هناك تمايز و اختلاف بين خلايا الأجزاء المختلفة من جسمه . و تحتوى كل خلية على عدد من المكونات ، أحدها و ربما أهمها هو البروتوبلازم . و من جهة نظر علم الوراثة . فإن أهم جزء فى الخلية هو الكروموسات chromosomes و التى من دراسة نشاط الخلية التكاثرى ، تعتبر الحامل للصفات الوراثية . و كل كروموسوم عبارة عن تركيب كالخيط ، و هناك عدد محدد منها فى كل خلية من خلايا مخلوق ما بصرف النظر عن نوع الخلية و موقعها فى جسم هذا المخلوق . و يعتمد عدد الكروموسومات فى الخلية على النوع الذى تنتمى إليه هذه الخلية . فخلايا الإنسان تحتوى مثلاً على 48كروموسوم ، غير أن الخلايا التناسلية لكل نوع تحوى فقط نصف العدد ( 24 كروموسوم ) الذى يميز هذا النوع ، و بذلك فعند اتحاد الخلايا الذكرية و الأنثوية تتكون خلية جديدة تحوى العدد الصحيح من الكروموسومات لهذا النوع و هو 24 و قد وجد عملياً أن أى تغيير يحدث فى خلايا الجسم بتأثير الاستعمال أو بتأثير العوامل المحيطة لن يكون له أى تأثير على الخلايا التناسيلية و من ثم لن يؤثر وراثياً . لذلك فالصفات المكتسبة ليست وراثية ، بالإضافة إلى ذلك ، فكل النظريات الوراثية الحديثة تعتبر ضربة مميته لنظريتى داروين و لا مارك . لأن الفرص الضئيلة لتكوين فصائل جديدة و التى يسببها الإنتفاء الطبيعى ما هى إلا عمليات التحام جديد لعوامل وراثية كانت موجودة اصلاً فى الآباء . و أن الطفرة التى تظهر فجأة لم تكن سوى صفات مندلية معطلة ، و التى ظهرة فجأة عندما التقى الأبوان الصحيحان . ثم نأتى إلى موضوع الأعضاء الضامرة و التى يتردد ذكرها فى بعض الكتب التى يفترض كاتبوها أن بعض الأعضاء فى الإنسان مثل الزائدة الدودية و بعض الغدد الصماء و الفقرات الملتحمة الموجودة فى نهاية العمود الفقرى و غيرها هى آثار لأعضاء نافعة فى حيوانات أدنى تمثل مرحلة فى تطور الإنسان فى وقت ما ، كان من المعتقد أن عدد مثل هذه الأعضاء فى الإنسان 180 عضوا . إلا أنه بزيادة المعرفة بفوائد هذه الأعضاء تضاءل هذا العدد بسرعة إلى حد اعتبار أنه لا توجد الان مثل هذه الأعضاء باعتراف انصار نظرية التطور أنفسهم . أن النمو المعجزى لأجنة كل المخلوقات الحية هو فى الواقع شهادة بوجود مخطط أعظم . فهو لا يقوم دليلا على صدق نظرية التطور ، بل أنه ، على العكس ، لا يعطى بأى حال من الأحوال أى تأييد هذه النظرية و لا لأية نظريات مادية أخرى .
رابعاً : مقاييس العصور الجيولوجية ضد نظرية التطور :قد تتردد أحياناً عبارة أن الحفائر الموجودة فى الصخور الرسوبية فى العالم تعطينا الدليل على صدق نظرية التطور . و ذلك لنه فى الطبقات السلفية لتلك الصخور الرسوبية توجد صور بسيطة للحياة ، و كلما اقتربنا من السطح ظهرت صورة لكائنات أرقى و أكثر تعقيداً . و قد استخدم هذا التدرج ، بما يتضمنه من زيادة فى الحجم و زيادة التعقيد ، كقاعدة أساسية للتعرف على الطبقات الجيولوجية و إيجاد العلاقة المتبادلة و الربط بينهما ، و يعتقد علماء الجيولوجيا أن الوقت الذى ترسبت فيه هذه الطبقات يرجع إلى مئات الملايين من السنين ، مما يعتبر دليلا قوياً على حدوث التطور فى الماضى . و لو أننا لا نفهم حتى الان كيفية حدوثه لأن هناك العديد من الصعوبات العلمية الدقيقة ، سواء فيما يختص بمقاييس الأزمنة الجيولوجية ، أو بالنسبة للإستنتاجات التى تقوم على أساس تطورى . وحتى إذا افترضنا جدلا ان مقاييس العصور الجيولوجية هى مقاييس موثوق بها ، فسوف نجد عدة حقائق ثابتة ضد نظرية التطور ونورد باختصار بعض هذا الحقائق : 1 – ظل الكثير من الفضائل الحيوانية والنباتية كما هى دون أى " تحور " خلال ملايين بل بلايين ) السنين ، بينما المفروض أنها تمثل العصور الجيولوجية . ومن المؤكد أن هذا الحال كان يمكن أن ينطبق على الكثير غيرها لو لم يمارس علماء الحفائر هوايتهم غير الأمنية في إطراء أسماء جديدة لجميع الفضائل الحفرية بصرف النظر عن مدى التشابه بينها وبين الفصائل الموجودة حاليا . بل أن من بين المخلوقات التى ظهرت كما هى دون تحور ، الحيوانات وحيدة . بل أن من بين المخلوقات التى ظهرت كما هى دون تحور ، الحيوانات وحيدة الخلية والتى من المفروض ، حسب نطرية التطور ، ان التطور بدأ بها وهو شئ يصعب فهمه إذا كانت عملية التطور تمثل قانونا عامل في الطبيعة كما يزعمون . 2 – هناك عدد كبير من الفضائل الحديثة تعتبر بدائية ، أقل تطورا ، أذا ما قورنت بفصئل حفرية أخرى ، ومن بين هذه الفصائل كل الثدييات : الفيل ، النمور ، الذئاب ، القرود ، الأسود ، الخراتيت ، افراس النهر ، الدببة ، حيوان القندس .. وغيرها ذلك أيضاً على أعداد وفيرة من النباتات المختلفة والحرات والطيور والأسماك والحيوانات البرمانية والزواحف . 3 – هناك عدد كبير من الفصائل والأنواع ليس لها سجل حفرى ، أى ظهرت فجأة ولم يعثر لها على صور بدائية أو متوسطة ، فأين التطور هنا ولنستعرض الآن بعضا من أكثر الأدلة الحفرية انتشارا عن فكرة التطور ، حيث أن هذه الأدلة أو " البراهين " هى عادة تلك التى تصادف هوى عند الطالب المتوسط . وموضوع الحصان هو بالطبع أهم الأمثلة الجديرة باعتبارة ، فتبعا لدعاوى أنصار نظرية التطور يعتبر أقوى إثبات لها ، حسنا ، دعنا نر وتدقق في هذا المثال ؟، بل وغيره من الأمثلة أيضاً : أ – أصل الحصان المشار إليه في كتب نظرية التطور المنتشرة ، لا يثبت أى نوع من التطور خارج حدود الفصائل المختلفة بل داخل حدود الفصلية الواحدة فقط ، فأقدم عضو في هذه العائلة وهو الإبوهيبس “ Eohippus “ لا يعدو أن يكون عضوا في عائلة حصان العصر الحديث “ Equus “ كما أن جميع هذه الحيوانات عاشت في عصور جيولوجية متأخرة ووجدت قرب السطح فس ترسيبات غير متصلة ببعضها . ولم توجد الصور المختلفة فوق بعضها البعض ، بل فى مواقع متباعدة ، بل وفى قارات المختلفة ، فأين التطور ؟ والآن بعد أن استعرضنا كل هذه المدلولات ، لعله من المفيد أن نقول بأن جميع هذه الأجيال كانت موجودة في نفس الوقت ، أى لا يوجد أى نوع من التطور ، ربما كأشكال طفرية لنوع الحصان الذى كان مخلوقا وموجودا في الأزمنة السابقة ، أفنقرضت لسبب أو لآخر . من كل ذلك يتضح أن موضوع الحصان الذى يعتمد عليه انصار نظرية التطور كمثال قوى ، ينقصه الكثير حتى يكون مقنعا . وتنطبق نفس الإعتراضات على أسلاف الجمل والفيل والحيوانات الأخرى والتى ينظر إليها في بعض الأحيان كأدلة غير أكيده . ب – تبقى بعد ذلك قضية الإنسان الحفرى والذى يصنفه أنصار نظرية التطور ضمن الفصيلة التى انحدر منها الإنسان الحالى . ولما كان هذا الفرض يمثل صعوبة وعقبة أمام قصة الخليقة التى وردت في الكتاب المقدس والتى نؤمن بها ، لذلك يحظى هذا الموضوع باهتمام خاص . ويتضح لنا عند فحص هذه الآثار ، غير المتكاملة والمشكوك فيها ، أنها مثال ضعيف جدا لنظرية انحدار الإنسان من القرد أو حيوانات ما قبل القرد . فقد تم العثور على الآلاف من القرود الحفرية تنتمى الى فصائل لازالت موجودة او منقرضة . كذلك تم العثور على العديد من الهياكل الحفرية لإنسان العصر الحديث والتى تلتزم الكتب والمراجع في وقتنا الحاضر الصمت حيالة بشكل يثير العجب . وكل ما وجد يمكن ان نتصور نسبته إلى فصيلة أدنى بالنسبة للإنسان فهو عبارة عن قطع عظيمة قليلة . هذه الندرة في الأدلة تكفى وحدها لهدم النظرية وتقضى تماما على أية فكرة تربط بين الإنسان والقرد . ج – لعل أسوأ هذه الآثار هو " بيتيكا نترويس ايركتاس " الذى عثر عليه فى جاوة سنة 1891 – 1892 ، فقد تكون هذا الأثر من قطعة من قصعة جمجمة وقطعة من عظمة فخذ أيسر وثلاثة ضروس ، ولم توجد هذه الأجزاء مع بعضها بل في مساحة مقدارها 50 قدما ، وعثر عليها على مدى عام كامل في قاع نهر قديم مختلطة ببقايا عظام حيوانات منقرضة ، ومع ذلك يعتبرها علماء علم التطور قرينة هائلة تؤكد صدق نظريتهم ، فهل يعقل أن تقوم نظرية أو حتى فلسفة على قرائن واهية هكذا ؟ وهل يجوز بعد ذلك أن يتمادى البعض حتى لينكر وجود الله بسبب هذه النظرية المدمرة ؟ لقد عثر في السنوات الخيرة على أثر في جاوة ظنة بعض العلماء لفترة طويلة من الزمن أنه لإنسان العصر الحديث ، ولكن بمزيد من الدراسة ، إتضح أنه بقايا قرد لا تمت للقابا الأخرى بأية صلة . وهكذا نجد كل يوم أن قرائن نظرية التطور تتحطم بتقديم الأبحاث العلمية . د – هناك مجموعة أخرى من الإكتشافات الحفرية توصل أليها العلم دارت Dart وغيره منذ نحو ستين عامل في جنوب أفريقيا ، وقد سميت هذه الصورة " أوستر الوبيشن Australobation وقد اعتقد في الصل أنه قرد شبيه بالإنسان ، ولكن انسانا حقيقيا . ويتفق الآن معظم العلماء على أن معظم قسماته كانت قسمات إنسان بما في ذلك اسنانه واستقامته فيما عدا حجم المخ والذى يصل ألى نصف حجم مخ الإنسان الحالى وبالرغم من هذا الإختلاف ، فقد جمع العالم دارت العديد من الأدلة على أن " الأوسترالوبيشن أستخدم الأسلحة وربما النار أيضاً ، وكان إنسانا بمعنى الكلمة ولو أنه بدائى جدا . وكان افراد هذا النوع صغيرة الحجدم جدا يصل طولهم ألى 120 سم فقط ، وبذلك يمكن نسبتهم إلى الأقزام المعروفين للان بأن قدرتهم العقلية أقل بكثير من تلك التى للإنسان المتوسط الذكاء . هـ - ورغم أن هناك العديد من المسائل التى يمكن مناقشتها في هذا المجال ، إلا أن تلك التى عرضناها يمكن اعتبارها أقوى الأدلة على موضوع تطور الإنسان . وقد شهدت السنوات الأخيرة عددا من الأخطاء ، فمنها مثلا عظمة ركبة الفيل المكتشفة في جاوة سنة 1926 والتى ظنوا لبعض الوقت أنها جمجمة " بيتيكا نترويس ايركتاس " وكذلك " الهيبروبيثكس " التى عثر عليها في نبراسكا سنة 1922 والتى اعتمد عليها بشدة كدليل قاطع على قدم افنسان . ومن ثم قدمها أصحاب نظرية التطور على أنها شهادة مؤكدة لا يرقى أليها الشك في موضوع التطور أثناء " محاكمة التطور " الشهيرة التى عقدت في مدينة تينيس سنة 1925 . ثم بعد ذلك بعامين فقط ، تم العثور على الهيكل الكامل والذى ثبت أنه لخنزير منقرض . و – ربما كان اكتشاف هياكل حفرية لإنسان العصر الحديث في أماكن متفرقة من العالم حدثا ذا دلالة قوية ، إذ أن هذه الهياكل حملت من الأدلة على أنها في بعض الأحيان أقدم من تلك التى اعتبرت أقل تطورا ، ومن أشهرها يذكر أنسان جالى هيل وإنسان جريمالدى وإنسان فوكسهول وغيرهم والتى لا يمكن تمييزها عمليا عن الإنسان الحالى ، والتى مع ذلك تقدم الدليل على أنها أزمنة جيولويجدة لا تقل عن تلك التى للأنواع الكثر بدائية . فإذا بنا نفأجا أن البعض من أكبر علماء الحفريات الحاليين ، يلجأون ألى حيلة جديدة يحورون النظرية بها بحيث تفترض هذه النظرية الآن أن الإنسان الحالى عاصر ، بل عاش ، مع انسان نياندراتال Neandartal وغيره ، وأن كلا منهما يمثل سلالة مختلفة نشأت من سلف لم يكتشف بعد . ففى مقابل كل ذلك ، لا يوجد دليل حقيقى واحد على النظرية المنطقية جدا بأن إنسان نياندارتال وإنسان بكين ( عاصمة الصين ) وغيرهما إنما سلالات إنقرضت . وهكذا من كل ما تقدم نستطيع بكل ثقة أن نؤكد عدة حقائق : 1 – تؤكد كل الحقائق التى مرت بنا القاعدة التى أشير إليها عدة مرات ألا وهى أن القانون العاغم في علوم البولوجيا ليس هو قانون التطور ألى أفضل " الإرتقاء " لأنه ، كما رأينا ، لا توجد أدلة على أن هناك عمليات تطور إلى أفضل . " إرتقاء " ، بل بالأحرى هناك عمليات انحلال ، وعلى أحسن الفروض ، هناك نوع من الإستقرار أو الثبات . 2 – يتضح لنا أيضا أن قانون الإنحلال هذا والذى يؤدى إلى زيادة فى النتروبيا ، هو قانون عام تخضع له العمليات الفيزيائية والكيماوية على وجه التأكيد أن وأيضا تخضع له العلميات البيولوجية . وقد أقلقت هذه الحقيقة أيضاً أنصار التطور على درجة أنهم حشدوا في السنوات الأخيرة بعض البحوث للتوفيق بين نظرية التطور والقانون الثانى في علم الديناميكا الحرارية ولكن دون نجاح يذكر . وهل بعد كل هذا يوجد إنسان على وجه البسيطة يتمسك بنظرية التطور وينكر وجود الله خالق الكل ؟ .... نعم يوجد !! ... " قال الجاهل في قلبه لا إله " ( مز14 : 1 ) . المصادفة والاجتهاد وما خفى فهو كثير ةالفكر بجهاد ولكن بجهاد ولكن يبقى العالم مليئا بالأسرار . * الإيمان ضرورى للعلم والدين : - مر زمن حين كان بعض الناس يحرضون بعضهم على أن لا يصدقوا ألا ما يرونه بأعينهم ويحرضون البسطاء على ان يذكروا وجود الله ما داموا لا يرونه وكنا نتسائل في دهشة اى أله هذا الذى يخضع للاختبار والفحص من مخلوقاته وما هم العلماء بوجود كائن عقلى لم يروا وذلك هو الاثير فلا يحق لهم أن يعترضوا علىالإيمان بوجود الله بحجة انهم لم يروه ويقولون كيف يجمع الهكم بين المتناقضات بين الرحمة الواسعة والعدل المطلق وكيف يكون كلى الاحسان وشديد الانتقام وهم في نفس الوقت يؤونون ان الاثير ارق ومن اى غاز واصلب من الفولاز وانه غاز متخلل وفي الوقت نفسه غير قابل للأنضغاط لسنا نذكر ذلك للحط من قيمة المعلومات المتعلقة بالاثير وغيره من المعلومات المتعلقة بباطن الأرض مثلا وكثير مما نؤمن به ولا نراه فالإيمان ضرورى وحيوى فى العالم وبدونه لا تنمو شجرة المعرفة كذلك الأيمان ضرورى لقبول المعلومات الدنية وتصديق الخبار المؤكدة التى وردت على لسان اهل البر والتقوى والمعرفة لقد اعتاد النقاد وليس بعضهم من العلماء ان ينزل من كرامة رجل الدين حين يرونه يعالج بعض مشكلاته ويحرجونه في تعليلها او يصفونه بالجهل والتأخر أذا رفض ان يجاريهم في التسليم بما يرى هو انها نظريات ناقصة او لا زالت قيد البحث والتمحيص مفتقرة الى الاثبات مثل نظرية تطور الانسان الى قرد وبعضها التى ينسبها البعض الى السيد / تشارلس داروين CHRLES DARWIN الذى لم يسلم بها مطلقا أذ لابد من حلقة بينهما والحلقة مفقودة وهذه القضية ان أجمع عليها العلماء فليس في الدين مانع من قبولها – ولنا عودة الى هذا الموضوع وما أجمل العالم المتدين وما أجمل المتدين العالم .
التاريخ الكتابى والميثولوجيات المتعدة
في البداية ينبغى ان ننوه إلى أنه قد شاعت بين الأمم المتباينة جنسا والمتباعدة مكانا من قديم الزمان ، حكايات وروايات ، تحاول تفسير الأصول والظاهر . وبدراسة هذه المأثورات الشعبية نجد انها تحتوى على عنصر أصيل في هه الأساطير الشعبية القديمة ، يؤكد أخذه من وحى الكتاب المقدس ، وليس نقل الكتاب المقدس – كما يزعم أبناء الظلمة – عن هذه الأساطير . كما أن وحدة هذا الأصل بين الجماعات البشرية المتباعدة جغرافيا ، بعدا شاسعا والتى لا يوجد بينها ادنى تقارب ، يبرهن على وجود قبس اول من الحق الإلهى ، ثم مالبس هذا القبس ان توارى ، في تصورات الأمم المختلفة حتى تلاشى فى ظلمات الوثنية . هذه الأساطير والخرافات ( الميتولوجيا 9 توضح الفارق المميز الرئيسى بين بساطة الوحى الألهى في الكتاب المقدس ، وبين التلفيق والتصنع الوثنى . وقد تعرضت الميتولوجيات ( الأساطير ) لأمور شتى ، وردت في سفر التكوين ، ونشكر الله الذى أتاح لنا الان هذا الكم الأثرى الغزير لكتابات الشعوب القديمة والتى أمكن خلال السنوات القليلة الماضية من معرفة لغتها وفك طلاسمها وبالتالى دراستها اثريا ، نشرها للجمهور . لنرى هنا بعضها منها : ( 1 ) خلق العالم :أ – توجد بالمتحف البريطانى الآن ، ألواحا أشوية خزفية ، اكتشفت سنة 1840م بالقرب من الموصل في العراق ، ضمن مكتشفات خزانة تل كوينجك ( نينوى القديمة ) مكتوب عليها بالحراف الأسفينية ( أى السهمية ) وتحكى هذه الألواح قصة الخلق ، حسب تصور الكلدانيين ، ويرد فيها وضع ( نورين ) في السماء ، وان الأرض كانت أولا خالية من البشر والحيوانات وان " الإله ذو الوجه الشريف ، جعل أن يكون اثنان " وعين يوما مقدسا .. والقارئ العادى يستطيع أن يلمح على الفور عند قراءة هذه الأسطورة الفارق الجوهرى بين نفس الوحى الإلهى في أسفار التكوين ، وبين هذه الأساطير ، كما يتضح بالتالى ضحالة عقول هؤلاء الذين يقولون ان اخبار العهد القديم منقولة عن الأساطير القديمة ؟ لأنه واضح وجلى ان موسى – رغم أنه عاش في هذا الوسط الفكرى – لم ينقل عنه هذه التصورات الوثنية العديدة ، فلم يقل مثلاً أن الأرض معلقة على قرن ثور فوق سلحفاه عائمة ؟ ولم يقل أن الأرض عبارة عن لحم الإله المقتول الذى تصارع معه إله آخر فغلبه وقتله ، وخلق من لحمة المتناثر الأرض لم يقل ... ألخ . وكون موسى يولد فى هذا الوسط الفكرى ويعيش ويتهذ " بكل حكمة المصريين " ثم يكتب ما كتبه في سفر التكوين ، وهو أيضا برهان من البراهين الخارجية على الوحى بالأسفار الألهية . أما هؤلاء الذين عن خبث يحاولون التغرير بالبسطاء بقولهم ان هذه القصص الكتابية منقولا عن أصول ومبادئ موجودة في أساطير الأمم ، فأننا نوجه لهم سؤالا واحدا فقط ، وانتم ماذا تقولون عن الحق ؟ لو قلتم كما قال الكتاب المقدس ، فهل تكونون مشتركين معه في نفس المصدر ( وهو الأساطير ) ؟ .. وإذا قلتم خلاف ما قاله الكتاب الألهى ، فسيكون كلامكم نقلا عن من ؟ .. قطعا لن يكون الله في هذه الحالة ، إذ سيأتى الكلام نصا وفصا مع هذه الأساطير القديمة المهجورة والمخفية بحذق عن أذهان العامة !! ب – ومن المدهش حقا أننا نجد ضمن الآثار الأشورية هذه ، صحيفة ورد فيها تقسيم الوقت إلى أسابيع ، وتقديس يوم السبت ، حيث تقول " في اليوم السابع ، هو عين ، يوما مقدساً " وكشفت صفائح أخرى أن السبت الكلدانى كان يراعى بالتدقيق . وواضح ان شيوع هذا اليوم بين الأمم من يونانيين وصينيين ومصريين ورومانيين وبرابرة ، وهى شعوب لم تكن بينها وبين العبرانيين ، أدنى اتصال ، لهو من أعظم الأدلة على وجود الوحى الإلهى الشفاهى الأول ، قبل كتابة الأسفار الألهية ، لذى تلاشى والندثر بين التصورات الوثنية للشعوب . ( 2 ) آدم ، وجنة عدن :أ – وأيضا أشرات الألواح الأشورية الى أصل الجنس البشرى ، فذكرت وجود زوجين أصليين من البشر " أن يكون اثنان " خلقهما " الإله ذو الوجه الشريفط وقد أمدتنا مخلفات الشعوب الوثنية بالسجلات التى توضح لنا أساطير هذه الأمم الغابرة عن أصل الجنس البشرى . لقد كشفته لنا هذه الآثار أنه رغم التباين المكانى والزمانى الشديد بين هذه الأمم من المصريين والأشوريين شرقا الى هنود امريكا الشمالية غربا .. إلى أن حديثا شائعا ساد هذه المم جميعها عن أن اٌنسان صنع اولاً " من تراب الأرض فالكدانيون ( سكان منطقة العراق الآن القدماء ) ذهبوا إلى أن الإنسان الأول " ناتج من الأرض " وأطلقوا عليه لفظ " ادمو " او أدامو " .. وهو لفظ يطابق تماما اللفظ العبرى الذى أطلقه سفر التكوين على الأنسان الأول وهو آدم " و يعنى هذا اللفظ في العبرانية " تراب احمر " وهو المادة المصنوع منها . والمصريون ذهبوا الى ان الإنسان مصنوع من " طين النيل " على دولاب الفخارى ( انظر الصورة الشعرية لدى اشعياء النبى ) . والهنود الحمر بامريكا الشمالية ذهبوا ألى أن الانسان الأول مصنوع من تراب الأرض . وهكذا ردتت الميثولوجيات البشرية صدى الحق الألهى الأول ، الذى اعطى لابينا آدم ، ثم تبدد بين أرجاء المسكونة . فبينما تتفق هذه الميثولوجيات في المادة التى صنع منها الإنسان ، وهى تراب الأرض وليس الميبا التى ذهب إليها العقلانيون في القرن الـ 19 م ! في تكسية هذه الأمم ، من حيث تعدد الآلهة ، وتصور حةارات وصراعات معينة بين الآلهة بعضها وبعض .... الخ . ب – لم تحدثنا العاديات عند آدم فقط ، بل تعرضت أيضاً لموضع جنة عدن . فنحن نجد في سفر التكوين " وغرس الرب الإله جنة عدن .. " ( تك2 : 8 ) ثم يذكر أنه " كان نهر يخرج من عدن ليسقى الجنة . ومن هناك ينقسم فيصير اربعة رؤوس اسم الواحد فيشون . وهو المحيط بجميع أر الحويلة .. واسم النهر الثانى جيحون .. واسم النهر حداقل .. والنهر الرابع الفرات " ( تك2 : 10 – 14 ) . هنا تحدثنا مرة أخرى الكتابات الأسفينية الأشورية المستخرجة سنة 1840 م من مكتبة أشور بانيبال في كوينجك عن موقع جنة عدن هذه . فقد ذكر السيد هنرى رولنسون وجود منطقة جنوبى غربى بابل القديمة ، بالعراق الآن ورد ذكرها فى هذه الكتابات الكيونيفورمية لتغلث فلاسر ( تجلث – بالاسر ) الثنى الذى عاش في ايام آحاز ملك يهوذا ( حوالى سنة 754ق. م ) باسم ( كان ادن ) أو ( كاندونى ) وقد دعيت ايضا هذه المنطقة ( كرودنياس ) ومعناها " جنة رب الأراضى " وهذه المنطقة تعرف الان في العراق باسم " عدن " في أقليم بابل . ليس هذا فقط ، بل ذكرت الألواح الأشورية أيضاً أن أرض ( كردونياس ) أو ( كان ادن كانت تسقيها أربعة انها : الفرات ، وحداقل ، ( دجلة اليوم ) وأكنى وسورابى . ثم نشر العلامة الألمانى فردريك ديلتشك سنة 1882م مقالة بعنوان أين " موقع الفردوس " أكد فيها أبحاث العلامة هنرى رولنسون ، وذكر فيها أنه اكتشف قائمة في بابل بأسماء الأنهار الرئيسية التى كانت معروفة قديما ، ومن بينها نهر فيشانو ( = نيشون في العبرانيى ) ، وجيحانو ( = جيحون في العبرانية ) وبذلك زالت حيرة العلماء بشان منابع النهار الأربعة المحيطة بجنة عدن والخارجة منها . وقدمت الأحجار صدى الصوت الألهى في سفر التكوين ، عن وجود أربعة أنهار تسقى جنة عدن ، رغم اختفاء أسماء بعضها عبر التاريخ ، ورغم تغير الوضع الطبوغرافى للمنطقة ، على نحو دفع البعض ألى الحيرة . وهكذا لا يفسر عدم الفهم بما هو ضد الأسفار الألهية . فما لا يفهم اليوم يمكننا فهمه بسهولة إذا بتقدم العلوم وتزايد المكتشفات الأثرية . وعدم توافر الأدلة الآن على شئ وارد في الكتاب المقدس لا يدفعنا ألى تكذيب الكتاب ، بل بالأحرى ما ثبت صدقه كاف لأن يجعلنا نثق ثقة تامة في كله . ( 3 ) وبعد أن غرس الله جنة عدن ، وجبل الإنسان الول من تراب الأرض ، وضعه فيها لينعم بخيراتها : وهنا أيضاً نجد أن تقاليد الشعوب الوثنية جميعا تتفق على حالة السعادة الكاملة والبرارة التامة التى كان يعيش فيها أبوينا ، فى ربيع دائم وأرض خصبة مثمرة بدون انقطاع الأمر الذى انعكس في خرافة العصر الذهبى الذى انشغل الشعراء القدماء بوصفه . كما تحدثنا الألواح الأشورية المكتشفة ، عن حالة النقاوة هذه ، وعن العبادة التى كان يمارسها الإنسان الأول . ( 4 ) السقوط : أ – يحدثنا الأصحاح الثالث من سفر التكوين ، عن تجربة الشبطان لأبوينا الأولين واسقاطهما . ونعلم من الكتاب المقدس أن الشيطان أخذ شكل الحية . هذه الحادثة أيضاً يتردد صداها في الميثولوجيات القديمة للشعوب . فالأساطير اليونانية تتحدث عن اقتحام تلتيتانيين والجبابرة للسماء ومحاربتهم لزفس غله الآلهية لينزلوه عن عرشه . فالقاهم من فوق إلى جهنم حيث يعذبون بنار دائمة . وفى بابل اكتشف عمود بابلى قديم موجود الآن بالمتحف البريطانى في لندن ، يرجع تاريخه إلى سنة 2500 ق . م منقوش عليه شجرة في الوسط وعن اليمين يجلس رجل وعلى رأسه قرنان ، وعلى اليسار تجلس امرأة ترتدى على رأسها شبه قبعة نسائية . وكل متهما يمد يده كأنه يقطف ثمرة من الشجرة . وخلف المرأة تنتصب حية قائمة عموديا كأنها تتحدث إلى المرأة . وهكذا يعكس هذا الرسم الكلدانى في بساطة صدى صوت تجربة الخبيث لأمنا حواء . كذلك نجد صدى أخذ الشيطان صورة حية ، يتردد في أساطير الشعوب القديم الأخرى . ففى الثار الفرعوينة ، رغم عبادة بعض المناطق للحية – ربما لدرء خطرها – غلا أننا نجد صورة لآلهة مسلحة بحراب تطعن بها جسد افعى . وهذا يعكس ما جاء في ( تك3 : 15 ) " واضع عداوة بينك ( الحية ) وبين المرأة وبين نسلك ونسلها . هو يستحق رأسك ، وأنت تستحقين عقبة " بل أن " سحق رأسى الحية " واضح في الآثار اليونانيى أيضاً حيث نجد على تيجان الأعمدة في الهياكل القديمة ، رسما لأحد آلهة اليونان ( فرشنو ) يهرس رأس الحية تحت قديمة ، وتلك الحية تلسع عقب الغالب " . وصارت الحية رمزا للشر والنجاسة بين الأمم . حتى في الدب الشعبى العربى ، نجد قصص سندباد المشهورة تصور الشر بصورة حية هائلة لا تزحف على الأرض فقط بل وتطير في الجو . وأن البشر ينتظرون " مخلص " يقهر هذه الحية ، يأتى ويطارد هذه الحية ويتعقبها ويطعنها بسيفه بكل قوة ، و " يخلص " البشر من " شرها " !! ب – دخول الشر الى العالم بواسطة عصيان حواء ، ينعكس أيضاص في التاريخ الأدبى للشعوب الوثنية . فيحدثنا الأثنينيون عن باندورا التى اعطاها زفس علبه مغلقة وأمرها أن لا تفتحها ولكنها رغبت ان تعرف ما فيها ففتحتها ، فخرج منها إلى العالم كل الشرور وصارت سببا لشقاء كل الجنس البشرى ، لكن بقى في أسفل العلبة الرجاء . تأمل هنا مسألة الرجاء في الحصول على شئ ما وعد به ، وطال انتظاره !! ج – وتظهر أيضاً مسألة فساد الطبيعة البشرية بسبب الخطيئة الأصلية في كتابات الأدباء والشعراء الوثنيين القدماء . وهذكا تعكس الألواح الأشورية المكتشفة في خزانة كوينجك ظل السقوط وتوضح أنه ظل مبسوطا على سائر الأمم ، وتتحدث عن زمان البرارة والسلام الأصلى ونتائج الخطية والعناء المحزنة . ( 5 ) شجرة الحياة ، وسيف اللهب : ولم تتحدث الآثار البابلية عن الحية والمعصية فقط ، بل أيضاً عن شجرة الحياة . فنجد ضمن الآثار المستخرجة من قصر نمرود قرب الموصل ، رسما أشوريا لشجرة الحياة . ويذكر لايارد أنه قد وجد هذا الرسم مرارا كثيرة مرسوما على ألواح نينوى ، ومحروسا بصورة مجنحة ، مما يعكس عبارة .
