|
|
اللؤلؤة الفريدة أخذ رجل أمريكي يحدق في مياه الخليج الساكنة وسرعان ما برز من الماء رأس سوداء يكسوها شعر أشيب ولمع وجه صاحبها الباسم وهو ينفض الماء عنه صاح الأمريكي "يالها من غوصة رائعة" فقال الغواص الهندي العجوز "انظر هذه" وناوله لؤلؤة كبيرة من بين أسنانه فأخذ يفحصها ويقلبها في يده بينما كان الغواص يُخرج من حزامه الجلدي لآلئ اخرى صغيرة . هتف الأمريكي "انها لكنز عظيم. لم أرَ في حياتي لؤلؤة اجمل منها " فأجاب الغواص العجوز " بل يوجد احسن منها بكثير " ثم أشار الى اللؤلؤة قائلاً: "أنظر هذه البقعة الصغيرة السوداء وهذه الفجوة الدقيقة ثم الاستطالة البسيطة في شكلها . كل هذه عيوب تشينها ولا يلاحظها إلا الخبير لكنها على العموم لؤلؤة حسنة " وابتسم مستطرداً " إن اعجابك بها يذكرني بحديثك لي عن إلهك فالناس يرون انفسهم ابراراً كاملين أما الخبير بكل شيء فيراهم على حقيقتهم " ترك الرجلان الشاطئ وسارا في الطريق المؤدي إلى المدينة فقال الأمريكي لصاحبه " صدقت . لكن الله من محبته الواسعة مستعد ان يعطي الناس بره الكامل مجاناً " فابتسم الغواص وقال " لقد قلت لك مراراً ان طريق الله هذا سهل جداً ولذلك لا اقبله . ربما اكون متكبراً . لكن لا بد لي ان اعمل للحصول على السماء " فأجابه الأمريكي وكان خادماً لله " لن تصل الى السماء ابداً عن طريق اعمالك فالطريق الوحيد الى السماء هو الإيمان بالمسيح . اذكر انك تقدمت في السن كثيراً وربما يكون هذا هو موسمك الأخير في البحث عن اللآلئ فاذا كنت راغباً في التمتع بالسماء فلا بد ان تقبل الحياة التي يقدمها لك الله في ابنه . هز العجوز رأسه قائلاً : صدقت فقد يكون هذا موسمي الأخير في البحث عن اللآلئ وعليَّ ان استعد للحياة الأبدية ، وهذا ما سأفعله تماماً هل ترى ذلك الرجل الذي يسير هناك ؟ انه احد الحجاج الذاهبين الى بومباي أو كلكتا . ها هو يسير حافي القدمين فوق الصخرة القاسية . انظر . انه كلما يخطو بضع خطوات يجثو ويقبل تراب الطريق . حسن جداً . في اليوم الأول من العام الجديد سأبدأ حجي الذي كنت افكر فيه طوال الأعوام الماضية وبفضله سوف اصل اكيداً الى السماء . سأحج الى دلهي على ركبتي ! فصاح خادم الله " ويحك أيها الرجل ان دلهي تبعد عنا بتسعمائة ميل وسوف يتمزق جلد ركبتيك ويتسمم دمك قبل ان تصل الى غرضك . لن ادعك يا عزيزي تفعل هذا ويسوع المسيح قد مات ليهبك السماء مجاناً " لم يهتز الرجل لهذا الكلام بل اجاب بصوت هادئ " انك اعز اصدقائي ولقد وقفت بجواري خلال تلك السنين الطوال وكم كنت عوني في الشدائد والضيقات . لكن حتى انت لا تستطيع ان تحولني عن طريقي للحصول على الحياة الابدية . سوف احج الى دلهي وسوف تكون الآلام حلوة المذاق لانها ستوصلني الى السماء حيث يكافئني الله " وكانا قد وصلا الى المدينة فافترقا . مرّت الأيام وحدث ذات مساء ان طرق طارق باب الخادم وفتح الباب ليجد صديقه العجوز وقد بدت على وجهه علامات الاهتمام فرحب به ودعاه للدخول لكنه رفض قائلاً : " تعال معي الى منزلي فهناك شيء ارجو ان اقوله لك ورجائي ان لا ترفض " فخفق قلب الخادم وظن ان الرب قد استجاب صلاته . اسرعا الى المنزل ولما وصلا أجلس الرجل صديقه على مقعد مريح وتركه قليلاً ثم عاد وهو يحمل بين يديه صندوقاً صغير الحجم ثقيل الوزن وجلس مقابله وابتدأ يتحدث "سوف أغادر المدينة لأبدأ رحلتي الى دلهي بعد غد " وأشار باهتمام الى الصندوق الصغير وقال : "لقد احتفظت بهذا الصندوق سنوات عديدة وبداخله لؤلؤة سأخبرك بقصتها فقد كان لي ابن وحيد وكان يعمل غواصاً وكان أمهر باحث عن اللآلئ في هذه البلاد لهذا كان مصدر فخري واعجابي . وقد كانت كل امنيته في هذه الحياة ان يجد لؤلؤة مثالية تفوق كل اللآلئ المعروفة وفي ذات يوم تحققت أمنيته وعثر على اجمل لؤلؤة رأتها عين انسان . ولكن يا حسرتاه كان قد امضى فترة طويلة في العمق فمات على الأثر " واحنى العجوز رأسه وانهمرت الدموع من عينيه " لقد احتفظت بها طوال هذه السنين لكني الآن سأذهب ربما بلا رجعة فاليك يا اعز الاصدقاء أهدي هذه اللؤلؤة" وفتح الصندوق المحكم واخرج لفافة كبيرة فضها بعناية واخرج لؤلؤة رائعة لم ترى عين اجمل منها ووضعها في يد صديقه . أخذ المبشر يحدق في اللؤلؤة الرائعة مدهوشاً صامتاً ثم رفع عينيه الى صديقه قائلاً : "ان هذه اللؤلؤة ثمينة نادرة دعني اشتريها منك . سأعطيك ثمنها " فأجابه الهندي العجوز بحزم " هذه اللؤلؤة لا تقدَّر بثمن ولا يملك انسان في الوجود من المال ما يعادل قيمتها في نظري . انني لن ابيعها وسأهديها خاصة لك " فرد عليه صديقه "كلا ، انني لن أقبل هذا وبقدر ما انا راغب في اللؤلؤة بقدر ما ارفض قبولها مجاناً . ربما اكون متكبراً لكن ينبغي ان ادفع ثمنها أو اعمل لك شيئاً مقابل الحصول عليها " علا الحزن وجه الغواص العجوز وهو يقول " أنت لا تفهم ما أعني . قلت لك ان ابني الوحيد بذل حياته في سبيل الحصول على هذه اللؤلؤة ولن ابيعها بأي ثمن فقيمتها عندي تعادل قيمة ابني . لا استطيع ان ابيعها لكن ارجوك ان تقبلها لأجل محبتي لك " بهت خادم الله وصمت قليلاً وفجأة امسك بيد صديقه العجوز وقال بصوت منخفض " يا عزيزي . إن أقوالك لي هي عين ما يقوله الله لك " فنظر العجوز اليه مستفسراً ، فقال ألم أقل لك ان الله يقدم اليك الحياة الأبدية هدية مجانية ؟ " انها عظيمة القدر لا مثيل لها لا تقدر بثمن وكل مال العالم لا يعادل قيمتها في نظر الله . لقد بذل ابنه الوحيد حياته ليهبك إياها وكل ما عليك ان تعمل هو ان تقبلها هدية من الله لك . اني يا صديقي أقبل الآن لؤلؤتك بكل تواضع وشكر راجياً ان اكون مستحقاً لمحبتك . أفلا تقبل انت ايضاً بتواضع عطية الحياة الأبدية عالماً انها قد كلفته بذل ابنه الوحيد لاجلك " فاضت الدموع غزيرة من عيني الرجل العجوز . لقد زالت الغشاوة من على عينيه وفهم كل شيء . مضت فترة صمت واخيراً قال الغواص " لقد أدركت كل شيء والآن اؤمن بأن يسوع المسيح بذل حياته لاجلي واني اقبله بكل قلبي" " هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 3 :16)" شكراً لله على عطيته التي لا يُعبَّر عنها " (2كورنثوس 9 :15)قصة يومية من الموقع الرسمى لنيافة الأنبا مرقس رقم الانترنت الكنسي المجاني 07773330 عائد هذا الرقم مخصص لدعم خدمة الانترنت الكنسي
|
|