البصيرة الداخلية أهم
اغتاظ الوالى إذ رأى شماسا شابا يسند كثير من المعترفين على احتمال الآلام من أجل إيمانهم بالسيد المسيح . أراد الوالى أن ينكل به . وإذ عرف أن الشماس محب للقراءة فى الكتاب المقدس والكتب الكنسية أصدر أمره بفقء عينيه . وقام الجند بذلك فى قسوة وبتشفٍ ظانين أنه حتما ستتحطم نفسية الشماس
بعد قليل ألتقى الوالى بالشماس فوجده متهللا بالروح ، فتعجب جدا . وإذ دخل معه فى حوار قال له الشماس : " إننى لست أعرف كيف أشكرك ! كنت أقرأ بعينى لعلى أتعرف بالأكثر عن أسرار إلهى ، وها أنت فقأت عينى فوهبنى إلهى بصيرة داخلية . الآن أقرأ الكثير بعينى قلبى ! عوض العينان الجسديتان أتمتع الآن بعينين روحيتين ! لقد عرفت الكثير وتمتعت بأمور سماوية لم يكن ممكنا للكتب أن تكشفها لى ! "
دُهش الوالى ، وصار يتساءل : ماذا أفعل بهذا الشماس ؟ فقأت عينيه فرأى بقلبه الأمور التى لا تُرى ! أرسلته إلى الحبس فحوله إلى سماء مملوءة فرحا وبهجة وتسبيحا . إن عذبته يفرح لأنه يشارك مسيحه آلامه . إن قتلته يُسر بالأكثر لأنه مشتاق أن يرى إلهه . تُرى ماذا أفعل ؟ "
يذكرنى هذا بلقاء القديس أنبا أنطونيوس الكبير مع القديس ديديموس الضرير الذى فقد بصره فى الرابعة من عمره إذ سأله القديس أنطونيوس : " هل تحزن يا ديديموس على فقدانك بصرك ؟ " صمت القديس ديديموس . فكرر الأنبا أنطونيوس السؤال للمرة الثانية وأيضا الثالثة ، وإذ لم يجب الأنبا ديديموس ، قال له انبا أنطونيوس " أتحزن يا ديديموس لأنك فقدت بصرك الذى يشترك فيه الإنسان مع الحيوانات وحتى مع الحشرات ، ولا تفرح أن الله وهبك بصيرة داخلية تشترك فيها مع الملائكة والسمائيين ؟ ! .
إذ أقتنيتك اقتنى الفرح الحق ، ليس من يستطيع أن ينزعه منى . بك تتهلل نفسى يا شهوة قلبى ! ماذا يستطيع العالم أن يفعل بى ؟ فى مرضى أرى يدك الشافية لنفسى ، وفى آلامى أدخل فى حوار معك أيها المتألم ! إن حرمت حتى من بصيرة الجسد ، تهبنى بصيرة الروح فأراك ! إن اقترب إلىّ الموت تنفتح أمامى أبواب الفردوس ! إن حرمنى العالم من حيراته ، اقتنيتك يا غنى نفسى ! بك يكمل فرحى . أتطلع إلى الماضى فأراك تحول أخطائى لخيرى ، وأنظر إلى الحاضر فأجدك فى أحضانى ، وأترقب المستقبل بتهليل إذ أنت قادم إلى حتما !
قصة يومية من الموقع الرسمى لنيافة الأنبا مرقس
رقم الانترنت الكنسي المجاني
07773330
عائد هذا الرقم مخصص لدعم خدمة الانترنت الكنسي