شـــــهـــــادة الأركيولوجيا" فأجاب وقال لهم اقول لكم أنه أن سكت هؤلاء فالحجارة تصرخ " ( لو19 : 4 ) مقدمة : اركيولوجيا ، اصطلاحا معناه حاليا علم الاثار . وهو يهدف – بمفهومه المستعمل الآن – إلى إعادة تشييد الحياة اليومية للشعوب القديمة ، فى شتى نواحيها ، من واقع الأشياء التى تخلفت عنها ، سواء أكانت هذه الأشياء أدوات أو أسلحة أو مبانى أو مقابر أو بقايل الإنسان أو الحيوان ، بما في ذلك فك طلاسم لغات هذه الشعوب ، والتى قد تكون – وهو الحادث فعلا – لغاتا غير مستعملة الآن ، ومن هنا تحظى النصوص المكتوبة على الأحجار أو الألواح الطينية أو أوراق البردى أو جلود الحيوانات .. وخلافها باهتمام هذا العلم . ومن الطريف ان تعلم ان حب الإنسان لاستطلاع المضاى ليس بالأمر الحديث . فقد احتفظ المصريون القدماء بسجلات لتواريخهم . وفعل بالمثل البابليون . وفى العصر الاغريقى جال هيرودت في ربوع البلاد بحثا بحماس ، عن تاريخ الشعوب الكثيرة التى أتصل بها كذلك كان تيودور ( ديودور السيسلى ) وسترابو ربلينى جميعا مهتمين بمعرفة الماضى .. وقد خلف لنا هؤلاء الرحالة المؤرخين كتاباتا تاريخيا ، بالاضافة إلى ما كشفت عنه الحفريات الأثرية الحديثة من دفائن . لقد بدأ هذا العلم بصفة عامة يخطو خطوات طويلة بعد اكتشاف حجر رشيد سنة 1799م وفكلا طلاسم اللغة الهيروغليغية على يد شامبليون الفرنسى سنة 1837م من جهة واكتشاف صخرة بهيستون سنة 1835م ، وما أسفر عنه من فك طلاسم اللغة الآشورية ، ثم اكتشاف حجر موآب سنة 1869م والتعرف على اللغة الفينيقية . وبذلك شهد النصف الثانى من ق19 طفرة كبيرة في مجال الحفريات الأثرية ، مما أدى إلى اتساع مجال على الآثار ، وتقدم مطرد في بحوثه الجبارة . ومع تقدم علم الأركيولوجيا ونمو أساليبه العلمية في القرن الحالى ، تفرغ منه اركيولوجيا الكتاب المقدس . أى علم الآثار الذى يهتم بالأحداث والمواقع والشخصيات والاصطلاحات الخاصة بالشعوب الواردة في الكتاب المقدس . الأمر الذى يتطلب من عالم الآثار هنا المامل دقيقا بكل من العلمين : علم الأركيولوجيا بصفة عامة ، وعلم دراسة الكتاب المقدس بصفة خاصة . وقد شهد هذا الفرع ( أركيولوجيا الكتاب المقدس ) أيضاً طفرة جبارة في هذه السنوات الخيرة ، حيث تك اكتشاف العديد من المعالم الأثرية . والنقوش والكتابات القديمة التىساهمت في القاء المزيد من الأضواء على الحداث الوارد ذكرها في الكتاب المقدس عن طريق أعادة كتابة تواريخ الأمم التى عاصرت شعب الكتاب ، من واقع المعابد والمدافن والعمدة والنصب والحجارة والألواح والمسلات والدفئن والزيجورات وسائر المخلفات البشرية التى اكتشفت ، ومازالت تكتشف لهذه الشعوب . ومع زيادة الاكتشافات ، واتساع نطاقها جغرفايا ، تزداد المعرفة التاريخية العلمية بالماضى السحيق وضوحا وجلاءا . بوالتالى تقترب هذه النصوص المكتشفة من الحق الإلهى المعلن في الكتاب المقدس ، وتساعدنا على فهم ما قد عسر علينا فهمه في الكتاب المقدس . الأركيولوجيا والحق الألهى : وكان من نتائج هذه الطفرة الكبيرة في أركيولوجيا الكتاب المقدس ، فى السنوات القليلة الماضية ، أن تهاوت تلقائيا اعتراضات الملحدين والعقلانيين التى أثاروها في القرنين السابع عشر والثامن عشر قد الكتاب المقدس ، باسم العلم . وهكذا – كما سنرى – صحح العلم نفسه بنفسه ، وظل الكتاب المقدس ، كتاب الحق الإلهى ، صخرة راسخة تتحطم عندها أعتى الرؤوس . والكتاب المقدس باعتباره كتاب الحق الألهى ، ليس في حاجة إلى شهادة اثبات بصحته ترد إليه من الخارج ، ومع ذلك فإن الدراسات الأركيولوجية لها فوائد لدارس الكتاب المقدس كما أنها لا تخلو من اثارة شيقة . إذ تكشف لنا هذه الدراسة عن مدى الدقة العجيبة ، حتى فى الإشارات العابرة التى وردت عرضا في سياق الحديث في الأسفار الإلهية ، رغم تباعدها الزمنى وتباين كاتبيها . وقد برهنت هذه الدراسات أيضاً على أن هذه الافتراءات على الكتاب المقدس لا تعوج في حقيقة الأمر إلى تقييم موضوعى دقيق لمجريات الأحداث وللتاريخ الكتابى كما يزعمون ، بل إلى تحيزهم المطلق الأولى ضده . فمن ناحية اثبتت المخطوطات المكتشفة سلامة النصوص الموجودة تحت يدنا الآن . ومن ناحية أخرى أثبتت الحفريات والكتابات المنقوشة على الجدران والنصب والمسلات والأعمدة والأحجار ، صحة ما ورد في الكتاب المقدس من أحداث ومواقع وشخصيات وعلى أية حال لا ينبغى ان نفهم من دراستنا لهذه البراهين ، ان الكتاب المقدس يحتاج الى اثبات . ولكن هذه الدراسة تساعدنا على فهم الحقائق المذكورة فيه فهما افضل ، بما تلقيه من أضواء على الظروف التى كتبت فيها هذه الأحداث . كما تعلمنا هذه الدراسة ان ما نراه خطا في الكتاب المقدس ، لا يعود الى ادنى نقص فيه وانما الى جهلنا نحن ، وقصور معرفتنا فاذا ما تقدم العلم ، صحح نفسه وازال جهله ، واعترف بقصورة السابق ، وسجد لإله الكتاب المقدس بكل احترام وخشوع وعبادة ، كما سنرى . ومن هنا الإتفاق او الاختلاف بين الأركيولوجيا من جهة وأحداث الكتاب المقدس من جهة أخرى ، لا يكون تأييدا أو نفيا لصحة الكتاب المقدس وعصمته ، وانما علامة على نمو المعرفة البشرية الحالية ، وتمكنها من قراءة تاريخ الماضى البعيد بدرجة أكفأ ذلك أن اتفاق التاريخ البشرى المستخلص من واقع المخلفات الأثرية المكتشفة مع التاريخ الوارد في الكتاب المقدس ، لا يعود مثلا إلى زيادة ايمان علماء الآثار المعاصرين ، بل يعود في الحقيقة الى تقدم وسائل البحث والتنقيب ، ونمو المعرفة الخاصة باللغات القديمة نتيجة للتقدم العلمى من مناهج البحث والادوات المستخدمة وزيادة كمية المكتشفات زيادة كبيرة مما امكن من تكوين فكرة أشمل وادق عن تاريخ الشعب أو المكان المطلوب . وهكذا كلما ازدادت دقة الاستخلاص التاريخى من المخلفات ، كلما اقترب علم الآثار من الحقائق الثابته الموجودة اساسا في الكتاب المقدس . المخلفات .. والكتاب المقدس : ومع زيادة المكتشفات والمخلفات والدفائن ، التى فتحت الأرض فاها ولفظها في السنوات الماضية ، فى مجال اركيولوجيا الكتاب المقدس ، تهاوت مزاعم أعداء المسيحية واعداء الكتاب المقدس ، من تلقاء ذاتها دون ادنى عناء . وما كان غير مقبول ولا منطقيا ولا عقليا !!! حسب زعم هؤلاء الكافرون في الكتاب المقدس ، شهدت الأحجار الجامدة بصحته " وصرخت " بأعلى صوت مسبحة ذلك الذى أملى على عبيده الأطهار وكتبته القديسين ما سجلوه في كتابنا النفيس . فالصفائح والأعمدة الآشورية ، والقرميد البابلى ، والآثار المعمارية والبرديات المصرية والمواقع الجغرافيا والمدن المكتشفة في سائر بلاد أحداث الكتاب المقدس من بابل ونينوى في العراق الآن ، الى فيلا في مصر ، عبر فلسطين وسوريا . وسئناء والكتابات الهيروغليفيه والكيونيقورمية ( أو المسمارية ) واليوجارتيه والفينيقية المنقوشة على أنواع الجماد ، بل وحتى شذات كتابات المؤرخين المعاصرين لأحداث الكتاب المقدس من غير المؤمنين به ، جميعا رغم تباعدها الجغرافى الشاسع وتباين جنسيات أهلها واختلاف أزمتها اختلافا كبيرا ، جميعها اتفقت بشكل عجيب في شهادتها للكتاب المقدس إيجابيا ، على نحو اعجازى تنحسر امامه اشر العيون . فلقد كشفت هذه المخلفات عن الارتباط الداخلى المذهل لحداث الكتاب المقدس بعضها مع البعض في وحدة موضوعية مذهلة رغم فارق الأجيال المديدة التى بين حدث وآخر ومكنت هذه الدراسات صغار النفوس من فهم كتابتها المقدس وتقديره في نفوس أعظم من ذى قبل . وبينما أراد أعداء المسيحية فتن بسطاء الإيمان فى كتابهم المقدس ، بزعم العلم والعقل !! والعلم نفسه برئ من خبثهم ومكرهم ، هبت الأحجار المدفونة منذ قرون مديدة في باطن الأرض ، لتنطق بأعلى صوت وتكرر للحق الإلهى المعلن في الكتاب المقدس ، شاهدة لكلام الله المكتوب فيه ، الموحى به إلى شهود صادقين أطهار . ولأن الكتاب المقدس ليس له سيف مصقول من معدن ولا رمح او خنجر فقد رتبت الله العالم ببواطن الأمور ، أن تلفظ الأرض ، فى الوقت المحدد مدفوناتها التى احتفظت بها عبر مئات القرون ، لتدافع عن الكتاب المقدس ضد هؤلاء الكافرين ذوى الامراض النفسية مهما تستروا وراء العقل والمنطق والعلم .. وقام العلم نفسه من خلال الحجار بتعليمهم كيف يكون الايمان . وفي هذا يقول عالم الاثار اليهودى نلسون جلويك " لم يحدث قط أن ناقض اكتشاف أثرى واحد ما ورد في الكتاب المقدس بل ان التاريخ الكتابى صحيح تماما بدرجة مذهلة خصوصا عندما تشهد له الحفريات والآثار " أى عندما يتمكن العلماء من كشف الحفريات الخاصة بهذا الحدث أو ذات ويرون مدى التطابق المذهل . ويشهد وليم أولبرايت احد عظماء علم الآثار " أن علم الآثار القديمة قد أكد صحة تاريخ العهد القديم ، فلقد انهدمت جميع الشكوك التى ظهرت خلال ق18 م او ق19م ضد الكتاب المقدس . وجاء علم الآثار القديمة ( الاركيولوجيا ) ليؤكد قيمة الكتاب المقدس كمرجع تاريخى " وبالطبع رغم انف المكابرين والمتطاولين على الحق الألهى الذى فيه . ويقول فرديك كنيون أن علم الآثار ، قد اعاد إلى الجزء الذى تعرض للهجوم سلطانه ، وكشف الخلفية التاريخية له . على الرغم من أن علم أزكيولوجيا الكتاب المقدس لم يصل بعد إلى نهاية اكتشافاته . فكما يقول وايزمان هناك الآلاف من المواقع الكتبية فى فلسطين والعراق وغيرها ، لم يتم الكشف عنها بعد . بل هناك حوالى مليون مخطوطة لم ينشر معظمها بعد ، والقليل الذى عرف منها ، سلط الاضواء على الكثير من الشعوب القديمة التى عاشت قبل موسى بمئات السنين ، وفى أماكن بعيده عن أرض فلسطين بمئات الاميال . وهذا القليل الذى عرف من هذا الكم الغفير برهن على ان الاسفار المقدسة كتبت بأصبح الله . وكاف لاقناع العقل الخاضع للإيمان ، بصحة ودقة الكتاب المقدس وعصمته من أدنى زلل . وفى ضوء هذا الكم الغفير من المخلفات الآثرية القديمة المكتشفة ، من دفائن وخبايا وانصاب ( جمع نصب ، وهو عبارة عن حجر يقام تخليدا لانتصار عسكرى ما أو لأثبات مرسوم ملكة ما ) ، ونقوش قديمة مستخرجة من على جدران المعابد أو المقابر او البرديات والرقوق ، وشقناتا ومعادن مختلفة ، وأطلال وخرائب ... في ضوء كل هذا امكن إعادة كتابة تواريخ المم الغابرة ، التى شهدت الحداث التاريخية الواردة في الكتاب المقدس . وعلى هذا الأساس ، ووفقا لنتائج الدراسات الأركيولوجية ، يمكننا تقسيم دراستنا فى هذا البرهان إلى مبحثين رئيسيين : أولاً : التاريخ الكتابى والتواريخ الوضعية ( الدينونة ) ثانيا : التاريخ الكتابى والميثولوجيات المتعددة .
التاريخ الكتابى والتواريخ الوضعية من واقع المخلفات الأثرية
ليس فقط شهد المؤرخون الوثنيون في القرون الأربعة الأولى ، لأحداث الكتاب المقدس بل ان التاريخ الوضعى العام ( ونقصد به التاريخ غير الكتابى ) لسائر البشر في بلاد أحداث الكتاب المقدس ، كما كشفت عنه المخلفات الأثرية فى هذا القرن ، قد شهد بدقة الاشارات الواردة في الكتاب المقدس إلى الأماكن والأحداث والشخصيات ، بل والعادات والاصطلاحات التى كانت سائدة في زمن كتابى هذه الاسفار الألهية . ( أ ) نماذج من حفريات تبرهن على صحة أحداث العهد القديم :
نريد ان نتعرض الآن بشئ من التفصيل لبعض الأحداث التاريخية الواردة في أسفار العهد القديم في علاقتها بالتواريخ المستخلصة من الكتابات والنقوش التى تظهرها الآثار والمخلفات القديمة ، بصفة خاصة وما سجله أيضاً المؤرخون القدماء القريبون من زمن الأحداث الكتابية ، والتى وصلتنا مؤلفاتهم . لنرى هل كذبت الاثار المعمارية والمخلفات الدقمية ، ما اورده كتبة العهد القديم ، أم أن الأحجار قامت نيابة عن البشر الجاحدين فى الازمنة الأخيرة لتدافع عن صدق الكتاب وعصمة كاتبيه ورحيه المقدس : ان دراسة الآثار القديمة المكتشفة في أشور وبابل ومصر ومولاب من حجارة وصخور وهياكل وعواميد ، قد أمدتنا بتواريخ مفلصة لهذه الأمم والشعوب ، وكنتنا من دراسة التاريخ الكتابى في ضوء هذه الكتابات في ضوء هذه الكتابات ، والنقوش على نحو يكفى لاقناع كل ذى عقل سليم . فما يذكره الكتاب المقدس او يشير إليه من قيام ممالك وسقوطها واعمال ملوك وصفاتهم ، وتوراث حدثت في العالم ، وعصور مشهورة ، نجد ان الخبار المسجلة على الصخور والأحجار وجدران المعابد والمدافن القديمة ، التى وصلتنا تنفق معها اتفاقا عجيبا ، وتمج الله الذى اوحى بكتابة إلى انبيائه المكرمين . لنأخذ الآن بعض الأمثلة ، من الأحداث الواردة في العهد القديم ونرى ماذا قالت عنها المخلفات الآثرية ، المكتشفة حديثا : ( 1 ) الطوفان : حدث أن قام أحد الملحدين في الغرب ، وقدم نظرية تقول " بوحدة الطبيعة ... " وتذهب إلى أن قصة الطوفان العبرية ، تعتمد على أسطورة سرمرية لاسند لها واساس تاريخى !! وظن انه بذلك هز ايمان المسيحيين بكتابهم المقدس واعتقادهم بأن العالم قد دمر ذات يوم بفعل طوفان هائل ( تك6 : 8 ) . ولان المسالة هنا تعود الى العلم ذاته ، لا الى صدق الكتاب المقدس ، الذى لا يحتاج الى اثبات من خارج ، لنه هو الاثبات ذاته . فقد مضت السنوات عهلى هذه النظرية ، ثم ما لبث السير ليونارد وولى – وباسم العلم ذاته 0 أن عثر أثناء تنقيبه سنة 1927 م بالقرب من مدينة " اور " – في العراق الآن – على حفرة بها طبقات صلصال طينية صلبة بارتفاع ثلاث أمتار ، وأسفلها وحدت آثار لاستيطان آدمى ، الأمر الذى لا يمكن أن يحدث ما لم يكن هناك كارثة طوفانية رهيبة . ومن ناحية اخرى إذا فرضنا أن حادثة الطوفان كانت خرافة سرمرية ، نقلها موسى النبى إلى العبرية !! فكيف نفسر – كما تسءل الجيولويجون – الظواهر التالية : أ – وجود بقايا حيوانات من أنواع مختلفة في بيئات مختلفة ، بكميات هائلة مدفونة معا في أماكن متعددة في كل انحاء الأرض . بل حتى في أماكن لا تعيش فيها أطلاقا ، مثل وجود بقايا حويانات بحرية لا تعيش ألا في أعماق المحيطات في صخور على قمم الجبال ؟ وحيوانات تعيش في المناطق الحارة ، توجد بقايا لها في المناطق القطبية ؟! ب – كيف نفسر ظاهرة " الجبال البحرية " وهى عبارة عن جزر غارقة تحت المياة مثل " اتلانتا " الغارقة تحت مياة المحيط الأطلنطى ؟! ج – كيف نفسر وجود طبقات صخور اقدم عمرا فوق طبقات صخور احدث عمرا ؟! ومعروف في علم الآثار وعلم الجيولوجيا أن ترتيب الطبقات بعضها فوق بعض يكون ترتبا زمنيا يبدأ من الأقدم ، فالأقل قدما ، فالقديم فالحديث فالأحدث ولا تفسير للعكس إلا بانقلاب غيرعادى حدث في قشرة الكرة الأرضية . وهكذا ليس هناك إجابة على هذه التنساؤلات – حتى على العصيد العلمى – إلا بالتسليم بوجود الطوفان كحقيقة تاريخية ، حدثت في حقبة تاريخيه معينة ( ليونارد وولى مكتشف هذه الطبقات في " أور " الكلدانيين يقدرها بـ4000 سنة قبل الميلاد ) وأنه حتى من الناحية العقلية ، التلسيم الإيمانى بذلك يعطى راحة اكثر من الزعم بأنها أسطورة . ومن ناحية أخرى ، فإن أبحاث السلاح البحرى الأمريكى ، بواسطة غواصات الأعماق قد أكدت أن مستوى الماء كان يوما منخفضا كثيرا ، عن مستواه الحالى . ناهيك عما تثبته الحفريات من اثباتات اخرى لظاهرة الطوفان في مناطق أخرى مثل سومر وآكاد .. وخلافها . اما عن اصداء القصة الكتبية في الأساطير الشعبية ، فسنتعرض لها في البحث الثانى . ( 2 ) الموطن الأصلى لبنى اسرائيل : أثناء سيادة اليتاريات الالحادية والمادية في الغرب ، وتبنى مشايعيها في الشرق لهذه التيارات ، ذهب البعض إلى أن آباء سفر التكوين ، أنما هم من خلق خيال الكتبة العبرانيين ، بعد انقسام مملكة سليمان ، وأنهم لم يكونوا اشخاصا حقيقيين . ولكن مع تقدم الحفريات الأثرية منذ 1925م اثبتت الاكتشافات صدق التقليد الكتابى الذى يقول أن أصل بنى اسرائيل يرجع إلى بلاد ما بين النهرين ، وذلك عن طريق تتبع أثار حركة هؤلاء الناس في خروجهم من هذه البلاد . كما امكن الاستدلال اثريا ، على مواقع المدن التى نزح منها واليها ابراهيم أب الآباء ، وأمكن التعرف على معظم المدن المذكورة فى حركة تنقلاته . فمدينة حاران ، على سبيل المثال ، المدينة التى نزح إليها ناحور أيبو ابراهيم ، رغم أنها الآن قرية صغيرة تقه شمال شرق دمشق ، على مسافة حوالى 450كم ، إلا أنها كانت مدينة تجارية هامة ، تقع على الطريق الرئيسى للقوافل من بابل الى آسيا الصغرى . ويقول العالم الأثرى د. البرايت ، أنه لاشك في أن التقليد العبرى صادق ، فى قوله ان آباء العبرانيين جاءوا من وادى بالخ في شمالى غرب بلاد ما بين النهرين ذلك ان الحفريات الأثرية اثبتت ان الأباء كانوا من القبائل الرحل ( النوماديين ) الذين سكنوا عبر الأردن وسوريا وحوض الفرات ، وشمال الجزيرة العربية في القرون الأخيرة من الألف الثانية ، والقرون الأولى من الألف الأولى قبل الميلاد . وأن هؤلاء الباء كانوا أشخاصا حقيقيين ، وليسوا من وحى الخيال ، كما ذهب الماديون في ق19م ، ومشايعوهم من أعداء الكتاب المقدس . ( 3 ) مدن نمرود : جاء في الكتاب المقدس في ( تك10 : 10 ) أن نمرود الذى يعتبره البابليون مؤسس مملكتهم ، وقد أسس ثمانية مدن في ارض شمعاو ( اى بلاد بابل ) . وفعلا اكتشف علماء الحفريات هذه المدن ، ليس على سبيل الحدس والخمين ، بل بالعثور على مخلفات اثرية عليها نقوش تفصح بجلاء عن هذه المواقع ، ومن ضمنها عثور الصير او لستن لايارد الانجليزى سنة 1845م في وسط اطلال مدينة كالح ، على تمثال لثور مجنح باسم " الصياد الجبار " الذى يعتبر اشارة الى نمرود ، كما قيل عنه فى الكتاب " جبار صيد امام الرب " ( تك 10 : 9 ) . وهذه الاطلال تقع الان على مسافة 35 كيلو مترا جنوب شرق الموصل في العراق ، وتعرف باسم نمرود وفى برهان النبوات سنرى من ناحية أخرى ، كيف شهد خرابها للكتاب المقدس . ( 4 ) مدن اخرى : اثناء الحفريات الأثرية التى تمت في خرائب مدينة مارى ، وهى تل الحريرى الآن في العراق ، عثر على قصر بناه الملك زمرى – ليما ، وعثر في مخزن محفوظات هذا القصر على اكثر من عشرين الف لوح ، يضمن اسماء مدن قديمة . جاء من ضمنها اسماء المدن المذكورة في العهد القديم مثل مدينة حاران ، على اسم اخى ابراهيم هاران ، التى سكن فيها ابراهيم ، ومدينة ناحور على اسم أخ اخر إبراهيم ومدينة توراحى نسبة ألى تارح ابى ابراهيم ومدينة سيروح جد ابراهيم . ( 5 ) تحركات ابراهيم .. والآثار : للتبع مثلا تحركات أبينا ابراهيم ، كما وردت في الكتاب المقدس ، وما قالئه الأثار المكتشفة عن ذلك : أن اول ما يصادفنا في تاريخ إبراهيم ، أنه بعد هجرته إلى أرض كنعان ، نزل ألى مصر ( تك12 ) بسبب المجاعة ، وهناك اضطر ألى انكار زوجته سارة ، بسبب الخوف . هنا نجد أن الآثار المصرية الباقية حتى الآن ، تعطينا نقشا مبهجا على أطلال مدفن قديم يرجع إلى ذلك العصر في منطقة بنى حسن ، على بعد حوالى 150 ميل من القاهرة يظهر فيه شريف سامى وعدد من اتباعه ، حوالى سبعة وثلاثين ، ، يدخلهم كاتب الملك الى حضرة سيد عالى الشرف ، هو مشير الملك ( أو ستراس الثانى ) ومن سمات هيئتهم يتضح أنهم من جنس سامى . وسواء أكان هذا الرسم يخص مجاعة ابراهيم ، فهو يوضح لنا عادة ترحيب ملوك مصر فى ذلك باللاجئين أليها . أما عن خوف ابراهيم من أن تؤخذ امراته ، فلم يكن امرا من قبيل الأوهام ذلك أن الآثار المصرية نفسها قد تحدثت عن امر مثل ذلك ورد عرضا في القصة المصرية المعروفة بـ " الأخوين " حيث قيل أن ملكا مصريا أرسل عساكره ليمسكوا امراة جميلة ، ويهلكوا بعلها . كذلك توجد كتابة فرعونية محفوظة في برلين تذكر أن في شخصا أخذت امراـه وأولاده بحسب الجارى في العادة ، وأدخلوا ألى فرعون من الدولة الحادية عشر ، ويلاحظ أن ذلك لابد أن يكون قد حدث قبل نزول أبراهيم إلى تلك الأرض . ( 6 ) كدر لعومر : وفي تاريخ ابراهيم ، يرد اسم كدر لعومر ، ملك عيلام ، عند الحديث عن خروجه لانقاذ لوط من أسرة ( تك14 ) واسم كدر لعومر ، معناه " عبد " لـ " عومر " لأن لفظ " كدر " باللغة العيلامية ، معناه " عبد " ، و " لعومر " أسم إله عندهم كما يستفاد ذلك من الكتابات المكتشفة على الألواح البابلية . ومن هذا الحدث الوارد عرضا يظهر لنا سلطة ملك عيلام انذاك على بابل وكل مدن الدائرة حول البحر الميت ، وتحالفه مع ملك شعار ( اى ارض الكلدان ) في زمان ابراهيم أى حوالى اكثر من 2000 سنة ق. م . والعجيب ان ما يذكره سفر التكوين هنا عرضا من خلال ذكره لموضوع أسر لوط تكشف عنه دفائن نينونى ، حيث تلمح الكتابات المكتشفة الى ذلك بطريقة غير متوقعة . فتقول أن آشور بانيبابل ( ملك آشورى مشهور ) لما فتح سوسن عاصمة عيلام ( الفرس ) وجد هناك صوؤة كلدانية للإله ناتا ، فاستفسر عن سبب وجودها فعرف ان الملك ( كدرتنهدى ) ملك عيلام ، نقلها من مدينة ارك الكلدانية التى فتحها سنة 228ق. م وهكذا في الكلدانية عبارة يتعرض كاتب سفر التكوين لحقيقة تاريخية ، دون ان يقصد التركيز عليها وهى أن ملوك عيلام كانوا متسلطين آنذاك في عصر ابراهيم على بلاد الكلدان . مما يكشف عن مدى دقة عرض الأخبار في الكتاب المقدس ، حتى في الأمور العرضية الصغيرة ، على نحو يستحيل مرور الانتباه اليها . وهكذا ابرزت الألواح الآشورية الكتشفة بعد أجيال مديدة ، الحقيقة المجردة التى سجلها الكتاب المقدس . بل واعلنت اسم الغازى لهذه البلاد .. فتأمل ؟! فهل بعد هذا يتساءل عاقل عما إذا كان ابراهيم شخصية حقيقية أم لا ؟ والأحداث الواردة صحيحة أم لا ؟ لاشك أنه لا يتعامى عن رؤية الحقائق إلا كان ذى مرض في نفسه فلقد أجمع الباحثون الآثريون على أن زمن ابراهيم ، هو الزمن الذى حدده التاريخ الكتابى بالضبط ( 7 ) سدوم وعمورة : نقرأ في ( تك19 ) عن انقلاب سدوم وعمورة بسبب عظم شرها . فماذا قالت الآثار عنها ؟ تقول الاكتشافات الآثرية ، أن وادى الأردن ، بما في ذلك البحر الميت قد هبط بفعل زلزال غير عادى ، قلب الدائرة ، وما حولها إلى خراب . ويوجد فعلا في هذه المنطقة بالقرب من البحر الميت كبريت ونطرون ، وقد شهد العلامة ترستروام بان " كل الأرض هناك كبريت وملح ( نطرون ) وهى رمضاء لازرع فيها ولا عضب ويقول رئيس اللجنة الأمريكية للتنقيب ، التى قامت بدراسة هذا المكان لقد اتيتنا الى البحر ( الميت ) ونحن مختلفون في الآراء . فواحد من اللجنة كان يشك في ( صحة ) الخبر الموسوى . وآخر لا يعتقد في صحته ، ولكن بعد بحث مدة اثنين وعشرين يوما ، أن لم أكن مخطئا ، اتفقنا ( جميعا ) في الاقتناع بصحة النبأ المقدس عن خراب مدن تلك الدائرة " . هذه هى دراسات الآثريين الخاصة بمنطقة سدوم وعمورة ، ولكن .. من ناحية اخرى عثر ضمن المخلفات الآشورية سنة 1890م ، وايضا على لوح مكتوب بلغتين ، ورد فيه ما يلى " انقلاب اتى من وسط العمق ، القصاص المقدر من وسط نزل .. سكان المدينة جعلهم يتعذبون ، أجسادهم افناها في المدينة وفى البلاد من الموت واللهب إذ صعد خربت " لاحظ كيف يعتبر هذا اللوح الكلدانى الخراب وكيف يذكر اللهب والنار كفاعلين للخراب . ويرد في بقية اللوح كلمة انقلاب كإشارة الى " الكارثة " التى حلت بهاتين المدينتين . ولم تتحدث الآثار والكتابات الشعبية المكتشفة عن هذه الحادثة فقط . بل تحدث عنها أيضاً المؤرخون القدماء القريبون من هذا الحدث . على نحو في البحث الثانى . ( 8 ) مغارة المكفيلة : يحدثنا سفر التكوين عن موت ساره المحبوبة . وشراء ابراهيم مغارة المكفيلة لدفنها فيها ( تك17 : 23 – 19 ) وبعد برهة من الزمان ، صار مدفن ممرا هذا قبرا لإبراهيم نفسه ( تك25 : 9 ) ثم ما لبثت المغارة أن ضمت أجساد اسحق ورفقة وليئة ، ويعقوب ويوسف 0 تك35 : 29 ، 50 : 2 – 12 ) وهكذا صارت حبرون ( مدينة الخليل الآن – نسبه ألى ابراهيم " خليل الله " يع2 : 23 ) مركزا للاحتفالات الجنائزية الإسرائيليى . هذه المغارة ، مشيد عليها الان مسجد الخليل . وقد بذلت عدة محاولات لدراسة هذه المغارة اثريا ، ولا سيما ائن جسدى يعقوب ويوسف محنطان ، وقد اكتشفت موميات محنطة من تاريخها . ولكن الحكم العثمانى رفض التصريح بالنزل ألى المغارة وأقصى ما سمح به الآتراك هو السماح لأمير ويلز وبعض العلماء المصاحبين له سنة 1882 م ، بالدخول إلى القسم فقط للمغارة ، داخل فناء المسجد ولقسم مقابر الرجال فقط ، على أساس أن زيارة الرجال لمقابر النساء ضد الآداب الشرقية ( حسب رأيهم ) ؟؟ وقد أمكن لهذا اللجنة عمل رسيم للمغارة المزدوجة ( المكفيلة تعنى المضاعفة أو المزودجة ) والتعرف بدقة على مداخلها الحقيقة واكتشفت اللجنة انه منذ 700 سنة ( من تاريخ زيارة اللجنة للمغارة ) على الأقل لم يطأها إنسان . ولكن بالطبع حالت حرمة الموقع دون التمكن من النزول على أسفل المغارة . ونحن في انتظار تمكن احدى الجهات الأثرية العلمية من استكمال التنقيب . سواء وجدت موميات يعقوب ويوسفق في هذه المغارة او لم توجدا ، فإن تعنت الحكم العثمانى الشديد وعدم تصريحه حتى للعلماء بالاقتراب من أبوابها ، والمكانة التى هم ، ورغم تعاقب الدول الاسلامية الحاكمة لهذه البلاد . كل ذلك يقدم دليلا قويا في صالح التقليد الكتابى ، بانه في هذا الموضوع أجساد الآباء البطاركة وزوجاتهم المذكورين سفر التكوين . كما اكتشفت اللجنة آثار كنيسة شرقية بنيت فوق المغارة في عهد الامبراطور بوسقنيان ( ق6 م ) . ( 9 ) يوسف في مصر : لنأخذ الآن سيرة يوسف البار ، في سفر التكوين ، وأصدائها في الآثار المصرية . لقد ورد في سفر التكوين ، " أن كل راعى غنم رجس للمصريين " ( تك46 : 34 ) وفى نفس الوقت لا يخفى يوسف ولا يعقوب وظيفته كراعى ، بل ان يوسف نفسه يوصى اخوته ان يذكروا وظيفتهم جهارا امام الملك قائلاً " فيكون إذا دعاكم فرعون وقال ما صناعتكم ، أن تقولوا عبيدك اهل مواشى منذ صبانا ، إلى الآن نحن وآباؤنا جميعا .. " ( تك46 : 33 ، 34 ) . فكيف يستقيم هذا التعارض ؟ كيف يجرأ يوسف وأخوته وابيه على الجهر بوظيفتهم الأصلية ، التى يعملون جيدا أنها رجس لدى المصريين ؟! أن هذا الموقف العجيب شهادة رائعة لسفر التكوين . فلقد صار من الثابت الآن لدى علماء الآثار المصرية البارزين ، أن يوسف قد دخل مصر في أثناء حكم الهكسوس ( الرعاة الأجانب ) الذين اقتحموا مصر السفلى وتغلبوا عليها وأقاموا دولتهم ، التى استمرت حوالى قرن ونصف من الزمان وهؤلاء الحكام اشتهروا بانهم رعاة من أصل سامى ، وبالتالى ينتمون على جلس يوسف ووظيفته . ومن ناحية اخرى أظهرت النقوش المصرية على الجدران أن فريقا من المصريين كانوا مشتغلين بالرعى ، مما يعنى أن هذه الوظيفة لم تكن رجس لديهم ، فكيف يقول الكتاب المقدس ذلك ؟ هذا أيضاً سهل فهمه وشرحه من الآثار المصرية ذاتها . لقد كانت كراهيتم للرعاة كراهية وطنية شديدة اضمروها نحو الحكام الهكسوس ( الرعاة ) وليس نحو هذه الوظيفة ، كما يظهر ذلك من الرسوم المصرية التى أظهرت هؤلاء الرعاة الهكسوس على أحذية المصريين القدماء ، دلاله على أن هذا الجنس – وليس الوظيفة – هو المكروة ، ويقتضى ان يداس بالأقدام . كذلك ترد كلمة وصف عابرة في سياق الحديث الكتابى ، تكشف عن الدقة المذهلة في الكتاب المقدس ، وتوضح امورا كثيرة . فالكتاب يقول " وأما يوسف فأنزل ألى مصر ، واشتراه فوطيفار ، خص فرعون ، رئيس الشرطة ، رجل مصرى .. وكان يوسف في بيت سيدة المصرى ط ( تك39 : 1 ، 2 ) فما هو لزوم ذكر جنسية فوطيفار أمام رؤساء من نفس وطنه ؟ . وهكذا رغم أن الكتاب المقدس ليس كتابا في التاريخ أو العلوم بصفة أساسية ، إلا أنه بعصمة الوحى الإلهى ، دقيقا في ذكر إشارات او تلميحات هنا وهناك وفي هذه الإشارة العابرة ، نرى ان الحكم أنذاك لم يكن وطنيا . ويخلص عالم الآثار برجش من خلال دراساته الآثرية الى أن ما ورد في الكتاب المقدس بخصوص يوسف وأحواله في مصر ، يطابق تماما العادات التى كانت سائدة في مصر آنذاك ، مكانا وزمانا ، كما يظهر من النقوش والكتابات الاثرية الخاصة بتلك الازمنة . ولنرى بعضا منها : ا – كيف يجوز لشاب غريب ، وأجنبى ، بل ورقيق أن يحوز رتبه سامية ، ويصير هو الوزير الأعظم في المملكة ، أى بمثابة نائب رئيس الجمهورية ؟؟ هذا يوضح ان الدولة الحاكمة آنذاك كانت هى نفسها اجنبية ، ولذلك صار من الممكن حدوث هذا الوضع . والتاريخ المدنى العام ، فى مصر مثلا يثبت ذلك على مدى عصور الحكم السابقة . فقد كانت كل دولة تغزو مصر تكثر من الجانب غير المصريين في الحكم ، كنوع من الضمان السياسى للدولة ، فالعباسيون يجلبون اقاربهم العرب ويعطونهم اعلى المناصب . والمماليك يجلبون مواطنيهم بالآلاف ويسندون إليهم أعلى المناصب والوظائف . والأتراك نفس الشئ ولعلنا نذكر أن من أسباب ثورة عرابى ، قصر رتب الجيش العليا على الأتراك والشركس . وهكذا يشهد التاريخ العام ، والآثار ، لأشارة عابرة وردت في الكتاب المقدس بدون تعمد لذكرها . ب – كيف يقوم فرعون آخر ، لا يعرف يوسف ؟ ( أى7 : 18 ) . الجواب هو قيام الدولة الثامنة عشر ، التى كانت دولة وطنية ، شنت حرب تحرير شاملة ، وطردت من سموهم " برص أسيا " وتعقبتهم حتى حدود الفرات وأسست امبراطورية مصرية وكان من البديهى ان تضطهد الفئات التى كانت – في نظرها – متعاونه مع الحكم البائد . تماما مثلما يحدث في أى بلد ، على الصعيد السياسى فى أى زمان . ج – ام شراء فوطيفار ليوسف كعبد ، فإننا نجد صورا في الآثار المصرية لرقيقكثيرين ، على الأطلال ليس هذا فقط ، بل ونجد إشارات أليهم أيضاً في المملكة القديمة . وليس أدل على ذلك من أنه قد ورد ضمن بنود المعاهدة التى أبرمت بين رعمسيس الثانى وبين الحيثيين ، بندا ينص على ضرورة ارجاع الرقيق الهارب الى سوريا ، الى مصر مرة أخرى . وكان الرقيق الوارد من سوريا ( المقصود بها ليس سوريا الجغرافية الآن ، ولكن البلاد المعروفة اصطلاحا الآن بالشام ) بالذات ، ثمنه مرتفعا في مصر . ومن هنا كان حرص الاسماعيليين على بيع يوسف فى مصر . والذى يشد انتباهنا جدا أن ثمن بيع يوسف هنا ، هو نفس الثمن المذكور في ( لا27 : 5 ) وهو عشرين قطعة من الفضة ، وهو المبلغ المحدد لتقييم نذر المنذور بين خمس سنين ، وعشرين سنة من العمر ويرى احد الدارسين انه لعل ذلك يعود إلى اعتبار قيمة شغلهما في المستقبل . د – اما عن السجن الذى طرح فيه يوسف والذى دعى في سفر التكوين " مكان أسرى الملك " فإننا نجد ان اللفظ العبرى المستعمل هنا ، يعنى قلعة محاطة بسور ، وهذا ما ذكره أيضاً هيرودتوس وثوسيديدس ، أنه كان موجودا في ممفيس مكانا بهذا الشكل دعاه الأهالى " القلعة البيضاء " ( ربما للون المبنى ، كما تسمع مثلا عن البيت الأبيض في زماننا ) . ولما كان فوطيفار رئيسا للشرطة ، وكان عليه بالطبع أن يكون قريبا من الملك . فإن هذا يعنى أن هذا المكان ، كان قريبا فعلا من ممفيس التى أخذت مكانا محبوبا لدى فرعون للسكن فيه . وقد وجد على بعض الاطلال هناك ، نقشا ورد فيه الاسم المذكور للسجن . كما يذكر احد المؤرخين سنة 1890م أن سجن يوسف يوجد في الجانب البحرى من سقارة ، وأنه كان مازال موجودا حتى وقته . هذا كما ورد في تاريخ احد الرحالة ، زيارته لهذا السجن ، والعثور وقتها على نقوش فرعونية تملأ جدران هذا السجن . هـ - أما عن وظيفة رئيس الخبازين ، ورئيس السقاة فتزودنا ايضاص الاطلال المصرية بصور عن عملية الطحن والخبيز . وكانت هذه الوظيفة ليست بيسيرة حيث ورد خبر مصريا ، أنه كان على رئيس الخبازين أن يورد أكثر من مائه ألف رغيف في وقت واحد ، لزوم بيت الملك . ومن المدهش العثور على خبر آخر يتكلم عن الخبز ( الذى خبز في القلعة البيضاء ) نفس المكان الذى حبس فيه يوسف . أما عن وظيفة رئيس السقاة نجد نقشا يقول " هم يعصرون العنب على ماء ، والملك يشرب " . و – أما عن الوليمة المذكورة في ( تك40 : 20 ) فلم يكن ذلك أمرا غير عاديا ، ان يحتفل ملك شرقى بيوم ميلاده . حيث تكلمت الآثار المصرية عن احتفال رعمسيس الثانى بعيد ميلاده الذى " أنشأ فرحا في السماء " كما كان أهم موضوع يتضمنه حجر رشيد هو ذكر ميلاد الملك بطليموس . ز – ويقول يوسف في سفر التكوين لرئيس الخبازين " يرف فرعون رأسك عنك ويعلقك على خشبة ، وتأكل الطيور لحمك عنك " ( 40 : 19 ) . هذا القصاص المزدوج ، وهو قطع الرأس ، ثم تعليق الجثة في مكان عام لتأكلها الطيور ويشاهدها الناس . تحدثنا الآثار المصرية أيضا عنه ، حيث لم يكن قطع الرأس معروفا لدى العبرانيين . فقد جاء في الأثار المصرية أن امنحتب الثانى علق على قاربه ذى القلوع ، أجستد بعض الملوك الذين كان قتلهم . ح – وعن المجاعة التى تحدث عنها يوسف الصديق ، نعلم من الآثار المصرية أيضا تعرض مصر للمجاعات الكثيرة . فقد عثر برجس على كتابة في مدفن قديم ، فى مكان يسمى ( ايليشيا ) أى الكعب . هذه الكتابة عبارة عن بيان بالمكاييل التى اتخذها الحاكم المحلى المدعو ( بابا ) والذى كان معاصرا ليوسف . فى هذه الكتابة وردت عبارة " والآن قام الجوع ، واستمر سنينا كثيرة " . وقد استخلص برجش من هذه العبارة أن سنوات الجوع الكثيرة التى يحدثنا عنها " بابا هنا ، لابد أن تطابق سنوات الجوع التى كانت في أيام فرعون يوسف . ونلاحظ في خطاب ( بابا ) هذا وهو حاكم لمدينة ، أنه يقول أنه خرج قمحا لكل جائع ، و وطبعا لابد أنه كان يفعل ذلك بموجب تعليمات من ذوى السلطة العليا . وهذا في حد ذاته يتفق مع ما جاء في الكتاب المقدس . عن التدبيرات التى أخذها يوسف في وقت المجاعة ( تك41 : 48 ) حيث رتب أن يجمع كل القمح إلى المدن ، وينقل الشعب من المواضع المنكوبة إليها ( تك47 : 21 ) ، حيث كان الطعام مخزونا فيها . وهكذا تردد كتابات المدافن المصرية من بعيد ، صدى ما ورد في الكتاب المقدس بأسلوب عجيب . ط – وتزوج يوسف اسنات بنت كاهن رع بمدينة أون ( هليولوليس باليونانية )( ومازالت هناك مسلة باقية إلى الآن ترجع إلى الدولة الثانية عشر . ى – تعكس كذلك الآثار المصرية صدى حديث يوسف مع أخوته ، واتهامه لهم بأنهم جواسيس ( تك42 : 16 ) فقد وصلتنا بعض البرديات ، وردت فيها التهم التى وجهها راسكتين فرعون مصر إلى سفير افافى ، وفيها يقول " من أرسلك إلى هنا ، إلى مدينة الجنوب هذه ، كيف جئت لتتجسس " وهذه عبارة غريبة لكنها قيلت في ذلك العصر . ذنبا . فقد دلت الكتاب المصرية القديمة على أن القسم بحياة فرعون كان جائزا ومستحبا ومسموحا به لذوى الرتب العليا فقط . ولهذا لم نسمع عن قصاص فرض على يوسف من جراء قسمه ، هذا مما يؤيد الشرف السامى الذى بلغة يوسف وإلا كان قد عرض نفسه للقصاص ، أما ذوى الرتب الأدنى من الضباط فلم يكن مسموحا لهم بالقسم بحياة الملك ، بل بأحد القابه الدنيا كالآبدى . وكان الرقيق الذى يتجاسر وينجس يمينا مهيبا كهذا القسم الغير جائز استعماله بين العامة ، يعرض نفسه للقصاص الصارم . ومن هذه الأخبار المصرية تتضح لنا مكانه يوسف ، والدقة المذهلة في الإشارات العابرة التى ترد عرضا في كتابنا الأنفس ، على نحو يستحيل لمزور الالتفات إلى مثل هذه الأمور . ل – وعندما سأل يوسف عن أبيه قال " أسلم أبوكم .. أحى هو بعد ( تك43 : 27 ) وهنا نلاحظ أمرا يبدو غريبا في صيغة السؤال ، فمن المتوقع أن يسأل الإنسان عن الحياة أولاً ، ثم عن السلامة ؟؟ ولكن هذا الأسلوب لم يكن خطأ من كاتب السفر ، ولم يكن تشويشا او اعتياطا بل أن وضع الصياغة المستغرب هذا ، قد صار فيما بعد ، مع تقدم العلوم الأخرىالمعاونة لفهم الكتاب المقدس ، شهادة عجيبة على اعجاز الكتاب المقدس والوحى الألهى به . فهمنا يتحدث يوسف حسب الأسلوب المصرى السائد ، والذى عايشه بالطبع اكثر من عشر سنوات على الأقل ( ما بين بيعه عبدا وحديثه مع أخوته هنا ) كيف هذا ؟ لقد وصلتنا كتابات مصرية من عصر منفثا ( أو منفتاح ) – الذى يرى كثيرون أن بنى إسرائيل خرجوا في أيامه – جاء فيها حديث لسيده مصرية متغربة في سوريا ، تخاطب صديقاتها في وطنها فتقول " أنا سالمة أنا حية " وجاء الرد عليها " جلاله ( أوسيادته ) .. فى صحى جيدة ، هو حى " فلا تقلقى نفسك من نحوه " فتأمل دقة الكتاب المقدس حتى في الأمور الصغيرة مثل هذه والتى قد حد ذاتها إحدى البينات العظمى على اثباتها . م – ومات يوسف في ارض مصر ، بوالتالى تم تحنيطه حسي العادات المصرية ، وعندما حدث الخروج ، تذكر بنو إسرائيل وصية سلفهم ، فنقلوا دثته معهم ودفنوها في شكيم ، وظلت هناك إلى أن اكتشف منذ سنوات في شكيم ( بابلس ) في الشام ، قبر قديم ، يطلقون عليه ( قبر يوسف ) وعند فتحه عثر فيه على جثة محنطة حسب طريقة قدماء المصريين ، وإلى جوارها سيف فرعونى من النوع الذى استخدمه كبار رجال الدولة في مصر القديمة . فاذا تذكرنا أن التحنيط لم يكن من عادات الإسرائيليين القدماء بتاعتا ، بل كان مكوها لديهم فلمن تكون هذه اتلمومياء ؟ . وفي قبر يحتفظ التقليد الشعبى ، رغم تعدد الأجناس والأديان على هذا الموثع ، باسم قبر يوسف " اسما له ؟؟ ( 10 ) الخروج : لا شك أنه من غير المتوقع أن نجد في الاثار المصرية خبرا يفيدنا بشكل مباشر عن الخروج . فقد كان من عادة الملوك الشرقيين – فيما عدا الإسرائليين كما سنرى – ألا يسجلوا غير انتاراتهم واماجادهم فقط . لو كن مؤلفات المؤرخين القدماء مثل بروسوس واسترابوس وديودورس الصقلى ، وغيرهم يذكرون هذا الحدث . وفضلا عن ذلك تزودنا الآثار والمخلفات القديمة بمعلومات غير مباشرة عن هذه الأحداث ، فمثلاً : أ – كشفت الحفريات سنة 1884م عن مدينتى رعمسيس وفيثوم ، المذكورتين فى ( خر1 : 11 ) في منطقة جوش في رق الدلتا ، حيث تم التعرف على بقابا مدينة ومعبده بناه رعمسيس الثانى في منطقة تعرف الآن ( تك روتاب ) على مسافة حوالى 12 ميل شرقا ، وهناك جزء كبير من أحد المناظر التى كانت على واجهة المعبد ويظهر فيها رمسيس الثانى ، وهو يذبح سوريا ، موجود الآن فى فيلادلفيا . وليس هناك مدينة أخرى ، على طول الواداى ترجع إلى هذا العصر سوى فيثوم التى هى الآن ( تل المسخوطة ) بالتل الكبير ، إلى الشرق من مدينة رمسيس الثانى . وقد أمكن أيضاً التعرف عليها من ورود ذكطر اسم معبد أتوم أو ( اتمو – با – توم ) ويقول العالم الأثرى فلندرز الذى اكتشف هذا المكان ، أنه لا يوجد شك في أن هاتين المدينتين كانتا من مدن المخازن التى بناها الإسرائيليون بالسخرة . وقد كشف العالن الأثرى لبسبوس عن لبنات مكتوب عليها اسم رعمسيس الثانى داخل الخطوش الملكى المعروف . ليس هذا فحسب ، بل عثر على لبنات تحتوى على مقادير مختلفة من التبن بعضها كثير وبعضها قليل والآخر خالى من التبن مما يردد صدى ما ورد في التوراة : الحجارة ألى ( حصن ) رعمسيس العظيم . ولاحظ اقتنران كلمة الابيرو هنا بجر الحجارة ، وفى هذا المكان بالذات ، مما يتفق مع ما ورد في التوراة . ج – وتعطينا أيضاً الأثار المصرية توضيحاً لسبب قول الإسرائيليين ، عند تذمرهم في سيناء ، أنهم تذكروا السمك الذى كانوا يأكلونه مجانا في مصر . فقد وردت في نفس الكتابى المذكورة سابقاً ، أنه وزع على الفعله كمية كبيرة من السمك . كذلك وصلتنا كتابة أخرى عن ضابط اسمه كينتيا من أنه تلقى تعليمات بشأن الزاد المطلوب للحرس وكذلك ( للابيرو الذين جروا حجارة الملك ) . د – وفي طيبة اكتشف في مدفن روسكير ، الذى قيل عنه أنه مدير المبانى العظيمة رسم على جدرانه يشير بوضوح إلى عبودية بنى إسرائيل على النحو المذكور في التوراة ، حيث يظهر عمال ، توضح هيئتهم أنهم أجانب ، وتقاطيع وجوههم تظهر أنهم سامين ويظهرون في الرسم منشغلين بعمل الطوب اللبن وأجسامهم ملطخة بالطين ، وفى جانب أخر من الصورة مسخر مصرى جالس وعصاه في يده وفى جانب ىخر رئيس بضرب عاملان . الا يذكرنا هذا الرسم بما ورد في 0 خر5 : 14 ) ؟ هـ - وعن ذكر الخروج في الآثار المصرية ، نجد احداثا ثابته ، ولا تفسير لها غلا حادثة الخروج ، رغم أنها لم تذكر صراحة . فقد ورد في التواريخ المصرية خبر توقف الغزوات الحربية ، وانحطاط القوة الملكية ، لمدة حوالى نصف قرن عقب وفاة الملك مفتاح ، وظهور مدعين ومختلسين للحكم ( لمدة سنوات ) كما جاء ذلك صراحة في بردية هراس " حيث لم يكن مدير ، وصارت البلاد مدة خاضعة لولاه المدن ، وكان الواحد يذبح الآخر . وتوقفت الأعمال العامة وتعطلت البلاد لهزة عنيفة غير طبيعية ومفاجئة ، فى نظامها السياسى والأقتصادى ، 0 ولا سيما انه كان يعتمد على السخرة ) لذلك يرجح بعض الدارسين ان منفتاح كما تظهر صفاته في الآثار المصرية ، هو فرعون الخروج ، وأن كان ذلك أمرا لم يحسم بعد .
. |
يجب فتح الصفحة ببرنامج Internet Explorer حتي يمكن تحميل المواد